بصدمة وعزلة رقمية متزايدة.. الروس يودعون إنستغرام

العديد من الروس استجابوا لعزلتهم الرقمية الجديدة، التي تسارعت بشكل حاد في الأيام الأخيرة، بالحزن والاستسلام

بصدمة وعزلة رقمية متزايدة.. الروس يودعون إنستغرام

ترجمات – السياق

قابل نحو 80 مليون روسي -بحزن شديد- توقف تطبيق إنستغرام عن العمل في بلادهم، بعد أن قررت موسكو حظر موقع التواصل الاجتماعي، التابع لشركة ميتا بلاتفورمز، ردًا على ما قالت إنها قيود على الدخول إلى وسائل الإعلام الروسية عبر منصته.

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية -في تقرير- أن تطبيق مشاركة الصور إنستغرام يضم 80 مليون مستخدم في جميع أنحاء روسيا، أي ما يقرب من نِصف السكان، مشيرة إلى أن الكثيرين كتبوا منشورات وداع، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ووجهوا متابعيهم إلى وسائط اجتماعية أخرى، بعد أن منحت الحكومة مهلة 48 ساعة للمستخدمين لإنهاء ملفاتهم الشخصية، قبل حظر التطبيق رسميًا 14 مارس.

 

عزلة متزايدة

نقلت فايننشال تايمز، عن الروسية يوليا تيلنوفا، 36 عامًا، التي تدير أعمالها في مجال الخبز من مطبخها المنزلي بنوفوسيبيرسك منذ عام 2018، تعليقها على حظر "إنستغرام" بالقول: "لم أصدق ذلك حتى اللحظة الأخيرة"، حيث تشارك صورًا لمنحوتات الجليد المتقنة على التطبيق، فضلًا عن أنها تستخدمه في بناء قاعدة عملائها، مضيفة: "اليوم، عندما توقف إنستغرام الخاص بي عن العمل، شعرت بالصدمة".

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن تيلنوفا من ملايين الروس الذين يعتمدون على التطبيق لكسب لقمة العيش، أو لإدارة أعمال صغيرة في المنزل، أو الترويج لأنفسهم كمؤثرين لديهم أعداد كبيرة من المتابعين.

وأشارت الصحيفة إلى أنها، مثل الآخرين، فتحت تيلنوفا صفحة على المنصة المحلية الروسية VKontakte  وهو موقع يشبه Facebook  أصبح مؤخرًا تحت سيطرة الدولة.

وأوضحت الروسية أن "إنستغرام" كان مصدر 99 في المئة من عملائها، وعليها الآن "بناء قاعدة عملاء مرة أخرى".

وكشفت "فايننشال تايمز" أن بعض المؤثرين الروس حققوا مئات الآلاف من الدولارات -إن لم يكن الملايين- من الإعلانات المباعة مقابل منشوراتهم على "إنستغرام"، مشيرة إلى أن المغنية أولغا بوزوفا نشرت فيديو وداع للتطبيق وهي تبكي، نال مشاركة أكثر من 23 مليون متابع -حتى الآن- رغم الحظر.

وذكرت الصحيفة البريطانية، أن بوزوفا كتبت في التسمية التوضيحية لفيديو الوداع: "لقد كنت هنا معك منذ نهاية عام 2012... الآن ما صنعناه على مدى سبع سنوات قد يُنتزع منا".

 

حزن واستسلام

ورأت "فايننشال تايمز" أن العديد من الروس استجابوا لعزلتهم الرقمية الجديدة، التي تسارعت بشكل حاد في الأيام الأخيرة، بالحزن والاستسلام.

وأوضحت أنه في حين أثارت محاولات حظر تطبيق المراسلة تليغرام عام 2018 احتجاجات حاشدة في الشارع، أدت التحركات ضد عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي الدولية -منذ بداية الحرب- إلى رد فعل صامت، وسط حملة قمع سياسية أوسع وأكثر كثافة.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن التركيز بدلاً من ذلك كان على الحلول البديلة، حيث يتبادل الأشخاص النصائح باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية -البرامج التي تخفي موقع مستخدم الإنترنت- ومشاركة الروابط إلى ملفاتهم الشخصية على "تليغرام"، التي لا تزال غير محظورة.

وحسب "فايننشال تايمز" فإنه وفقًا لبيانات متتبع VPN Top10VPN ، ارتفع الطلب على خدمات VPN في روسيا 2088 في المئة الأحد الماضي، مقارنة بمتوسط الطلب اليومي في الأسبوع الذي سبق غزو أوكرانيا.

 

قطع الاتصال

كانت وكالة مراقبة وسائل الإعلام الحكومية الروسية، أعلنت حظر موقع إنستغرام في البلاد، بسبب "دعوات للعنف" ضد الجنود الروس.

بينما قالت ميتا، مالكة "إنستغرام"، إنها ستسمح لمستخدميها في بعض البلدان، بالدعوة إلى العنف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والجنود الروس.

وقالت الشركة المالكة لتطبيقات "فيسبوك وإنستغرام وواتساب": "سيسمح مؤقتًا ببعض المنشورات العنيفة، مثل الموت للغزاة الروس" التي عادة ما تنتهك قواعدها، لكن الشركة قالت إنها لن تسمح بالدعوات إلى العنف ضد المدنيين الروس.

وردًا على التحول في سياسة ميتا، دعت روسيا الولايات المتحدة إلى وقف "الأنشطة المتطرفة" لعملاق وسائل التواصل الاجتماعي، كما أعلنت موسكو أنها ستلاحق شركة ميتا قانونيًا بسبب "دعوات إلى قتل روس".

وأوضحت لجنة التحقيق الروسية، التي تحقق في الجرائم الكبرى، أنها ستفتح تحقيقًا "بسبب دعوات غير قانونية لقتل روس من قِبل موظفين في شركة ميتا الأمريكية".

كما طلب مكتب المدعي العام الروسي تصنيف عملاق الإنترنت "متطرفًا" ودعا إلى حظر "إنستغرام" في البلاد، لنشره "دعوات إلى ارتكاب أعمال عنف ضد مواطني روسيا بمن فيهم العسكريون".

في المقابل، دافعت ميتا عن هذه الخطوة المثيرة للجدل، بأنها "تركز على حماية حقوق الأوكرانيين في التعبير عن الدفاع عن النفس، كرد فعل على غزو عسكري لبلدهم".

وكتب آدم موسيري، الرئيس التنفيذي لـ "إنستغرام"، عبر تويتر: "نحو 80 في المئة من الشعب الروسي يتابعون حسابات على إنستغرام خارج بلادهم"، وأضاف أن منع الخطوة لن يؤدي فقط إلى عزل الروس عن بعضهم، ولكن أيضًا "عن بقية العالم".

 

تكلفة الاحتجاج

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أنه لم يحدث أي احتجاج من قِبل الروس، ضد إغلاق "إنستغرام"، بسبب الاعتقالات المتزايدة في صفوف المحتجين، مشيرة إلى اعتقال الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحرب منذ بدئها في 24 فبراير الماضي.

وحسب الصحيفة، فقد أفاد بعض النشطاء بفتح 164 قضية أمام المحاكم بشأن ما يسمى "تشويه سمعة" مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لأفعال روسيا في أوكرانيا ، بموجب قانون الرقابة العسكرية الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في 5 مارس الجاري.

وحسب النشطاء، فقد فرّ عشرات الآلاف من الروس المعارضين من البلاد، بعد إقرار هذا القانون.

ونقلت "فايننشال تايمز" عن غراهام شيلينبرغر، مدير الفريق العالمي في Miburo Solutions  الذي يتتبع التطرف عبر الإنترنت، قوله: لا أعتقد أن أي شخص سيخاطر بالسجن، بسبب حسابه على "إنستجرام".

بينما قالت مصورة تدعى أناستاسيا، إنها تشعر بالعجز بعد أن غادر العديد من الشباب الروس البلاد، مضيفة: "أشعر كأنني سمكة صغيرة كانت تسبح في مياه ضحلة كبيرة نحو مستقبل مشرق، لكننا بدلاً من ذلك، حوصرنا في شبكة، والآن نُجَر نحو مستقبل مختلف تمامًا".