بعد رفض إسرائيل مطالب لبنان.. هل باتت مسودة اتفاق حقل كاريش في مهب الريح؟
الأزمة في المحادثات تجعل من المستبعد للغاية أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الأول من نوفمبر المقبل.

ترجمات - السياق
واجهت المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل ولبنان بشأن النزاع الحدودي البحري، أزمة كبيرة، يوم الخميس، بعد أن رفضت إسرائيل التعليقات اللبنانية على مسودة الاتفاق وادعت أنها تمثل "خرقًا ماديًا" للنص.
وبدأت محاولات الوساطة بين البلدين قبل نحو عامين، غير أن المفاوضات توقفت فجأة قبل نحو 5 أشهر.
ويرتكز الخلاف بين البلدين على حقل كاريش للغاز، والذي تقول لبنان إنه يقع جزئيًا في مياهها الإقليمية، فيما تؤكد إسرائيل أن حقل كاريش، المرخَّص لشركة "إنرغيان" ومقرها لندن، يقع بالكامل في مياهها الاقتصادية المعترف بها دوليًا.
وفي يوليو الماضي، بعد إرسال سفينة إنتاج وتخزين تابعة لشركة "إنرغيان" إلى حقل كاريش، أطلقت جماعة حزب الله اللبناني ثلاث طائرات استطلاع مسيّرة في اتجاه السفينة، أسقطها الجيش الإسرائيلي.
لماذا مهم؟
وحول أهمية إتمام الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان، أوضح موقع أكسيوس الأمريكي، أنه خلال الأسبوع الماضي، بدا أن الجانبين يتجهان نحو صفقة، لكن هذه الأزمة الكبيرة في المفاوضات قد تؤدي إلى تصعيد عسكري بين إسرائيل وحزب الله، الأمر الذي يهدد بالحرب إذا لم تُحترم الحقوق الاقتصادية للبنان.
يدور النزاع حول منطقة متنازع عليها على البحر الأبيض المتوسط تبلغ مساحتها 330 ميلاً مربعًا غنية بالغاز وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
وأشار الموقع الأمريكي إلى أن الحاجة إلى صفقة ما أصبحت مُلحة بشكل خاص، حيث يستعد جهاز حفر كاريش، وهو مشروع غاز إسرائيلي كبير تقول إسرائيل إنه يقع جنوب المنطقة المتنازع عليها، لبدء العمل، فيما وصف حزب الله بداية الإنتاج في منصة كاريش بالخط الأحمر.
كان لبنان أرسل الثلاثاء الماضي، تعليقاته على مسودة الاتفاق إلى المبعوث الأمريكي عاموس هوشستين الذي توسط بين الطرفين خلال العام الماضي.
وقال مسؤولون لبنانيون، إن معظم التعليقات فنية، وأعربوا عن تفاؤلهم بأن هذه التعليقات لن تمنع التوصل إلى اتفاق.
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، اطلع هوشستين، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا، مساء الأربعاء، بالتفصيل على التعليقات اللبنانية.
فيما قال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين: إن أهم تغيير في مسودة الاتفاق الذي طالب به لبنان يتعلق بالاعتراف بـ "خط العوامات" كحدود دولية.
كانت إسرائيل قامت بتحديد خط العوامات -الذي يبلغ طوله ثلاثة أميال والذي يمتد من ساحل رأس الناقورة إلى البحر الأبيض المتوسط- بعد انسحابها أحادي الجانب من لبنان في عام 2000.
وحسب "أكسيوس"، كان الاعتراف بـ "خط العوامات" مصلحة أمنية رئيسة لإسرائيل ومطالبها في المحادثات، فيما أشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن "تثبيت "خط العوامات" مهم للغاية لأسباب أمنية.
وأضافوا أن الجيش الإسرائيلي عمل على طول هذا الخط من جانب واحد على مدى السنوات العشرين الماضية، والتي كان للبنان خلالها الشرعية الدولية لتحديها.
وبيّن المسؤولون الإسرائيليون أنه إذا تحرك خط العوامات إلى الجنوب، فسيسمح بخط رؤية من الجانب اللبناني إلى الساحل الشمالي لإسرائيل.
تنازلات
ونقل الموقع الأمريكي عن المسؤولين الإسرائيليين، أن الوسيط الأمريكي عاموس هوشستين "أبلغ القادة اللبنانيين أن إسرائيل مستعدة للتنازل عن أشياء كثيرة، ولكن ليس موقع خط العوامات، الذي سيتحول إلى حدود دولية متفق عليها بين البلدين".
في المقابل، أكد المسؤولون اللبنانيون في تصريحاتهم على مسودة الاتفاق، أنهم لن يعترفوا بخط العوامات وشرعيته، بحسب مسؤولين إسرائيليين وتقارير صحفية لبنانية.
وطالب المسؤولون اللبنانيون بتغيير عبارة "الوضع الراهن" في سياق خط العوامات في المسودة بعبارة "أمر واقع" بحسب المسؤولين الإسرائيليين.
وأمام ذلك، قالت إسرائيل إن هذا يُضعف الاتفاق من الناحية القانونية ويترك الباب مفتوحًا أمام ادعاءات لبنانية أخرى بشأن "خط العوامات" في المستقبل.
وقال مسؤولون إسرائيليون: إنَّ لبنان رفض أيضًا بندًا في مسودة الاتفاق يمنح إسرائيل "حق النقض" على بدء التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها.
وحسب "أكسيوس" كان هذا مطلبًا إسرائيليًا رئيسيًا للتأكد من حصولها على حقوقها الاقتصادية.
بدوره، قال دبلوماسي غربي لموقع أكسيوس: إن هوشستين يعتقد أن التعديلات اللبنانية ليست حاسمة ولن تكون عائقًا أمام أي اتفاق، لكن المسؤولين الإسرائيليين يفكرون بشكل مختلف.
فمن جانبه، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد فريق التفاوض برفض التغييرات التي يريدها لبنان.
وحسب مسؤول إسرائيلي كبير فإن لابيد "أوضح أن إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية والاقتصادية، حتى لو كان ذلك يعني أنه لن يكون هناك اتفاق قريبًا".
وحسب الموقع الأمريكي، يأتي الرفض الإسرائيلي ليلقي بالشكوك من جديد، حول إمكانية استخراج الغاز من المياه الإقليمية المتنازع عليها، بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية.
بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إنه إذا حاول حزب الله مهاجمة منصة كاريش، فإن التنظيم والدولة اللبنانية ككل سيدفعان ثمنًا باهظًا، مضيفًا: "نحن لسنا سعداء بالحرب، لكننا مستعدون لها في أي وقت".
على الجانب الآخر، قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الخميس، إن اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل له أهمية إستراتيجية لأنه سيمنع اندلاع حرب إقليمية.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون في لقاء مع وزير الدفاع اللبناني إنَّ التعليقات اللبنانية على مسودة الاتفاق تضمن أن يؤمن لبنان حقه في إنتاج الغاز الطبيعي في مياهه ويمنع التفسيرات الأخرى التي لا تتماشى مع مطالب لبنان.
وحول الخطوة القادمة، قال مسؤولون إسرائيليون لـ"أكسيوس": إنَّ الأزمة في المحادثات تجعل من المستبعد للغاية أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الأول من نوفمبر المقبل.