برلمانية تعتصم داخل البنك وآخر يطلق النيران.. ماذا يحدث في مصارف لبنان؟

حوادث اقتحام البنوك في لبنان لم تعد تتم بشكل فردي أو استثنائي إذ أعلنت جمعية المودعين اللبنانيين، أن عملية اقتحام أخرى، حصلت في فرع بنك الاعتماد في الضاحية الجنوبية.

برلمانية تعتصم داخل البنك وآخر يطلق النيران.. ماذا يحدث في مصارف لبنان؟
سينتيا زرازير

السياق

العادي في لبنان الآن هو حوادث اقتحام البنوك والاعتصام بداخلها، ليس فقط من مواطنين عاديين، ولكن وصل الأمر إلى بعض الساسة والمشرعين... واقعة جديدة شهدها مصرف شمال بيروت كانت بطلته البرلمانية اللبنانية سينتيا زرازير، حيث قررت الاعتصام بعدما رفض بنك بيبلوس فرع انطلياس منحها جزءًا من وديعتها لإجراء عملية جراحية بعد مطالبات متكررة منها دون جدوى، وهو ما اضطرها للاعتصام، مشددة على أنها لن تخرج إلا إذا حصلت على أموالها، في وقت احتشد فيه مجموعة من المواطنين خارج البنك تضامنًا معها، رغم أنَّ المبلغ المودع في حسابها ليس كبيرًا ويقدر بـ8 آلاف دولار. البرلمانية اصطحبت محاميها معها وهو ما أكَّد بدوره على أن المطالبة بالأموال جاءت في ظروف طارئة قائلًا: "نحن أمام حالة إنسانية".

إطلاق نيران

حوادث اقتحام البنوك في لبنان لم تعد تتم بشكل فردي أو استثنائي إذ أعلنت "جمعية المودعين اللبنانيين"، أن عملية اقتحام أخرى، حصلت في فرع بنك الاعتماد في الضاحية الجنوبية لبيروت، في حين أطلق مسلح النار على واجهة "بنك بيروت" في مدينة جبيل ولاذ بالفرار.

هذه الحوادث الثلاثة كانت اليوم فقط وحتى كتابة هذه السطور وفي أمس الثلاثاء جرت 4 حوادث اقتحام كلها لمودعين يريدون جزءًا من مدخراتهم الدولارية ووفق أقوالهم، كلها لأسباب اضطرارية وإنسانية وسبقهم سبع حوادث مماثلة الشهر الماضي دفعت بالمصارف إلى إغلاق فروعها لأسبوع، قبل أن تعيد فتح أبوابها جزئيًا وسط إجراءات أمنية مشددة، مستعينة بمجموعات خاصة لحراسة فروعها، إضافةً الى قوى الأمن. وبات غالبيتها يستقبل الزبائن بناء على مواعيد مسبقة.

رجل أمن متقاعد

قبل يوم أقدم مودع غاضب على دخول مصرف شرق لبنان يحمل سلاحًا ناريًا، للمطالبة بتحويل مبلغ لابنه المقيم في أوكرانيا.. واقتحم المودع علي ديب الساحلي صباح الثلاثاء فرع مصرف "بي إل سي" في مدينة شتورة في منطقة البقاع "شرق"، وبحوزته سلاح، مطالبًا بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها 24 ألف دولار، وفق ما أعلنت جمعية "صرخة المودعين" وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم.

الساحلي وهو رجل خمسيني متقاعد من قوى الأمن الداخلي سبق له أن توجه إلى المصرف لمرات عدة من أجل تحويل مبلغ مالي قدره 4430 دولارًا بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانا، وبعدما رفض المصرف منحه المبلغ، أقدم على اقتحامه، واحتجز رهائن داخله". وفي وقت لاحق، أوقفت القوى الأمنية الساحلي بعدما تمكن أحد الأشخاص في المصرف من سحب السلاح منه.

 ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي أن ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب. وأكّد رفضه الخروج من المصرف قبل حصوله على كامل وديعته

وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيودًا مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئًا فشيئًا، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصًا تلك المودعة بالدولار الأمريكي أو تحويلها إلى الخارج. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.

وينظم أهالي الطلاب في الخارج تظاهرات دورية للمطالبة بالسماح لهم بتحويل مبالغ لأبنائهم.

 القصة الأكثر شهرة

ومن بين حالات كثيرة للاقتحام تبقى قصة المودعة سالي حافظ التي اقتحمت المصرف الشهر الماضي هي الأكثر شهرة، خاصة بعد انتشار دوافع فعلتها بأن هدفها كان الحصول على الأموال سعيًا لدفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان.

 إذ وصفها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي "بالبطلة" بعد تداول صورة تظهر فيها وهي تحمل مسدسًا بينما تقف على مكتب أحد موظفي المصرف.

وتُعتبر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان الأسوأ في تاريخه، وبات أكثر من ثمانين في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.

ويتزامن مع الوضع الاقتصادي الحرج ظروف سياسية بالغة التعقيد يعجز فيها اللبنانيون عن الخروج من النفق المظلم الذي وقعوا فيها بشكل معمق بعد حادثة انفجار مرفأ بيروت.

وفي منطقة الحازمية قرب بيروت، يعتصم مودع بطريقة سلمية داخل مصرف، مطالبًا برفع سقف السحوبات المتاح له شهريًا.

وشهدت قاعات الانتظار في المصارف منذ بدء الأزمة المالية إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين بتعليمات إداراتهم.