هل تنجح قطر في احتواء انتقادات ملف حقوق العمال قبل كأس العالم؟

قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن قرار تنظيم أكبر حدث رياضي على كوكب الأرض في بلد معروف بسجله السيئ في مجال حقوق الإنسان، يثير قلقًا غير مسبوق.

هل تنجح قطر في احتواء انتقادات ملف حقوق العمال قبل كأس العالم؟

ترجمات – السياق

أقل من 50 يومًا، تفصل عشاق الدائرة المستديرة عن الحدث الرياضي الأكبر في العالم، الذي ستستضيفه دولة قطر هذا العام، وسط جدل كبير حول مدى أهلية الدولة الخليجية في استضافة كأس العالم، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

كانت غارديان كشفت في تقرير سابق، أن آلاف العمال المهاجرين، الذين ساهموا في بناء ملاعب كأس العالم في قطر "أجبروا على المغادرة دون الحصول على حقوقهم كاملة".

وقالت الصحيفة البريطانية، إن بعضهم أُخطر بضرورة المغادرة حتى قبل انتهاء عقد عمله، بينما لم يتقاض آخرون رواتبهم الأخيرة أو علاواتهم كاملة، وفق تعبيرها.

 

سجل سيئ

ورأت غارديان، أن قرار تنظيم أكبر حدث رياضي على كوكب الأرض "في بلد معروف بسجله السيئ في مجال حقوق الإنسان"، يثير قلقًا غير مسبوق بين الدول المتنافسة.

وأشارت إلى أن أغلب المروجين للمسابقة يتحدثون عنها باعتبارها "حدثًا فريدًا من نوعه"، فقط لأن مباريات البطولة ستقام قبل وقت قليل من احتفالات أعياد الميلاد، بينما نُظمت جميع البطولات السابقة في الصيف، ويتغاضون عن الرد على انتقادات حقوق الإنسان التي طالت البلد المضيف مؤخرًا في أكثر من مرة، وذلك بعد أن تناولت منظمات وجماعات حقوقية مزاعم انتهاكات لحقوق المهاجرين وحقوق العمالة المشاركة في بناء ملاعب كرة القدم وغيرها من المرافق والمنشآت اللازمة لتنظيم البطولة.

وحول بعض الردود الدولية بشأن حقوق هؤلاء العمال، استشهدت الصحيفة بما أعلنه الاتحاد الدنماركي لكرة القدم- بالاشتراك مع شركة هامل للملابس الرياضية في الدنمارك- الأسبوع الماضي، بشأن تصنيع زي رياضي للاعبين المشاركين في المسابقة باللون الأسود بالكامل إحياءً لذكرى العمال المهاجرين الذين قضوا حتفهم أثناء تشييد البنى التحتية الرياضية، طوال السنوات التي سبقت النهائيات.

فيما أعلن قائد فريق منتخب إنجلترا لكرة القدم هاري كين أنه سيرتدي شارة ذراع تحمل ألوان الطيف عليها عبارة "حب واحد" كرمز لمعارضته التمييز في هذه الدولة التي تُجرم ممارسات المثلية الجنسية.

أيضًا -حسب الصحيفة البريطانية- وجه الاتحاد الألماني لكرة القدم دعوى إلى أحد المثليين ليعتلي المنصة أثناء أحد المؤتمرات ويوجه سؤالًا للسفير القطري لدى برلين عن حقوق مجتمع الميم في قطر، لكن عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني أجاب بأن الحديث عن قضايا حقوق الإنسان يشتت الانتباه عن البطولة نفسها.

 

غير كافٍ

ورأت غارديان، أن الإيماءات البارزة من قِبل شركات كبرى مثل "هامل" -للرد على حقوق الإنسان في قطر- تعد أفضل بكثير من لا شيء على الإطلاق.

وأضافت: "كرة القدم لعبة عالمية، وذات شعبية كبيرة في الشرق الأوسط، لكن ليس هذا هو الطريق للدفاع عن حقوق الإنسان".

ووفقًا للافتتاحية، تزعم السلطات القطرية، أنها استجابت للضغوط لإصلاح الظروف الاستغلالية الوحشية للعمال المهاجرين، لكن حتى الآن، لم يظهر على السطح إجراء قريب من الواقع سوى مقترح إنشاء صندوق تعويضات لمن تعرضوا لانتهاكات من العمالة المهاجرة في قطر أثناء الاستعدادات لاستضافة كأس العالم، سواء الناجين منهم أو الموتى.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم ما أجرته قطر من إصلاحات في هذا الشأن استجابةً للضغوط الدولية، يبدو أنه لا يزال هناك انتهاكات لحقوق العمالة من المهاجرين، لافتة إلى أن قطر ألغت نظام الكفالة، الذي يجبر العمالة على التبعية لصاحب عمل واحد لا يتغير، وحاولت صرف تعويضات عن الأجور التي لم تسدد إلى مستحقيها، ووضعت حدًا أدنى للأجور.

لكن وُجِد تقرير استقصائي أعدته غارديان مؤخرًا، أنه على الرغم من المبادرات والتطمينات رفيعة المستوى، لا تزال الممارسات التعسفية منتشرة على الأرض.

وبيّنت أن العمالة المهاجرة المشاركة في بناء ملعب "البيت" لكرة القدم، الذي من المقرر أن يشهد مباراة منتخب إنجلترا والمنتخب الأمريكي لكرة القدم في 25 نوفمبر المقبل، -والذين يكسبون جنيهًا إسترلينيًا واحدًا في الساعة- أُجبروا على سداد رسوم توظيف غير قانونية، وأقاموا لعدة أشهر في مساكن غير ملائمة ومكدسة.

وفي أماكن أخرى، تحدث العمال عن مناوبات مدتها 12 ساعة، وستة أيام عمل في الأسبوع، دون أجر عمل إضافي مناسب.

ورغم ذلك، إلا أن الصحيفة قالت: إن مناخ الخوف منع الكثيرين من التحدث علانية عن الظروف الصعبة التي يواجهونها.

ونقلت عن بعض العمال المهاجرين -الذين عادوا إلى ديارهم قبل انطلاق كأس العالم- قولهم: إنهم أُعيدوا قبل إنهاء عقودهم أو دون تلقي كل الأجور التي يستحقونها.

وحسب الصحيفة، فقد وجد استطلاع أجرته شركة يوغوف -شركة دولية على الإنترنت مختصة بأبحاث الأسواق ومقرها في المملكة المتحدة- مؤخرًا، بتكليف من منظمة العفو الدولية، دعمًا كبيرًا لصندوق تعويض العمال المهاجرين الذين تعرضوا لسوء المعاملة، ولأقارب أولئك الذين لقوا حتفهم.

وتقوم منظمة العفو الدولية، إلى جانب جماعات حقوق الإنسان الأخرى، بحملة من أجل فيفا -الاتحاد الدولي لكرة القدم- لإنشاء مثل هذا الصندوق باستخدام جزء بسيط من الأرباح المتوقعة البالغة 7 مليارات دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن المبلغ المقترح يصل لنحو 440 مليون دولار - أي ما يعادل جائزة كأس العالم المفترضة-، لافتة إلى أنه بعد تردد مطول، دعم الاتحاد الإنجليزي مبدأ الصندوق، كما فعل شخصيات بارزة في كرة القدم مثل مدير المنتخب الهولندي، لويس فان غال، ومدرب البرازيل ليوناردو تيتي.

وأمام هذه المبادرات لدعم العمال، رد فيفا بالقول: إنه يفكر في الأمر، وهو ما ردت عليه غارديان قائلة: "حان الوقت للتوقف عن التفكير وبدء التصرف لمساعدة هؤلاء العمال".

كانت ماي رومانوس، الباحثة في منظمة العفو الدولية قالت للغارديان: "إنه من الأهمية بمكان بالنسبة للحكومة القطرية أن تضع حقوق العمال في مقدمة أي قرارات وأن تضمن ألا يواجه الأشخاص الذين جعلوا حلم قطر استضافة كأس العالم حقيقة".