هل يخشى مستشارو بوتين إخباره بالحقيقة؟
قال مسؤول في البيت الأبيض، إنّ معلومات استخباراتية أميركية رُفعت عنها السرية، أظهرت أنّ بوتين لم يكن على عِلم حتّى أنّ جيشه كان يجنّد متطوّعين ويخسرهم في أوكرانيا، ما يدلّ على انقطاع واضح في حصول الرئيس الروسي على معلومات موثوق بها.

السياق
بعد قرابة 36 يومًا من الحرب الأوكرانية الروسية، ما زال الغموض يكتنف مصير الأزمة التي استنفرت العالم، فرغم المفاوضات التي جمعت وفدي البلدين أكثر من مرة، فإن حلًا قريبًا لم يكن حتى اللحظة، حليفًا للمتشاورين، كما لم تتمكن روسيا -حتى الآن- من السيطرة على مدن كبرى في أوكرانيا.
إلى ذلك، يرى مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينغ أنّ مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يخشون إخباره بالحقيقة" بشأن استراتيجيته الحربية "الفاشلة" في أوكرانيا.
وفي خطاب ألقاه بالجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا قال فليمينغ إنّ بوتين "ارتكب خطأ كبيراً جداً في تقدير الغزو الذي بدأته قواته لأوكرانيا في 24 فبراير وتداعياته".
وأضاف: "رأينا جنوداً روساً -يفتقرون إلى السلاح ومعنوياتهم متدنية- يرفضون تنفيذ الأوامر ويخرّبون المعدّات الخاصّة بهم، بل يُسقطون طائراتهم بطريق الخطأ".
وتابع: "حتى لو كان مستشارو بوتين يخشون إخباره بالحقيقة، فإنّ ما يحدث ومدى جسامة هذه الحسابات الخاطئة يجب أن يكونا واضحين تماماً للنظام".
معلومات استخباراتية
يكرّر المسؤول البريطاني بذلك، ما أدلى به في اليوم السابق مسؤول كبير في البيت الأبيض، بأنّ بوتين يتلقي معلومات مضلّلة عن مسار الحرب في أوكرانيا، لأنّ مستشاريه يخشون إطلاعه على الخسائر العسكرية والاقتصادية، التي تكبّدتها روسيا بسبب غزوها جارتها.
وقال المسؤول في البيت الأبيض، طالباً عدم نشر اسمه، إنّ معلومات استخباراتية أميركية رُفعت عنها السرية، أظهرت أنّ "بوتين لم يكن على عِلم حتّى أنّ جيشه كان يجنّد متطوّعين ويخسرهم في أوكرانيا، ما يدلّ على انقطاع واضح في حصول الرئيس الروسي على معلومات موثوق بها".
وتحاول الاستخبارات الغربية تسليط الضوء على إخفاقات روسيا في هذه الحرب، والانقسامات داخل الدائرة المحيطة ببوتين.
ويؤكّد الغرب أنّ موسكو تستخدم في أوكرانيا مرتزقة ومقاتلين أجانب.
نصر سريع
بحسب فليمينغ فإنّ مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، زادت حضورها في أوكرانيا "إلى الدرجة القصوى" بعد أن كانت نشطة في هذا البلد منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014.
ويرى المسؤول البريطاني أنّ "المجموعة تعمل كفرع ظِل للجيش الروسي"، ما يتيح لبوتين إخلاء مسؤوليته عن "العمليات الأكثر خطورة".
ومع ذلك فإنّ الرئيس الروسي استخفّ -وفقاً لفليمينغ- بالمقاومة الأوكرانية، وبقوّة التحالف الدولي الذي تشكّل ضدّه، وكذلك أيضاً بتأثير العقوبات الاقتصادية في بلاده.
وأضاف أنّ بوتين بالغ في تقدير قدرة جيشه على تحقيق نصر سريع.
ووفقاً لفليمينغ، رئيس هيئة الاتصالات الحكومية البريطانية، فإنّ التعهّد الذي قطعته موسكو -هذا الأسبوع- بتقليص نشاطها العسكري "بشكل كبير" حول كييف وفي مدينة تشيرنيغوف شمالي أوكرانيا "ربّما يظهر أنّها اضطرت إلى إجراء مراجعة أساسية" لعمليتها العسكرية.
العيون الخمس
وفقًا لوكالة رويترز، فإن لهيئة الاتصالات الحكومية، التي تجمع اتصالات من أنحاء العالم لاكتشاف التهديدات لبريطانيا واعتراضها، علاقة وثيقة بوكالة الأمن القومي الأمريكية ووكالات تجسس في أستراليا وكندا ونيوزيلندا، من خلال تجمع يعرف بـ "العيون الخمس".
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين، على عِلم بالمعلومات المخابراتية لـ "رويترز" إن تقديرات الولايات المتحدة تفيد بأن روسيا تعاني إخفاق بعض الصواريخ دقيقة التوجيه بمعدلات تصل إلى 60 بالمئة.
وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون –الأربعاء- إن بوتين مضلَّل بسبب المستشارين الذين يخشون إبلاغه بمدى سوء مجريات الحرب في أوكرانيا، وبحجم الأضرار الناجمة عن العقوبات الغربية. ولم يصدر الكرملين تعليقًا على هذه التصريحات.
ويزعم بوتين أن "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا ضرورية، لأن الولايات المتحدة تستخدم أوكرانيا لتهديد روسيا، وأنه يتعين على موسكو التصدي لاضطهاد الناطقين بالروسية على يد كييف.
وفي المقابل تقول أوكرانيا إنها تقاتل استيلاءً استعمارياً على أراضيها، وإن مزاعم بوتين عن إبادة محض هراء.
وتقول روسيا إن الغرب أعلن حربًا اقتصادية عليها، وإنها ستتحول إلى الشرق بعيدًا عن أوروبا لبناء شراكة مع الصين، بيد أن فليمنغ قال إن ارتباطهما بشكل وثيق يشكل خطراً عليهما (وعلى الصين بدرجة أكبر).
وأضاف: "تدرك روسيا أن الصين ستزداد قوة على المدى البعيد عسكريًا واقتصاديًا، وإذا تعارضت بعض مصالحهما، فإن روسيا قد تجد نفسها خارج المعادلة".