آخرها حقل كاريش.. هدايا بايدن لحزب الله عرض مستمر

ألحقت الحرب في سوريا خسائر فادحة بجماعة حزب الله، حيث قُتل آلاف الشباب وهم يقاتلون باسم إيران في حرب لا علاقة لها بلبنان، إلا أن قرار بايدن بوقف سياسة سلفه ترامب الضغط الأقصى أعاد الأمل للجماعة المصنفة إرهابية.

آخرها حقل كاريش.. هدايا بايدن لحزب الله عرض مستمر
جو بايدن

ترجمات - السياق

رأى الباحث الأمريكي الدكتور مايكل روبين، أن الولايات المتحدة تنتهج إستراتيجيات تمكّن الإرهابيين، وتخون الحلفاء، وذلك في معرض تعليقه على ما سماه الدور المتخاذل لإدارة الرئيس جو بايدن تجاه حزب الله اللبناني، خصوصًا بعد مزاعم الأخير بشأن حق لبنان في المياه البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل.

وأعاد روبين -زميل أقدم في معهد أمريكان إنتربرايز- في تحليل نشرته مجلة واشنطن إكزامينر الأمريكية، التذكير بعددٍ من الخدمات التي قدمتها إدارة بايدن إلى حزب الله مؤخرًا، وأولها وقف سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب مع إيران وأذرعها في المنطقة.

وقال: "لقد ألحقت الحرب في سوريا خسائر فادحة بجماعة حزب الله، حيث قُتل آلاف الشباب وهم يقاتلون باسم إيران في حرب لا علاقة لها بلبنان"، إلا أن قرار بايدن بوقف سياسة سلفه ترامب "الضغط الأقصى" أعاد الأمل للجماعة المصنفة إرهابية.

وتشير حملة الضغط القصوى إلى العقوبات المُكثفة على إيران من قِبل إدارة ترامب بعد خروج الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في عام 2018.

وحسب الكاتب، فقد انضم كثيرون آخرون -بعد مقتل الآلاف في سوريا- إلى حزب الله بحثًا عن رواتب عالية وحياة أفضل، لكن مع تأثير العقوبات عليه، توقف الحزب عن دفع الرواتب بالدولار، تاركًا المقاتلين والعائلات بلا دخل بعد سنوات من التضحية.

ففي النبطية -أهم مدن جنوب لبنان والتي يحظى فيها حزب الله بتأييد لا مثيل له- قدر الموالون السابقون لحزب الله أن 90٪ من المقاتلين أعطوا الأولوية للمال على الأيديولوجيا.

 

هدايا بايدن

وأشار روبين إلى أن بايدن بعد وصوله إلى البيت الأبيض بأسابيع قليلة وعد بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي انسحب منه سلفه ترامب، مبينًا أنه لإغراء إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ألغى بايدن "سياسة الضغط الأقصى"، وتنازل عن بعض العقوبات ورفض فرض أخرى.

وأمام هذه التطورات، منحت هذه القرارات الفرصة للحرس الثوري الإيراني لإعادة دعم حزب الله ووكلاء إيران الآخرين في جميع أنحاء المنطقة ماديًّا وبالسلاح.

ومع ذلك، -حسب الكاتب- لا يزال حزب الله يعاني من أزمة شرعية، مشيرًا إلى أنَّ الحزب صوّر نفسه لعدة عقود على أنه حركة مقاومة لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، لكن انسحاب إسرائيل -من جانب واحد- من لبنان في مايو 2000، أسقط هذه الرؤية تمامًا، خصوصًا أن هذا الانسحاب نال مصادقة الأمم المتحدة عليه لاحقًا.

وأشار إلى أنه لدعم ما سماه (الوهم القائل بأنه يضع المصالح اللبنانية في المقام الأول)، أيد حزب الله مزاعم الحكومة اللبنانية بأحقيتها في المياه البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل مؤخرًا، موضحًا أنَّ الادعاءات اللبنانية ثبت كذبها لاحقًا، وتبيَّن أنها تهدف فقط إلى إبقاء الصراع حيًّا حتى تتمكن الطبقة الحاكمة الفاسدة من تشتيت انتباه المواطنين اللبنانيين عن سوء الإدارة المستمر.

وبيّن الكاتب، أنه رغم وضوح الموقف اللبناني، وأسباب تمسكه بحقل كاريش للنفط والغاز طبيعي -المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل- إلا أن إدارة ترامب سعت إلى التوسط بين لبنان وإسرائيل، مُعتقدة بشكل غير حكيم على أن الاتفاق يمكن أن يقوي الدولة اللبنانية على حساب حزب الله ويحفز التعاون مع إسرائيل.

وبحلول نهاية ولاية ترامب، كان الدبلوماسيون الأمريكيون قد وضعوا الخطوط العريضة للاتفاق الذي سيحصل فيه لبنان على ما يزيد قليلاً عن نصف المياه المتنازع عليها، فيما تحصل إسرائيل على الباقي.

 

دور بايدن

ومع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، بدا كأنَّ مفاوضيه يتعمدون معاقبة الحلفاء ومكافأة الخصوم، حيث ضغطوا على الحكومة الإسرائيلية المؤقتة لقبول الصيغة التي قدمها الوسيط الأمريكي عاموس هوشستين، والتي تخدم لحدٍّ بعيد حزب الله أمام الحقوق الإسرائيلية، وفقًا لـ روبين.

وحسب الكاتب، فإن هوشستين اشتهر بدوره في إعاقة التعاون بين إسرائيل وقبرص واليونان بشأن اتفاقات الغاز في البحر المتوسط، لصالح المشاريع التركية، مشيرًا إلى أنَّه خلال وساطته بين إسرائيل ولبنان بشأن حقل كاريش بدا كأنّه يقضي على آخر الآمال في السلام بين الجانبين.

ومع هذه التطورات، رفض لبنان إقامة منطقة أمنية بحرية، كما رفض حضور حفل توقيع مع الإسرائيليين.

وخلص الكاتب في تحليله إلى القول: "يبدو أن حزب الله يتمعن في إذلال إسرائيل، من خلال سعيه للتدخل في صناعة النفط، مثلما استولى الحرس الثوري الإيراني على البنية التحتية النفطية الإيرانية"، مضيفًا: "واليوم، تضخ قرارات بايدن مليارات الدولارات في خزائن الحرس الثوري في وقت بات النظام الإيراني نفسه على المحك بعد خروج الآلاف في غالبية المدن للمطالبة بسقوطه، احتجاجًا على مقتل فتاة تدعى مهسا أميني قُتلت على يد الشرطة بدعوى عدم ارتداء الحجاب بالشكل اللائق.

وتابع: "كم هو محزن أن الولايات المتحدة تنتهج إستراتيجيات تمكّن الإرهابيين، وتخون الحلفاء، وتعيق قضية الحرية مرارًا وتكرارًا".