إلى أجل غير مسمى.. المصارف اللبنانية تواجه الاقتحامات بالإغلاق

قال مصرفيان لوكالة أنباء رويترز، إن المصارف اللبنانية قررت إغلاق أبوابها، بعد سلسلة من الحوادث التي نفذها مودعين يسعون لاستعادة ودائعهم المجمدة أو جزء منها.

إلى أجل غير مسمى.. المصارف اللبنانية تواجه الاقتحامات بالإغلاق

السياق

بعد حوادث عديدة بين اقتحامات وإطلاق نار واعتصامات قررت البنوك اللبنانية بالإجماع إغلاق أبوباها أمام العملاء إلى أجل غير مسمى.
وقال مصرفيان لوكالة أنباء رويترز، إن المصارف اللبنانية قررت إغلاق أبوابها، بعد سلسلة من الحوادث التي نفذها مودعين يسعون لاستعادة ودائعهم المجمدة أو جزء منها، وأكد المصرفيان على ان البنوك ستواصل عملياتها العاجلة للعملاء وخدمات المكاتب الخلفية للشركات.

 

"الإغلاق الثاني"

تعد هذه المرة الثانية التي تلجأ فيها البنوك إلى الإغلاق بعد مرة مماثلة كانت مدتها قرابة الأسبوع في الشهر الماضي وبسبب حوادث اقتحام أيضا، قبل أن تعيد فتح أبوابها جزئيًا وسط إجراءات أمنية مشددة، مستعينة بمجموعات خاصة لحراسة فروعها، إضافةً الى قوى الأمن. وبات غالبيتها يستقبل الزبائن بناء على مواعيد مسبقة.

"تعاطف شعبي"

وعلى مدار الأسابيع الماضية لجأ العديد من المودعين اللبنانيين إلى أساليب غير قانونية منها حجز رهائن وإطلاق أعيرة نارية أو التهديد بإحراق البنك وخلافه وهو ما يلقى نوعا من التعاطف الشعبي رغم ما يمثله من انتهاكا للقانون.

وجمدت لبنان كل المبالغ المودعة في بنوكها -خاصة الدولارية- بشكل غير رسمي ولا تعطي المودعين إلا مبلغا صغيرا كل شهر وذلك عقب انهيار النظام المالي والمصرفي في البلاد إثر عدد من الأزمات المتتالية سياسيا واقتصاديا منذ حوالي 3 أعوام فضلا عن حادث انفجار مرفأ بيروت.

ويطالب اللبنانيون بفتح سقف السحب من مبالغهم المقيدة وكذلك استثناء الحالات الإنسانية الطارئة، إذ أن معظم حالات الاقتحام كانت -حسب منفذيها- لأسباب طارئة هي والموت سِيَّانِ

وتخطت الأزمة المواطن العادي.

إذ أقدمت البرلمانية اللبنانية سينتيا زرازير، على الاعتصام داخل بنك بيبلوس فرع انطلياس بعد رفضه منحها جزءًا من وديعتها لإجراء عملية جراحية بعد مطالبات متكررة منها دون جدوى، وهو ما اضطرها للاعتصام، مشددة على أنها لن تخرج إلا إذا حصلت على أموالها، في وقت احتشد فيه مجموعة من المواطنين خارج البنك تضامنًا معها، رغم أنَّ المبلغ المودع في حسابها ليس كبيرًا ويقدر بـ8 آلاف دولار. البرلمانية اصطحبت محاميها معها وهو ما أكَّد بدوره على أن المطالبة بالأموال جاءت في ظروف طارئة قائلًا: "نحن أمام حالة إنسانية".

"كليتي للبيع"

وقبل أيام أقدم مودع غاضب على دخول مصرف شرق لبنان يحمل سلاحًا ناريًا، للمطالبة بتحويل مبلغ لابنه المقيم في أوكرانيا.. واقتحم المودع علي ديب الساحلي صباح الثلاثاء فرع مصرف "بي إل سي" في مدينة شتورة في منطقة البقاع "شرق"، وبحوزته سلاح، مطالبًا بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها 24 ألف دولار، وفق ما أعلنت جمعية "صرخة المودعين" وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم.

الساحلي وهو رجل خمسيني متقاعد من قوى الأمن الداخلي سبق له أن توجه إلى المصرف لمرات عدة من أجل تحويل مبلغ مالي قدره 4430 دولارًا بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانا، وبعدما رفض المصرف منحه المبلغ، أقدم على اقتحامه، واحتجز رهائن داخله". وفي وقت لاحق، أوقفت القوى الأمنية الساحلي بعدما تمكن أحد الأشخاص في المصرف من سحب السلاح منه. ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي أن ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب. وأكّد رفضه الخروج من المصرف قبل حصوله على كامل وديعته

"سالي وأختها المريضة"

ومن بين حالات كثيرة للاقتحام تبقى قصة المودعة سالي حافظ التي اقتحمت المصرف الشهر الماضي هي الأكثر شهرة، خاصة بعد انتشار دوافع فعلتها بأن هدفها كان الحصول على الأموال سعيًا لدفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان.

 إذ وصفها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي "بالبطلة" بعد تداول صورة تظهر فيها وهي تحمل مسدسًا بينما تقف على مكتب أحد موظفي المصرف.

الأزمة الأسوأ

وتُعتبر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان الأسوأ في تاريخه، وبات أكثر من ثمانين في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.
ويتزامن مع الوضع الاقتصادي الحرج ظروف سياسية بالغة التعقيد يعجز فيها اللبنانيون عن الخروج من النفق المظلم الذي وقعوا فيها بشكل معمق بعد حادثة انفجار مرفأ بيروت.
وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيودًا مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئًا فشيئًا، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصًا تلك المودعة بالدولار الأمريكي أو تحويلها إلى الخارج. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.