هجمات حوثية غادرة على السعودية.. ما الأسباب وسر التوقيت؟

قال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن الهجمات الحوثية على السعودية، تعد استمرارًا للنهج الذي يرفض إنهاء الحرب، ويسعى لتقويض مبادرات وقف إطلاق النار والحوار، مشيرًا إلى أن الاستهداف المستمر للمدنيين في اليمن وجواره عمل إرهابي، يكشف الوجه الحقيقي للحوثيين أمام المنطقة والمجتمع الدولي

هجمات حوثية غادرة على السعودية.. ما الأسباب وسر التوقيت؟

السياق

هجمات حوثية «غادرة» شنتها المليشيات الانقلابية على المملكة العربية السعودية، خلال الساعات الماضية، أماطت اللثام عن أدوار «خبيثة» لدول، تحاول التأثير في قرارات الرياض تجاه القضايا العالمية.

فرغم أن الحوثيين تبنوا الهجمات، فإن بصمات إيران كانت حاضرة، بأسلحتها المتطورة، التي حذرت الرياض من أن تكون تحت قبضة المليشيات، لما لها من آثار جسيمة، لتهديدها أمن واستقرار إمدادات الطاقة في الأسواق العالمية.

تحذيرات سعودية حاولت من خلالها الرياض ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، منعًا لانهيار المشاورات اليمنية الخليجية الهادفة لحلحلة الأزمة، إلا أنها أكدت أنها ستتعامل مباشرة مع مصادر التهديد، وستجنب الأعيان المدنية والمنشآت النفطية الأضرار الجانبية.

 

ماذا حدث في 24 ساعة؟

أعلن تحالف دعم الشرعية الجمعة، اعتراض وتدمير 9 طائرات مسيرة مفخخة، تعمدت استهداف الأعيان المدنية ومصادر الطاقة، مشيرًا إلى أنه أحبط المحاولات العدائية لاستهداف المنطقة الجنوبية والوسطى والشرقية.

وشدد التحالف على أنه يدعم الموقف الخليجي والدولي لإنجاح المشاورات اليمنية، مشيرًا إلى أن المليشيات الحوثية تسعى لإفشالها.

وبعد ساعات من تصريحات التحالف، أكد تدمير صاروخ بالستي أطلق باتجاه مدينة جيزان، ومسيرة مفخخة أطلقتها الميليشيات باتجاه مدينة نجران، لتمر دقائق أخرى، حتى أعلن سقوط مقذوف معاد على محطة لتوزيع الكهرباء في صامطة، ما تسبب في حريق محدود بمحطة توزيع الكهرباء، من دون خسائر بشرية.

بعد ساعات أعلن التحالف -أيضًا- عن استهداف عدائي لخزانات الشركة الوطنية للمياه بظهران الجنوب، ما تسبب في أضرار مادية ببعض المركبات المدنية والمنازل السكنية جراء الهجمات بظهران.

ولم تمض ساعات، حتى أعلن التحالف أن الدفاعات السعودية دمرت مسيّرتين مفخختين أطلقتا باتجاه نجران، مشيرًا إلى أن شظايا الاعتراض تناثرت ببعض الأحياء السكنية، مسجلة أضرارًا مادية بسيطة من دون خسائر بشرية، ليرتفع عدد الهجمات العدائية إلى 16 هجومًا.

 وتحديدًا عند الساعة (25: 17)، حتى أعلن المتحدث الرسمي باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي، تعرض محطة توزيع المنتجات البترولية التابعة لشركة أرامكو بمدينة جدة، لعمل عدائي تشير الدلائل والمؤشرات الأولية لاستهدافها من المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.

وأكد المالكي نشوب حريق بخزانين تابعين للمنشأة النفطية، مشيرًا إلى السيطرة على الحريق من دون إصابات ولا خسائر بشرية.

تفاصيل الاستهدافات

وما إن انتهى بيان التحالف، حتى كشف مصدرٌ مسؤولٌ في وزارة الطاقة السعودية تفاصيل الهجوم، قائلًا إن محطة توزيع المنتجات البترولية شمالي جدة، ومحطة المختارة في منطقة جازان تعرضتا لهجومين بمقذوفين صاروخيين، لم تترتب عليهما إصابات ولا وفيات.

وأعرب المصدر عن إدانة المملكة الشديدة، لھذه الاعتداءات التخريبية، التي يمثل تكرار ارتكابها ضد المنشآت الحيوية والأعيان المدنية، في مناطق مختلفة من المملكة، انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية، مؤكّداً أن المملكة العربية السعودية لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية، في ظل الهجمات التخريبية المستمرة، التي تتعرض لها منشآتها البترولية من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.

وأشار إلى أن المملكة تشدد على أهمية أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار إيران في استمرائها تزويد المليشيات الحوثية الإرهابية بتقنيات الصواريخ البالستية والطائرات المتطورة من دون طيار، التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة.

وأكد أن هناك آثارًا جسيمة ستترتب على قطاعات الإنتاج والمعالجة والتكرير، الأمر الذي سيُفضي إلى التأثير في قدرة المملكة الإنتاجية على الوفاء بالتزاماتها إلى الأسواق العالمية، ما يهدد بلا شك أمن واستقرار إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية.

 

زعزعة أسواق الطاقة

وشدد المصدر على أنه بات واضحاً أن هذه الهجمات التخريبية الإرهابية، ومن يقفون وراءها، لا تستهدف المملكة وحدها، وإنما تستهدف زعزعة أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم، والتأثير سلباً في الاقتصاد العالمي، خاصةً في هذه الظروف بالغة الحساسية التي يشهدها العالم وتشهدها أسواق الطاقة العالمية، داعياً دول العالم ومنظماته إلى الوقوف ضد هذه الاعتداءات، والتصدي للجهات التي تنفذها أو تدعمها.

ولم تنتهِ المليشيات الحوثية من هجماتها حتى صعدت من جديد، بإطلاق مسيرات مفخخة من أعيان مدنية ومنشآت نفطية بمدينة الحديدة، تمكن التحالف من اعتراضها وتدميرها.

 

عملية عسكرية

وما إن أكد التحالف، أنه مارس ضبط النفس، منعًا لانهيار المحادثات اليمنية الخليجية، أعلن بدء عملية استجابة لتحييد استهداف المنشآت النفطية أو التأثير في أمن الطاقة.

وقال التحالف إن الهدف من العملية حماية مصادر الطاقة العالمية من الهجمات الحوثية العدائية وضمان سلاسل الإمداد، مشيرًا إلى أنه يجب على الحوثيين تحمل مسؤولية السلوك العدائي والعملية العسكرية في مراحلها الأولى.

وأكد التحالف أن على المدنيين عدم الاقتراب من أي موقع أو منشأة نفطية بالحديدة.

وأضاف المالكي أن هذا التصعيد العدائي يستهدف المنشآت النفطية، ويركز على محاولة التأثير في أمن الطاقة وعصب الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أنه ليس هناك أي تأثير أو تداعيات لهذه الهجمات العدائية في مناشط الحياة العامة بمدينة جدة.

 

موجة إدانات

الهجمات الحوثية، التي تمكنت المملكة من صدها بنجاح، أثارت إدانات عربية وخليجية وغربية، أكدت فيها الدول أنها تقف إلى جانب الرياض في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها.

ودان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، استمرار ميليشيا الحوثي في إطلاق مسيرات مفخخة باتجاه المملكة، مؤكدًا أن استمرار الاعتداءات واستهداف المنشآت المدنية ومحطات الطاقة، تشكل تهديدا للأمن و الاستقرار، وإضرارًا بالاقتصاد العالمي، وإمدادات الطاقة.

وبينما أشاد الأمين العام بالكفاءة العالية واليقظة المستمرة لقوات الدفاعات الجوية السعودية، أكد تضامن دول مجلس التعاون مع المملكة، ضد كل ما يستهدف أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها.

الإمارات كانت حاضرة ببيان لوزارة خارجيتها، أكدت فيه إدانتها واستنكارها الشديدين لاستهداف ميليشيات الحوثي الإرهابية -بطريقة ممنهجة ومتعمدة- الأعيان المدنية، مشيرة إلى أن استمرار هذه الهجمات يُعد تحديًا للمجتمع الدولي والمساعي المبذولة لإنهاء الأزمة اليمنية، واستخفافًا بالقوانين والأعراف الدولية.

 

تقويض الحوار

من جانبه، قال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن الهجمات الحوثية على السعودية، تعد استمرارًا للنهج الذي يرفض إنهاء الحرب، ويسعى لتقويض مبادرات وقف إطلاق النار والحوار، مشيرًا إلى أن الاستهداف المستمر للمدنيين في اليمن وجواره عمل إرهابي، يكشف الوجه الحقيقي للحوثيين أمام المنطقة والمجتمع الدولي.

وبينما أكد وقوف الإمارات مع السعودية في السراء والضراء، أشار إلى أن «عبارة مصيرنا واحد التي تجمعنا صهرتها تحديات مشتركة لتصبح حقيقة واقعة أكبر من أي مفردة أو شعار».

وفي سياق متصل، أعربت الكويت عن إدانتها واستنكارها بأشد العبارات، العمل الإرهابي المتمثل في إطلاق ميليشيا الحوثي عددًا من الطائرات المسيرة والمفخخة تجاه المملكة، مؤكدة أن هذه العمليات الإرهابية لا تستهدف المدنيين والمناطق المدنية وأمن المملكة العربية السعودية واستقرار المنطقة فحسب، وإنما مصادر إمدادات الطاقة العالمية، ما يتطلب تحرك المجتمع الدولي السريع والحازم، للجم تلك الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها.

بدورها، أدانت البحرين هجمات الحوثي، مؤكدة وقوف المنامة مع الرياض وتضامنها معها، في ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها، ضد هذه الاعتداءات المتعمدة والممنهجة، التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني.

 

إدانات عربية

دان البرلمان العربي بشدة، استهداف ميليشيا الحوثي السعودية، مؤكدًا أن الهجمات تعد عملاً إرهابياً جباناً، يستهدف منشآت حيوية، والمساس بواحدة من أهم السلع الاستراتيجية للعالم، الأمر الذي يستوجب موقفًا دوليًا حازمًا للتصدي للأعمال الإرهابية، ومحاسبة المخططين والداعمين والممولين الذين يقفون خلفها، سواء كانوا أفراداً أم جماعات أم دولاً، خاصة بعد تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية ووقف إمدادها بالسلاح.

وعبر البرلمان العربي عن ثقته بقدرة السعودية على هزيمة الإرهاب، ودحر الجماعات الإرهابية، مؤكداً تضامنه مع المملكة، ودعمها في تصديها بحزم لكل ما من شأنه تهديد أمنها واستقرارها والمساس بمصالحها.

مصر كانت حاضرة ببيان لوزارة خارجيتها، أكدت فيه شجبها ورفضها المُطلق للأعمال الإرهابية لميليشيا الحوثي الإرهابية، ولأي عمل جبان يستهدف أمن واستقرار المملكة، مجددة تأكيد وقوفها مع المملكة، في ما تتخذه من تدابير لصون أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها، انطلاقًا من الارتباط الوثيق بين الأمن القومي للبلدين الشقيقيّن.

وحذر البيان من خطورة مواصلة ميليشيا الحوثي هذه الأعمال العدائية، التي تُعد تهديدًا جسيمًا ومباشرًا للأمن والاستقرار في المنطقة، ولسلامة إمدادات الطاقة، وما تمثله من انتهاكٍ صارخٍ لمبادئ وقواعد القانون الدولي.

 

السيسي يحذر

ولم تكتفِ القاهرة ببيان الإدانة، بل إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، هاتف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن لتأكيد تضامن بلاده مع المملكة حكومة وشعباً، في التصدي للمحاولات الساعية للنيل من استقرار المملكة.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن السيسي أكد خلال الاتصال تضامن مصر مع المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً، في التصدي للمحاولات الساعية للنيل من استقرار المملكة والخليج بوجه عام، مشدداً على الارتباط الوثيق بين أمن واستقرار البلدين الشقيقين.

ودانت الحكومة الأردنية الاعتداءات المستمرة لميليشيا الحوثي على أراضي المملكة، مؤكدة تضامنها ووقوفها المطلق إلى جانب السعودية، في وجه كل ما يُهدد أمنها وأمن شعبها.

إدانات غربية

المملكة المتحدة أدانت -على لسان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون- هجمات الحوثي، مؤكدة أن الاعتداءات تعرِّض حياة المدنيين للخطر ويجب أن تتوقف.

وأدان سفير اليابان لدى المملكة فوميو إيواي، الهجمات على البنية التحتية المهمة في المملكة، مؤكدًا أن بلاده دعت جميع الأطراف إلى الحوار لوقف إطلاق النار بشكل فوري، والتوصل إلى حل سياسي في اليمن.

 

اتهامات لإيران

إلا أن أمريكا كانت صاحبة نصيب الأسد من التصريحات التي تدين الهجمات، وتتهم إيران بالوقوف وراء تزويد المليشيات الحوثية بالأسلحة المتطورة.

فمستشار الأمن القومي الأمريكي جايك سوليفان، أكد أن واشنطن تدين الهجمات الإرهابية الحوثية على البنية التحتية المدنية في المملكة العربية السعودية، متهمًا إيران بالوقوف خلف هذه الهجمات.

وأكد المسؤول الأمريكي، أنه تم تمكين تلك الهجمات من قبل إيران بشكل واضح، مثل تلك التي استهدفت محطات معالجة المياه والبنية التحتية للطاقة في 19 و20 مارس الماضي، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات الإرهابية الحوثية، تشكل انتهاكـًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، التي تحظر توريد الأسلحة إلى اليمن.

 

مشروع قرار أمريكي

وبينما حذر من أن الهجمات الحوثية تطيل أمد الصراع اليمني، أشار إلى أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب وإغاثة الشعب اليمني، شرط موافقة الحوثيين على التعاون مع الأمم المتحدة ومبعوثها، الذي يقود عملية تدريجية لتهدئة الصراع.

وأكد أن واشنطن ستواصل تقديم الدعم لشركائها في الدفاع عن أراضيهم من هجمات الحوثيين، داعيًا المجتمع الدولي إلى أن يحذو حذوها.

وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية، هجوم الحوثيين على منشآت النفط والبنية التحتية في السعودية، واصفة إياها بـ«غير المقبولة».

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن هجوم الحوثيين اعتداء على المدنيين وآلاف الأمريكيين في السعودية، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل على مشروع قرار في الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن.