5 أعوام على تعيينه زعيمًا لطالبان... مَنْ هو هبة الله أخوند زاده؟
تحولات تاريخية في 5 أعوام... مَنْ هو زعيم طالبان وطاغيتها هبة الله أخوند زاده؟

السياق
بعد خمسة أعوام على تعيينه زعيمًا طالبان، شهدت الحركة تحت ولايته تحولا جذريًا، وانتصارات وُصفت بـ«التاريخية»، حتى باتت على أبواب العاصمة الأفغانية كابل.
فمن توقيع اتفاق سلام تاريخي، مع الولايات المتحدة في قطر 29 فبراير2020، إلى تصعيد «طالبان» منذ الأول من مايو2021 عملياتها العسكرية ضد القوات الحكومية، لتسيطر على مساحات شاسعة من أفغانستان، تعدَّدت انتصارات الحركة، تحت إمرة زعميها الذي وُصف بـ«الطاغية».
فمَنْ هو زعيم حركة طالبان، هبة الله أخوند زاده؟ ومتى تولى زعامة الحركة؟ وكيف تمكَّن -في أعوام قليلة- من الاقتراب من حُكم أفغانستان وجعلها إمارة إسلامية؟ وكيف وحَّد المسلَّحين تحت إمرته؟ ومَنْ هي حركة طالبان؟
«السياق» تجيب عن تلك الأسئلة، في هذا التقرير.
بحسب سيرة ذاتية، نُشرت على الموقع الرسمي لحركة طالبان، فإن هبة الله أخوند زاده، ولد في 19 أكتوبر 1967، في منطقة باجواي بولاية قندهار بأفغانستان، ويُعَدُّ أحد الأعضاء المؤسسين لحركة طالبان، وكان مساعداً مقرَّباً لمؤسس الجماعة الملا محمد عمر.
أخوند زاده، شارك في المعارك ضد الحكومة الأفغانية الموالية لروسيا، بزعامة محمد نور ترقي، التي وصلت إلى الحكم في أبريل 1978، إلا أنه فرَّ من أفغانستان إلى باكستان، حيث استقر في مخيم جنغل بير أليزاي للاجئين، في مقاطعة بلوشستان الحدودية.
وبحسب السيرة الذاتية لزعيم طالبان، فإنه أمضى أواخر الثمانينيات، في محاربة القوات الروسية وتعليم «المجاهدين» أثناء القتال ضد السوفييت في أفغانستان، حتى عيَّنه زعيم طالبان السابق الملا محمد عمر عام 1996 رئيسًا لمحكمة عسكرية في كابل... «ليتمكَّن من استعادة القانون والنظام في البلاد، عبر تطبيق الحدود الشرعية».
دور قيادي
أخوند زاده لعب -بحسب سيرته الذاتية- في أعقاب الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، «دوراً فاعِلاً وقيادياً، في إحياء وتنظيم الجهاد» ضد الولايات المتحدة وقوات التحالف بالحرب في أفغانستان.
بعدها بـ4 أعوام وتحديدًا في 30 يوليو 2005، عُيِّـن أخوند زاده نائباً لزعيم الجماعة الجديد الملا أختر محمد منصور، بعد تأكيد وفاة مؤسسها وزعيمها الروحي الملا محمد عمر، إلا أنه قُـتل في 22 مايو 2015 في غارة أمريكية بطائرة من دون طيار، بالقرب من مدينة كويتا في إقليم بلوشستان، جنوب غرب باكستان على الحدود الأفغانية.
زعيم طالبان أختر منصور، أكدت الحركة مقتله بعد الغارة الأمريكية بثلاثة أيام، وتحديدًا في 25 مايو 2015، ليتخذ مجلس شورى الحركة قرارًا بتعيين أخوند زاده قائدًا جديدًا لها، في 26 مايو 2016.
مؤشرات مبكرة
وفي مؤشر على النهج الذي كان سيتبعه -بحسب زعيم طالبان- فإن أخوند زاده قال بعد نحو شهر من تعيينه، وتحديدًا في 30 يوليو 2016، إن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأفغانية، ممكن إذا تخلت عن حلفائها الأجانب.
«طالبان لديها برنامج لتوحيد البلاد، في ظِل الشريعة الإسلامية وأبواب العفو والغفران مفتوحة»، كانت بعض تصريحات زعيم طالبان، التي وجَّهها إلى الحكومة، بعد شهر من تعيينه، وهو ما يبدو أن جزءًا كبيرًا منه تحقَّق، بعد سيطرة الحركة المسلَّحة، على مناطق شاسعة من البلد الآسيوي.
إلا أن الأمور لم تستقم له في البداية، فمجموعة عسكرية منشقة، بقيادة مولوي نقيب الله هونر، أعلنت -بعد أشهر ثلاثة من تعيين أخوند زاده- الجهاد ضد طالبان، متهمة إياه بتولي هذا المنصب، بأمر من المخابرات الباكستانية.
طاغية طالبان
تنظيم داعش الإرهابي، وصف أخوند زاده بـ«طاغية طالبان»، في فيديو دعائي له، بثه في 24 مارس 2017، بعنوان «على أبواب المعارك الملحمية».
بيان «داعش» عن زعيم طالبان، كان دافعًا لتنظيم القاعدة في شِبه القارة الهندية، لمبايعة أخوند زاده، فبعدها بثلاثة أشهر، وتحديدًا في 25 يونيو 2017، أكد التنظيم الإرهابي، أن أهم هدف للقاعدة هو دعم طالبان، مشيرًا إلى أن «القاعدة في بلاد الرافدين تقاتل أعداء طالبان خارج أفغانستان، بينما تقاتل في الوقت نفسه إلى جانبها داخل البلاد، وحثَّت الجماعات الإرهابية الأخرى، على مبايعة أخوند زاده».
سلام تكتيكي
بعد أن قويت شوكة حركة طالبان المسلَّحة بزعيمها الجديد، وافقت في 9 يونيو 2018 على وقف مؤقَّت لإطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، ليكون –بحسب مراقبين- سلامًا تكتيكيًا، تستعد فيه الحركة لما وصفوه بـ«الهجوم الأكبر»، مؤكدين أنه لتعزيز تلك الخطوة، وقَّعت طالبان في 29 فبراير 2020 اتفاق سلام مع الولايات المتحدة في قطر.
وفي أعقاب اتفاق السلام الأمريكي مع طالبان، أصدرت واشنطن وكابل، إعلاناً مشتركاً تلتزم واشنطن بموجبه، بتقليص وجودها العسكري في البلاد إلى 8600 جندي، في غضون 135 يوماً، واستكمال انسحاب القوات المتبقية، في غضون 14 شهراً بحلول 1 مايو2021.
اتفاق السلام مع الولايات المتحدة، وصفه أخوند زاده بأنه «نصر كبير»، بينما وصفه تنظيم القاعدة بـ«النصر التاريخي الذي أجبر الولايات المتحدة على سحب قواتها المحتلة من أفغانستان، والامتثال للشروط التي يمليها مجاهدو طالبان»، بحسب البيان الصادر في مارس 2020.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن حدَّد الشهر الماضي، 11 سبتمبر المقبل، وهو الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، موعدًا نهائيًا لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
وفي أعقاب إعلان بايدن، قالت حركة طالبان، إن أي قوات أجنبية تبقى في أفغانستان، بعد الموعد النهائي لانسحاب "الناتو" في سبتمبر، ستكون معرَّضة للخطر بصفتها «محتلة».
حكومة إسلامية
إلا أن اتفاق السلام مع أمريكا، شجَّع أخوند زاده على إعلان أن حركة طالبان -التي يتزعمها- على وشك «إقامة حكومة إسلامية نقية»، في 28 يوليو2020، مشيرًا إلى أن الحركة أوفت بالتزاماتها الواردة في اتفاقية السلام، التي تم توقيعها مع الولايات المتحدة في 29 فبراير.
لم يلبث إعلان طالبان عن الحكومة المزمع تشكيلها، أن يخرج للنور، حتى ادَّعت تقارير صحفية، أن هبة الله أخوند زاده، ورئيس شؤون المخابرات بالجماعة الملا مطيع الله، ومدير الشؤون المالية للجماعة حافظ عبد المجيد، قُتلوا جميعاً في انفجار في مدينة كويتا الباكستانية في 14 فبراير الماضي.
إلا أن الرواية التي نُشرت، تبيَّـن عدم صحتها، بعد إصدار أخوند زاده مرسوماً يطلب فيه من أعضاء طالبان، الامتناع عن معاقبة الأشخاص، من دون حكم قضائي، وتجنُّب التقاط مقاطع فيديو أو صور لهذه العقوبات التي يتم تطبيقها.