بعد صراع مع التمويل... إذاعة بي بي سي العربية تعلن وفاتها
كانت بي بي سي تعاني من أزمة تمويل على مدار السنوات السابقة، وتعالت في الآونة الأخيرة من مسؤولين حكوميين ضرورة البحث عن مصادر تمويل أخرى بديلة عن الرسوم الإجبارية التي تفرض على البريطانيين

السياق
وداعًا "هنا لندن" وداعًا بي بي سي.. هكذا تنوَّعت كلمات الرثاء على وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالإذاعة البريطانية الشهيرة بلغتيها العربية والفارسية ستغلق "أستوديوهاتها" للمرة الأخيرة، كما أن هناك خططًا لخفض 382 وظيفة في جميع أنحاء خدمتها العالمية، وذلك لأسباب مادية.
في حين ستعتمد الخطط الحالية على تسريع العروض الرقمية وزيادة تأثيرها مع الجمهور في جميع أنحاء العالم.
وبحسب الجارديان، فإن "بى بى سى" ستواصل بث إذاعتها باللغة الإنجليزية على الصعيد العالمي كهيئة إذاعية على مدار 24 ساعة.
وأكدت بي بي سي -نقلًا عن الجارديان- على أنه في ظل التغيرات الجديدة ستتضمن المقترحات انتقال سبع خدمات لغوية أخرى إلى الرقمية فقط، مما يعكس نجاح الخدمات الأخرى التي تقدم بالفعل خدمات رقمية بحتة وتؤدي أداء جيدًا مع الجماهير.
مشيرة إلى أن ما يقرب من نصف جميع خدمات اللغات البالغ عددها 41 خدمة ستكون رقمية فقط مضيفة إلى أنه ستواصل العمل بجميع اللغات والبلدان التي توجد فيها حاليًا، بما في ذلك اللغات الجديدة التي تمت إضافتها خلال توسعها في عام 2016. مؤكدة على أنها لن تغلق أي خدمات لغوية.
"أماكن الخطر"
ونوَّهت إلى أنها ستواصل الخدمة العالمية بمهامها خلال "لحظات الخطر" وستضمن للجمهور في بلدان مثل روسيا وأوكرانيا وأفغانستان الوصول إلى الخدمات الإخبارية الحيوية، باستخدام منصات البث والتوزيع المناسبة".
وكانت بي بي سي تعاني من أزمة تمويل على مدار السنوات السابقة، وتعالت في الآونة الأخيرة من مسؤولين حكوميين ضرورة البحث عن مصادر تمويل أخرى بديلة عن الرسوم الإجبارية التي تفرض على البريطانيين.
وتغطي المبالغ المالية التي يتم تحصيلها من رسوم الرخصة نفقات برامج بي بي سي وخدماتها، بما في ذلك التلفزيون والإذاعة، وموقع بي بي سي، ونشرات البودكاست، وخدمة "آيبلاير" والتطبيقات.
وتدفع الأسرة التي تمتلك جهازًا تليفزيونًا ملونًا رسومًا قدرها 159 جنيهًا إسترلينيًا.
وتم تجميد تلك الرسوم؛ ففي يناير من هذا العام قالت وزيرة الثقافة البريطانية في حكومة بوريس جوسون نادين دوريس إنَّ الإعلان المقبل بخصوص رسوم بي بي سي لامتلاك جهاز تلفزيون، سيكون الأخير- وإنه حان الوقت للبحث في طرق جديدة لتمويل وتسويق "المحتوى الثقافي البريطاني العظيم"، مضيفة "الأيام التي كان يتعرض فيها كبار السن للتهديد بالسجن وقيام محضري المحكمة بطرق أبوابهم" قد ولَّت.
وقال أمول راجان، محرر الشؤون الإعلامية في بي بي سي في تحليل له: "هكذا مع بلوغ بي بي سي عامها المئة، تنقلب الحكومة البريطانية رسميًا ضد رسوم الترخيص باعتبارها أفضل وسيلة لتمويلها".
في حين تتعرض بي بي سي لضغط مالي وإبداعي هائل من جانب عمالقة في البث مثل أبل وأمازون.
مشيرًا إلى أن مستقبل الشبكة يعتمد فوق كل شيء على مدى قدرتها على إقناع جيل الشباب بدفع رسوم من أجل الحصول على خدماتها.
اللغات والخدمات
وقالت الشبكة البريطانية، في بيان لها إن خططنا تهدف لإغلاق 11 خدمة لغوية- الأذربيجانية والبرازيلية والماراثية والموندو والبنجابية والروسية والصربية والسنهالية والتايلاندية والتركية والفيتنامية.
وأكدت على أنه ستنضم سبع لغات إلى الخدمات الرقمية، وهي الصينية والغوجاراتية والإيغبو والاندونيسية والبيدجين والأوردو واليوروبا.
كما ستتوقف الخدمات الإذاعية بالعربية والفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية، والإندونيسية، والتاميلية، والأردية.
"سمعة بي بي سي"
من جانبها قالت رئيسة نقابة الإذاعة البريطانية، فيليبا تشايلدز "تشعر النقابة بخيبة أمل لرؤية التغييرات المقترحة على الخدمات التي أعلنتها الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية ".
وأضافت: "في حين أننا ندرك أن بي بي سي يجب أن تتكيف لمواجهة تحديات المشهد الإعلامي المتغير، فإن العمال هم الذين يتضررون مرة أخرى من القرارات السياسية التي تتخذها الحكومة بشكل سيئ". مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى التداعيات المحتملة على سمعة بي بي سي على مستوى العالم، ستؤثر هذه المقترحات بشكل مباشر على الأشخاص الموهوبين والمتفانين الذين يعملون بجد لتقديم خدمات إخبارية مهمة".
وتعدّ بي بي سي العربية أكبر وأقدم خدمة إعلامية تطلقها بي بي سي بلغة غير الإنجليزية، وقد واصلت تطورها منذ انطلاقها في 3 يناير الثاني عام 1938.