فورين بوليسي: هل تواجه أوروبا الصين؟

تستعد إدارة بايدن لصراع طويل الأمد مع بكين، لكن ينبغي ألا تتوقع أن يقف أقرب حلفائها إلى جانبها

فورين بوليسي: هل تواجه أوروبا الصين؟

ترجمات-السياق

قالت مجلة فورين بوليسي، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تخفِ رغبتها في ضم مجموعة واسعة من حلفاء الولايات المتحدة، في منافستها الاستراتيجية للصين، وهو النهج الذي تراه دول آسيا منطقياً، بالنظر لأن معظم هذه الدول لديها أسباب كافية، للقلق من الرغبة الصينية لفرض هيمنتها على المستوى الإقليمي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة، لا تستطيع مواجهة مثل هذه الرغبة، من دون تعاون مكثف، من اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والهند وغيرها، إذ ستتطلب إدارة هذه العلاقات بفعالية دبلوماسية أمريكية يقظة، ولذا فإنه في السياق الآسيوي، تبدو المصلحة المشتركة في تحقيق توازن ضد الصين واضحة.

وأضافت المجلة، في تقرير، أن الرئيس الأمريكي وشركاءه يرغبون أيضاً في أن يكون شركاء الولايات المتحدة الأوروبيون جزءًا من هذا الجهد، لكن يبدو أن هذه المجموعة الأوروبية تنظر للأمر بشكل مختلف.

 

تجاهل فرنسا

أشارت المجلة إلى أن اتفاقية الدفاع الأخيرة بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، المعروفة باسم "أوكوس"، لا تعد دليلاً على الجهود الأوروبية الرامية إلى تحقيق التوازن مع الصين، لكنها تشير إلى رغبة بريطانيا في الحفاظ على كيانها وتعميق علاقاتها مع واشنطن، إذ كان اتباع نهج أمريكا استجابة سريعة لرؤساء وزراء بريطاني، منذ عهد ونستون تشرشل.

وتابعت: "كما أنه من خلال تجاهل فرنسا، فإن هذه الاتفاقية (أوكوس) أدت إلى تقويض الجهود المبذولة لإدخال أوروبا في تحالف واسع موازن للصين، وهذه ليست مجرد مشكلة بسيطة، بالنظر لأن معظم الدول الأوروبية غنية نسبياً، وديمقراطية، كما أنهم يعدون لاعبين اقتصاديين مهمين، ولديهم القدرة على إنتاج أسلحة متطورة، فضلاً عن أن القارة تضم عضوين مسلحين نووياً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأكثر من 500 مليون شخص، ولهذه الأسباب وغيرها، فإن كيفية اصطفاف دول أوروبا، يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في التوازن العام للقوى العالمية".

 

صعود بكين

تساءلت المجلة: "هل يمكن أن تعمل أوروبا لتصبح ثقلًا موازنًا للصين؟"، مشيرة إلى أن "صعود بكين وميلها إلى استخدام قوتها لمعاقبة الدول الأخرى حتى لارتكاب جرائم بسيطة حولا المواقف الأوروبية -التي كانت إيجابية- إلى اتجاه سلبي بشكل حاد".

وأضافت: "كما أن أوروبا بعيدة جداً عن الصين، ولا تشكل الأخيرة تهديداً لوحدة أراضي أي دولة أوروبية أو على العناصر الأساسية الأخرى لأمنها القومي، إذ لن تغزو الصين أوروبا أو تهاجمها بالأسلحة النووية، أو ترعى هجمات إرهابية واسعة النطاق هناك، كما أن بكين لن ترسل ملايين اللاجئين إلى حدود القارة"، وتساءلت: "لماذا ترغب أوروبا في موازنة الصين؟ ولماذا قد يكون من مصلحة أوروبا أن تنحاز إلى جانب الولايات المتحدة في منافسة عسكرية ضدها؟".

ورأت المجلة أن هناك بعض الدول الأوروبية، التي قد تكون على استعداد لتحقيق التوازن مع الصين لأسباب خاصة بها، إذ إنهم قد يفعلون ذلك لأن لديهم مصالحهم الخاصة في آسيا، أو قد تنضم أوروبا إلى تحالف موازنة تقوده الولايات المتحدة، لأنها أدركت أن الأمريكيين لن يستمروا في حمايتها، إذا اختارت الحياد تجاه الصين، لكن في هذا السيناريو، لن تفعل أوروبا سوى الحد الأدنى الضروري لإرضاء واشنطن، وهو ما لن يكون كثيراً، وفقاً للمجلة.

 

تآكل الديمقراطية

وذكرت المجلة، أن إدارة بايدن (خاصة بايدن نفسه) تعتقد أن القيم الديمقراطية المشتركة، يمكن أن تربط أوروبا والولايات المتحدة معاً، في تحالف كبير مناهض للصين، ورأت أن الآمال بذلك ستخيب، لأنه ليس هناك سبب لأن تبذل أوروبا جهداً عسكرياً جاداً، للدفاع عن الديمقراطية أو الترويج لها، على الجانب الآخر من العالم، في حين أن الاتحاد الأوروبي نفسه، لا يستطيع حتى معرفة كيفية التعامل مع تآكل الديمقراطية في المجر وبولندا، والقمع النشط للديمقراطية في بيلاروسيا.

وأضافت: "دعونا لا ننسى حالة الديمقراطية التي باتت محفوفة بالمخاطر في الولايات المتحدة، فمن الصعب توحيد الديمقراطيات في العالم، عندما يعمل أحد الحزبين الرئيسين في أمريكا على تقويض النظام الديمقراطي القائم، بشكل علني، وعندما يظهر دليل على الخلل الديمقراطي كل يوم، كما أنه في حال نجح الحزب الجمهوري في عرقلة تبني الولايات المتحدة، لجهد جاد للتصدي لتغيُّر المناخ، وهو خطر يأخذه الأوروبيون على محمل الجد، فإن هذا العنصر الإضافي من التنافر سيجعل من الصعب تشكيل جبهة مشتركة ضد الصين".

وقالت "فورين بوليسي": "التضامن عبر الأطلسي كان نتاجاً للحرب الباردة ذات القطبين، لكن من غير الواقعي، توقُّع استمرار العلاقات والالتزامات، التي أنشئت في سياق جيوسياسي قديم، تغيَّـر الآن".