للمرة الثالثة... البرلمان العراقي يخفق في انتخاب رئيس الجمهورية

بعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، ولا رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.

للمرة الثالثة... البرلمان العراقي يخفق في انتخاب رئيس الجمهورية

السياق

 أخفق البرلمان العراقي -للمرة الثالثة- بانتخاب رئيس للجمهورية لعدم اكتمال النصاب، نتيجة مقاطعة عدد كبير من النواب، رافعاً الجلسة "حتى إشعار آخر"، في تكرار لسيناريو الجلسة السابقة، وسط تواصل الخلافات السياسية والانسداد السياسي.

وبعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، ولا رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.

وغالباً ما يكون المسار السياسي معقدًا وطويلًا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة، وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.

جاء في بيان الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، أن "مجلس النواب رفع جلسته إلى إشعار آخر بعد تصويته على مهام عدد من اللجان النيابية وأسماء أعضائها".

ولم يُحدد -حتى الآن- موعد للجلسة المقبلة.

قانوناً، ليس أمام البرلمان سوى حتى السادس من أبريل لانتخاب رئيس، بحسب قرار المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في البلاد.

وإذا تخطى هذا التاريخ، ليس في الدستور ما يحدّد كيفية التعامل مع المسألة، لذلك تبقى الاحتمالات مفتوحة، في حال عدم توصل الأطراف المعنية لاتفاق.

وقال المحلل السياسي العراقي حمزة حداد لوكالة فرانس برس: "قد نصل إلى نقطة نذهب فيها إلى انتخابات جديدة لإنهاء الانسداد، لاسيما في حال ضغط الرأي العام باتجاه المضي قدماً، لتمرير أمور على غرار الموازنة العامة".

وقال مصدر رسمي في المجلس لـ "فرانس برس" إن عدد المشاركين كان 178، بينما يحتاج البرلمان إلى نصاب الثلثين أي 220 من 329 نائباً للشروع بجلسة انتخاب رئيس للبلاد.

والمقاطعون من الإطار التنسيقي، الذي قاطع جلسة السبت أيضاً، وهو تحالف شيعي نافذ يضمّ كتلة "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح التي تنضوي تحتها فصائل موالية لإيران. في المقابل، شارك في الجلسة نواب ينتمون إلى التحالف الذي يقوده التيار الصدري الشيعي.

 

"لن أتوافق معكم"

ولم يحصل مذّاك أي تغيير في المواقف السياسية، ما يشير إلى احتمال استمرار الأزمة والانسداد السياسي.

وإثر الجلسة، كتب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة: "لن أتوافق معكم، فالتوافق يعني نهاية البلد، لا للتوافق بكلّ أشكاله"، في إشارة إلى خصومه السياسيين في الإطار التنسيقي.

وأضاف: "ما تسمونه الانسداد السياسي، أهون من التوافق معكم، وأفضل من اقتسام الكعكة معكم، فلا خير في حكومة توافقية محاصصتية"؟

وهناك أربعون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ عام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. والمطلوب أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.

ويدفع التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى تشكيل حكومة أغلبية، مؤكداً أنه يملك الكتلة الأكبر مع تحالف من 155 نائباً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتكتل سُني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

 

مبادرة

ويدعم تحالف "إنقاذ وطن" الثلاثي الذي يقوده الصدر المرشح ريبر أحمد للرئاسة، وجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة.

في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي، الذي يملك تحالفاً بأكثر من مئة نائب، إلى حكومة توافقية بين القوى الشيعية الأبرز كما جرت  العادة.

في الأثناء، أعلن زعيم "دولة القانون" نوري المالكي في تغريدة عقب جلسة الأربعاء، أن الإطار أعدّ "مبادرة" للخروج من الأزمة. وقال: "أعددنا ورقة مبادرة للخروج من الأزمة، بعدما تأكّد أن التحالف الثلاثي لم يتقدم بمبادرة لإيجاد حلول تضمن عدم انهيار العملية السياسية".

وأضاف: "اليوم وغداً يبدأ الحوار بين القوى المتحالفة لإنضاج المبادرة".

ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد عام 2005 بعد الغزو الأميركي، الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين عام 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديًا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسُّنة مجلس النواب.

ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.

وقال رئيس مجلس النواب السُّني محمد الحلبوسي -عقب جلسة السبت- إن "عدم تحقيق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية، يحتم علينا الاستمرار في عقد الجلسات لحين تحققه".