الغارديان: الصين ليست وحدها التي تكسر عزلة موسكو
وجهة نظر غارديان بشأن بوتين والعالم... الأمر لا يتعلق بالصين فقط

ترجمات – السياق
مع قرب انتهاء الأسبوع الخامس من الحرب الروسية الأوكرانية، بمزيد من الدمار، وانهيار محادثات السلام، والمزيد من العقوبات الاقتصادية الدولية ضد موسكو، رأت صحيفة غارديان البريطانية، أنه رغم كل هذا الكم من العقوبات الدولية، لعزل نظام فلاديمير بوتين في روسيا، فإن هناك دولًا تكسر هذه العزلة، بعلاقات كبيرة، مشددة على أن الأمر لا يتوقف فقط على الصين.
وقالت الصحيفة في تقرير بعنوان (وجهة نظر غارديان بشأن بوتين والعالم... الأمر لا يتعلق بالصين فقط): قبيل أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا، وعندما اعترفت روسيا بإقليمي لوهانسك ودونيتسك جمهوريتين مستقلتين، جاءت واحدة من أشد الإدانات من مبعوث كينيا في الأمم المتحدة.
وذكرت أن مارتن كيماني، مندوب كينيا في مجلس الأمن الدولي، استشهد بتاريخ بلاده عندما حذر من النزعة الوحدوية والتوسعية، قائلا: "يجب أن نكمل تعافينا من جمر الامبراطوريات الميتة بطريقة لا تعيدنا إلى أشكال جديدة من الهيمنة والقمع".
وعدَّ سفير كينيا الخطوة الروسية انتهاكًا لوحدة أراضي أوكرانيا، مضيفًا: "التعددية تنازع الموت الليلة، وتعرضت للاعتداء اليوم، كما في الماضي القريب من دول قوية".
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه "في قرارين للجمعية العامة للأمم المتحدة - الأول يدين الغزو، والثاني يلقي باللوم على روسيا بالتسبب في أزمة إنسانية- وافقت 140 دولة أو أكثر، أربعة فقط صوتت مع روسيا لمعارضة القرارين هي مجموعة من الدول المارقة تشمل بيلاروسيا، إريتريا، سوريا، وكوريا الشمالية".
عزل روسيا
ورغم هذه الإدانات، والمصطلحات القوية التي تدين روسيا، فإن "غارديان" رأت أن الإدانة الواسعة إلى جانب الوحدة الغربية غير المتوقعة، يجب ألا تفهم خطأ على أنها عزلة لروسيا.
وأشارت إلى أنه بعد أن تفاخرت الصين بعلاقة "بلا حدود" مع موسكو، وأنها تشاركها مصلحة مواجهة القوة العالمية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، تسعى بكين إلى تصوير نفسها في جانب أكثر دقة وتفادي الضرر الاقتصادي والسياسي، لكنها ليست كذلك في الواقع، فهي لا تنأى بنفسها عن روسيا، وإنما تقيم علاقات قوية معها.
واستبعدت الصحيفة البريطانية، أن تكون الصين وحدها التي تدعم روسيا، مشيرة إلى أن قلة من دول العالم الأكثر اكتظاظًا بالسكان، وعددًا قليلًا فقط من اللاعبين البارزين خارج الغرب، ينتقدون بوتين.
وعددت الصحيفة، أمثلة من هؤلاء الزعماء الذين يؤيدون بوتين، مشيرة إلى أن عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني، كان في موسكو عندما دخلت الدبابات الروسية أوكرانيا، بينما ناقشت الهند -التي تتمتع بعلاقات استراتيجية طويلة المدى مع روسيا، ولديها قلق شديد بشأن علاقات موسكو بباكستان والصين- مقايضة العملة الروسية مع العملة الهندية، لمساعدة موسكو في التغلب على العقوبات الغربية.
وفي البرازيل -حسب "غارديان"- يرى الرئيس جائير بولسونارو - الذي يتودد إليه بوتين- الحرب فرصة جيدة للتعدي على أراضي السكان الأصليين، بحثًا عن مواد خام للأسمدة.
نفوذ روسيا
وترى "غارديان" أن نفوذ روسيا توسع في الشرق الأوسط بشكل كبير منذ دورها الحاسم في الحرب السورية، ما جعل العديد من الدول تتحوط في رهاناتها، في خضم إعادة تنظيم أوسع للمنطقة.
وعن النفوذ الروسي في إفريقيا، كشفت الصحيفة البريطانية أن جنوب إفريقيا دعت في البداية إلى انسحاب القوات الروسية، لكنها ألقت باللوم على رغبة "الناتو" في التوسع كسبب للحرب، وانضمت إليها 16 دولة إفريقية في الامتناع عن التصويت، في أول تصويت للجمعية العامة، بفضل العلاقات الاقتصادية المتنامية، فضلاً عن المواقف الراسخة لعدم الانحياز ودعم الاتحاد السوفييتي لحركات التحرر.
إعادة تشكيل عالمي
وتساءلت الصحيفة: هل تعيد الحرب تشكيل العالم؟، مشيرة إلى أن الحرب أطلقت -ولم تتسبب- في مرحلة جديدة وطويلة من إعادة تشكيل النظام الدولي، وأن ما سمتها "الترامبية" -نسبة إلى سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب- فعلت أكثر مما فعلته القوة الصينية، في تسريع تصورات تراجع دور الولايات المتحدة على المسرح الدولي.
ونوهت إلى التعاطف الانتقائي تجاه اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا، والمعايير المزدوجة، التي تظهر في العداء الواسع واللامبالاة بمعاناة اللاجئين الفارين من الحروب الأخرى، مشيرة إلى أن ذلك عزز "الشك والحقد" لدى بعض الدول تجاه الولايات المتحدة والغرب.
وأوضحت "غارديان" أن موقف بوتين الحالي لا يعكس فقط رغبته في مساعدة الأنظمة البغيضة، وتدخله الخبيث عبر العالم، بل يعكس أيضًا خطايا وإخفاقات الولايات المتحدة والغرب، مشددة على أن معالجة هذه الإخفاقات، ليس مسعى مثاليًا ميؤوسًا منه، لكنه واقعي وضروري إذا أردنا تشكيل التحالفات القوية اللازمة ضد أعمال العدوان القاسية.