بعد ساعات من تشكيلها.. أزمة الاستقالات تضرب حكومة الكويت
حكومة الكويت في مهب الريح.. الوزراء الجدد يضعون استقالاتهم على طاولة رئيس الحكومة وغضب شعبي وبرلماني من التشكيلة

السياق
بعد مرور 48 ساعة فقط على إعلانها باتت الحكومة الكويتية في مهب الريح، بعد سلسلة من الاستقالات جاءت في أعقاب رفض شعبي للتشكيلة الوزارية التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح.
تلك الاستقالات جاءت رغم أجواء التفاؤل بقرب انتهاء مرحلة الصراع بين الحكومة والبرلمان، ولا سيما مع اتخاذ مجلس الوزراء خطوات وصفتها المعارضة بالإصلاحية.
فماذا حدث في الساعات الماضية؟
ما إن أعلن رئيس الحكومة الكويتية مساء الأربعاء أسماء التشكيلة الوزارية الجديدة، حتى أعلن عمار العجمي وزير الأشغال العامة والكهرباء في الحكومة الكويتية الجديدة التي شكلها الشيخ أحمد نواف، استقالته من الحكومة بعد دقائق من تشكيلها.
وحول أسباب الاستقالة، قال العجمي في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «خدمة أهل الكويت شرف مرتبط بفريق متجانس صادق يتحمل المسؤولية ويحترم الدستور».
وأضاف: «ولما كان الفريق الحكومي يحتوي على بعض العناصر التي خسرت الثقة الشعبية ومتيقن أنها لا تحترم الدستور. فإني أعتذر عن عدم العمل معها كفريق واحد، علما بأني سبق أن طلبت الأسماء وحجبت عني».
وبعد تلك الاستقالة التي تسببت في أزمة كبيرة، أصدر 44 نائبا بيانًا أعلنوا فيه رفضهم التشكيل الحكومي، مؤكدين أنه «جاء مخيبًا للآمال، وضم عناصر تأزيم»، الأمر الذي سيعيد حالة الوفاق الحالية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى حالة الصراع مجددًا.
وفيما لم تؤدّ الحكومة الجديدة القسم الدستورية، كما كان مقررًا أكد النواب الـ45 أن الوقت لا يزال يتسع لتصحيح المسار بما ينسجم مع مخرجات الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وشهدت مفاجآت في نتائجها.
وقال النواب الـ44 إن إعلان أسماء التشكيلة الوزارية لم يرتقِ إلى طموحات الشعب وتطلعاته ولم يكن متسقًا مع خيارات الناخبين، وكان خلافًا للانتخابات الماضية، داعين إلى تدارك ما حدث، وإعادة تشكيل الحكومة بما يتوافق مع التوجه الشعبي الذي برز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وانتقد نواب ما وصفوه بـ«الاستعجال» في إعلان تشكيل الحكومة، مطالبين بالتريث والتواصل مع أعضاء مجلس الأمة وجمعيات النفع العام لاستطلاع آرائها بالأسماء المطروحة لتولي الوزارات.
وطالب النواب باستدراك ما أبداه أعضاء مجلس الأمة من ملاحظات، قبل جلسة افتتاح الدور الأول للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة يوم الثلاثاء المقبل.
سابقة تاريخية
وبعد بيان الـ44 نائبًا توالت الاستقالات في حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، فيما قالت صحيفة «القبس» الكويتية نقلًا عن مصادر لها -لم تسمها- إن أعضاء الحكومة الجديدة الذين تم تكليفهم، وضعوا استقالاتهم، تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء.
جاءت تلك السابقة التاريخية، في أعقاب حالة الرفض الشعبي والنيابي التي صاحبت إعلان التشكيل الوزاري الجديد، واعتذار النائب عمار العجمي عن عدم الدخول في الحكومة كوزير «محلل».
المصادر الكويتية، قالت إن الوزراء وضعوا استقالاتهم تحت تصرف رئيس الوزراء من باب رفع الحرج عن الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، ولإفساح المجال له لإجراء التعديلات اللازمة التي تحظى برضا الشعب الكويتي وممثليه، وتحوز ثقة القيادة السياسية.
وكان وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد الناصر، اعتذر لرئيس الحكومة عن عدم قبول المنصب الوزاري، فيما قال مصدر كويتي، إن الدبلوماسي الناصر وجه كتابًا من ثلاث صفحات للشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، عبر فيه اعتزازه بالثقة الغالية من قبل القيادة السياسية العليا، إلا أنه أكد في الكتاب عدم رغبته في قبول المنصب الوزاري التزامًا منه بتحقيق المصلحة العليا للبلاد.
ماذا بعد؟
نصح النائب في مجلس الأمة الكويتي عبد الكريم الكندري رئيس الوزراء بالاستفادة من المدة الدستورية، حتى عقد جلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء المقبل، مطالبًا إياه بتوسيع دائرة المشاورات، لتمتد للكتل البرلمانية وجمعيات النفع العام، وأن يباشر التشكيل بنفسه لا عن طريق وسطاء.
من جانبه، قال النائب الدكتور عادل الدمخي، إن اعتذار الوزير «المحلل» عمار العجمي واعتراض أكثر من 40 نائبًا على التشكيل الحكومي قبل القسم، أفضل من مواجهتهم داخل المجلس، مطالبًا رئيس الحكومة باختيار وزرائه ذوي الرؤية الإصلاحية.
فيما دعا النائب حمد العبيد إلى قبول استقالة الوزراء واستشارة النواب ومعرفة توجهاتهم في شأن تشكيل الحكومة، ومن ثم إعادة تشكيلها لتجنب أي نزاعات مستقبلية، مشيرًا إلى أن ذلك يعد خطوة سياسية تعزز فرص تشكيل حكومة قوية تتناسب مع آمال الشعب الكويتي.
النائب خالد المونس وجه رسالة إلى رئيس الحكومة الكويتية، قائلًا: «سمو رئيس الوزراء، الشعب ينتظر فريقك الحكومي، فاحرص على الكفاءات والسيرة الذاتية لهم (..) الرجوع إلى الحق فضيلة، والعودة للمطالب الشعبية قوة، والحرص على تحقيق التعاون حكمة».
فيما اعتبر النائب محمد هايف أن الحكومة الجديدة «أقل» من الطموح الشعبي والنيابي، مشيرًا إلى أنَّ الرسالة الشعبية الرافضة لتشكيل الحكومة تمثَّلت في استقالة النائب عمار العجمي، الذي وصفه بأحد الكفاءات الوطنية المشهود له بالجدية بالعمل.
وأوضح النائب ماجد المطيري أن «ما وجدناه في التشكيل الوزاري جعلنا نستاء من الاختيار»، فيما رأى النائب صالح عاشور أن «تشكيل الحكومة لم يكن بمستوى تحديات المرحلة المقبلة، وليس بمستوى الطموح».
فيما دعت النائب عالية الخالد رئيس الحكومة إلى إعادة النظر في تشكيلها قبل جلسة القسم، «انطلاقًا من دستورنا الذي يمثل نهجنا ومنهجنا ومرتكزنا ولا نقبل المساس به».
وعبرت البرلمانية الكويتية عن أمنياتها في «التحلي بالحكمة وتقديم التعاون»، مشيرة إلى أن «الشعب الكويتي يتطلع إلينا (النواب) وينتظر منا الكثير لمعالجة مشاكله».
من جانبه، قال النائب الصيفي مبارك الصيفي إنَّ التشكيل الحكومي لا يعكس تطلعات الشعب ونتائج الانتخابات، محذرًا من أنه سيعيد البلد الخليجي إلى المربع الأول. وطالب بتصحيح الوضع قبل جلسة الافتتاح.
بدوره، قال المحلل السياسي الكويتي الدكتور محمد مساعد الدوسري، إن الحكومة الجديدة لا تستطيع مع هذا الاعتذار والاستقالات أن تؤدي القسم الدستوري، باعتبار أنها لم تستكمل الشروط الدستورية لتشكيل الحكومة.
وفيما تنص المادة 56 من الدستور الكويتي على: (ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم)، قال الدوسري، إنه بناء على ذلك فإن شرطًا جوهريًا في تشكيل الحكومة قد فُقد، مما يستحيل معه تشكيلها.
التشكيلة الوزارية
وكان التشكيل الوزاري الجديد الذي أعلنه الشيخ نواف، تضمن تعيين طلال خالد الأحمد الصباح نائبًا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للداخلية، والدكتور محمد عبداللطيف الفارس نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء والدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزيرًا للخارجية، والدكتورة رنا عبدالله عبدالرحمن الفارس وزير دولة لشؤون البلدية ووزير دولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وعبدالرحمن بداح المطيري وزيرًا للإعلام والثقافة ووزير دولة لشؤون الشباب.
كما تضمن تعيين: عبدالوهاب محمد الرشيد وزيرًا للمالية ووزير دولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، والدكتور أحمد عبدالوهاب العوضي وزيرًا للصحة، والدكتور حسين إسماعيل محمد إسماعيل وزيرًا للنفط، والدكتور خليفة ثامر الحميدة وزير دولة لشؤون مجلس الأمة ووزير دولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني، و عبدالله علي عبدالله السالم الصباح وزيرًا للدفاع، وعمار محمد العجمي وزيرًا للأشغال العامة ووزيرًا للكهرباء والماء والطاقة المتجددة، ومازن سعد الناهض وزيرا للتجارة والصناعة، والدكتور مثنى طالب سيد عبدالرحمن الرفاعي وزيرًا للتربية ووزيرًا للتعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد عبدالرحمن وزيرًا للعدل ووزيرًا للأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير دولة لشؤون تعزيز النزاهة، والمستشارة هدى عبدالمحسن الشايجي وزيرًا للشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية ووزير دولة لشؤون المرأة والطفولة.