هل منح بايدن الضوء الأخضر لبوتين لغزو أوكرانيا؟

لتقرير مصير أوروبا والعالم... أمريكا ستواجه حربًا باردة جديدة

هل منح بايدن الضوء الأخضر لبوتين لغزو أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

توقَّع سفير الولايات المتحدة السابق، لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا جيمس جيلمور، أن تواجه الولايات المتحدة حربًا باردة في الفترة المقبلة، لتقرير مصير أوروبا والعالم.

وقال جيلمور، في تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، تمنح موافقة ضمنية على الغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا.

 

تفكير بايدن

وأضاف أنه حتى المؤتمر الصحفي الذي عقده بايدن، كانت السياسة الأمريكية تتمثل في ردع هذا الغزو والوقوف إلى جانب الديمقراطية الناشئة تحت الإكراه في أوروبا الشرقية، لكن أثناء المؤتمر كشف بايدن أفكاره، إذ إنه ردًا على سؤال عما يفكر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال بايدن: "عليه أن يفعل شيئًا"، وبذلك اعترف بقبوله بالهجوم، مؤكدًا أن الرد الأمريكي سيتمثل في فرض عقوبات اقتصادية فقط.

وأشار جيلمور، الذي كان الحاكم السابق لفيرجينيا، إلى أنه سرعان ما حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض جينيفر ساكي، التستر على ما كشف عنه بايدن، بشأن موقف أمريكا وقت الأزمة، لكن كان ذلك بعد فوات الأوان، إذ استمع بوتين إلى المؤتمر الصحفي، والمؤكد أنه يرى أن التهديد المحدود بالعقوبات –عمليًا- دعوة له لغزو أوكرانيا، الدولة التي لا تريد أكثر من أن تكون صديقة للولايات المتحدة وجزءًا من الغرب.

 

ليست المرة الأولى

وذكر جيلمور أن هذه الأزمة لم تظهر فجأة، حيث غزت روسيا أوكرانيا عام 2014، تاركة وراءها قوات بالوكالة شرقي البلاد، كما أنها ضمت شبه جزيرة القرم، وهي منطقة معترف بها في أوكرانيا، التي تُستخدم الآن كمنطقة انطلاق عسكرية ضد بلدها، وجاء كل ذلك في أعقاب الغزو الروسي لجورجيا عام 2008، واحتلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

ووفقاً لجيلمور، فإن بوتين يزعم أن حلف شمال الأطلسي "الناتو" يتوسع ويقترب أكثر من روسيا، لذا فإنه يريد من بايدن الموافقة على عدم السماح لأوكرانيا، بأن تصبح جزءًا من التحالف الغربي، كما طالب "الناتو" بسحب قواته من أعضاء الحلف ذوي السيادة في أوروبا الشرقية، وباختصار فإن الرئيس الروسي يطالب بأن يصبح "الناتو" تحالفَ ظِل.

وتابع: "الحقيقة أن هذه الأزمة لا علاقة لها بسلامة روسيا وأمنها، فهذه رسالة زائفة للشعب الروسي والأمريكيين الذين سيقتنعون بها، فقد يكون الغزو الخطوة التالية الحاسمة في تحقيق هدف بوتين الاستراتيجي، بإعادة تشكيل الكتلة السوفييتية القديمة، إذ قال عام 2005 إن انهيار الاتحاد السوفييتي كان (أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين)، ولذا فإن الخطوة الأساسية لعكس مسار التاريخ إخضاع أوكرانيا، وذلك ليس مفاجئًا، فقد صرح بوتين مراراً وتكراراً بأن الأوكرانيين والروس (شعب واحد)، ويُقال إنه ألقى بظلال من الشك على ما إذا كانت أوكرانيا دولة حقيقية".

 

أوكرانيا لن تصمت

ولفت جيلمور إلى أنه في مايو 2021، زار أوكرانيا كجزء من وفد مجلس السياسة الخارجية الأمريكية، وأنه التقى المسؤولين الوزاريين، وانضم إلى البحرية الأوكرانية على بحر آزوف، وذهب إلى ساحة معركة دونباس، حيث كان القناصة الروس يطلقون النار على الجنود الأوكرانيين، قائلاً إنه يرى أن كييف لن تتخلى عن نفسها، إذ أكد كل المسؤولين الحكوميين وكل الجنود والأوكرانيين، الذين تحدث إليهم، أنهم سيقاتلون إذا تعرَّضوا للهجوم.

وأضاف: ورغم التصميم الأوكراني، فإن بوتين قد يهاجم البلاد في أي وقت، وقد يشعر بأن هذه هي اللحظة المناسبة لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، لكن بصفتي سفيرًا سابقًا للولايات المتحدة لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فقد جئت لأفهم الوضع الجيوسياسي في القارة، وأرى أن الدول المحررة حديثًا في لاتفيا وليتوانيا وإستونيا ورومانيا والمجر وبولندا وجورجيا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، وأي دولة أخرى من الإمبراطورية السوفييتية السابقة، لا تريد أن تخضع للقوة الروسية".

وأضاف جيلمور: صحيح أن تحالف الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ودول أخرى يبدو قويًا، لكن يجب أن يعلموا أن أمريكا ستقف معهم أوقات الأزمات، متوقعًا أن تخوض الولايات المتحدة حربًا باردة جديدة لتقرير مستقبل أوروبا، والعالم.

 

شعوب حرة

وقال السفير الأمريكي السابق: رغم أن الدول الاستبدادية آخذة في الزيادة، فإن مواطني تلك البلدان يريدون أن يكونوا شعوبًا حرة، وبالنظر لأن الحرية وحقوق الإنسان أساس الولايات المتحدة، فإن مهمتها الوطنية أصبحت رغبة شعوب العالم.

وتابع: "الهجوم على أوكرانيا اعتداء على حليف للولايات المتحدة وحلفاء أمريكا الآخرين، وهذه النقطة لا تغيب عن أوروبا الشرقية التي تثق بقوة الولايات المتحدة وعزمها، فعندما كنت سفيرًا لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، كان من الواضح أن العديد من البلدان في أوروبا كانت إلى جانب الولايات المتحدة، في صراع يعلم الجميع أنه جار، وبينما نشاهد العدوان الفاشي لروسيا، يجب أن نكون واضحين في إعلان أن الكفاح من أجل المستقبل يبدأ الآن".

وطالب جيلمور بضرورة استمرار العقوبات الشديدة كي تكون جزءًا من الرد، كما أنه يجب فرض العقوبات بأكبر قدر ممكن من القوة، إذا عبر أول جندي روسي الحدود الأوكرانية، لكنه رأى أن العقوبات وحدها لن تمنع روسيا من الغزو، إذ لم تمنع العقوبات التي فُرضت بعد احتلال القرم، الكرملين من سلوكه العدواني.

وأضاف: يجب أن تصبح روسيا منبوذة بين الدول المتحضرة، ويجب بذل جهد لطردها من المنظمات الدولية، بدءًا من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تؤيد مبادئ اتفاقيات هلسنكي، بما في ذلك عدم قيام أي دولة بمهاجمة دولة أخرى، عبر الحدود المعترف بها، فإذا لم تطرد دول المنظمة روسيا، ينبغي على الولايات المتحدة ألا تموِّلها".

 

كذبة روسية

ونهاية التقرير، أكد جيلمور ضرورة قول الحقيقة للشعب الروسي، موضحاً أن "وسائل الإعلام التي تسيطر عليها حكومة بوتين، تخبر الشعب الروسي بأنهم ضحايا تهديدات الناتو، لكن هذه كذبة تهدف إلى منع الشعب الروسي من الاعتراض على الدور الذي يجبرونه على القيام به كمعتدين على جيرانهم، كما أننا نحتاج إلى التواصل مع الشعب الأمريكي بشأن أهمية الوحدة، بدلاً من رسالة الانقسام المستمرة التي تضعف قدرتنا على حماية أنفسنا".