كورونا في العراق... موجة رابعة وسط عزوف المواطنين عن التلقيح

يتّسع مستشفى الشفاء الحكومي في بغداد، بعد تحويله إلى مركز لكورونا منذ تفشي الوباء، لـ175 مريضاً، ويضمّ 40 سريرًا للعناية الفائقة، نصفها ممتلئ.

كورونا في العراق... موجة رابعة وسط عزوف المواطنين عن التلقيح

السياق

تكاد تختفي الكمامات عن الوجوه، في متاجر بغداد وحافلاتها، رغم أن وباء كورونا لا يزال حاضراً بقوة في بلد نسبة تلقي اللقاح فيه قليلة، ولا يلجأ فيه الناس إلى المستشفيات إلا كملاذ أخير.

يتّسع مستشفى الشفاء الحكومي في بغداد، بعد تحويله إلى مركز لكورونا منذ تفشي الوباء، لـ175 مريضاً، ويضمّ 40 سريرًا للعناية الفائقة، نصفها ممتلئ.

ويقول معاون مدير المستشفى علي عبدالحسين كاظم: "نحو 95% من مرضى كورونا الذين يدخلون العناية المركزة غير ملقحين".

ويهمين في قسم العناية المركزة، الصوت الحاد والمتقطّع لأجهزة مراقبة التنفس والمصل.

ويتشارك رجل متقدم في السن وشابة، غرفة العناية الواسعة نفسها. كلاهما موصول بأجهزة التنفس، إذ يُسمح لفرد من أفراد العائلة بالزيارة شرط وضعه الكمامة والزي الأبيض الطبي الخاص للوقاية.

في غرفة مجاورة، يدفع رجل ستيني، موصول أيضاً بجهاز المساعدة على التنفس، غطاء السرير عنه، متململاً. ينبّه أحد أقربائه الجالسين معه الطبيب قائلاً: "يقول إنه يشعر بالاختناق".

ويواجه العراق -الذي يتجاوز عدد سكانه 40 مليونًا- موجة وبائية رابعة منذ يناير، لكن لم تُفرض أي قيود للوقاية.

ومنذ تفشي الوباء، أصيب به أكثر من 2.2 مليون شخص في العراق، وفارق الحياة ما يزيد على 24 ألف شخص.

وفي الأيام الأخيرة، رغم التفشي السريع للمتحور أوميكرون، فإن الإصابات تراجعت، وتبلغ الحصيلة الرسمية اليومية نحو ألفين.

 

أخبار كاذبة

رغم الحملة الواسعة التي أطلقتها السلطات، لتشجيع العراقيين على تلقي اللقاح ومع وجود 1400 مركز تلقيح، تراوح العملية مكانها، فلم يتلق سوى أقل من 10 ملايين شخص اللقاح، حسب ما أكد لـ "فرانس برس" الناطق باسم وزارة الصحة سيف البدر.

ومن هؤلاء، تلقى أقل من سبعة ملايين الجرعة الثانية، ونحو مئة ألف شخص فقط الجرعة الثالثة، بينما تلقى 66% من سكان إيران المجاورة -البالغ عددهم 83 مليونًا- الجرعتين.

ويجري مدير قسم العناية في مستشفى الشفاء محمد صالح جولته الصباحية، مدققاً بصور الأشعة ومقدماً التوجيهات لفريقه.

ويقول الطبيب البالغ من العمر 49 عامًا: "أغلبية المرضى، 90% منهم أو أكثر، متقدمون في السن، فوق الستين عاماً ومعظمهم لديهم مشكلات مزمنة، مثل السكري وارتفاع الضغط في الشريان، ومشكلات في الكلى".

يرافق صالح أطباء وممرضو منظمة "أطباء بلا حدود" التي تقدّم المساعدة للمستشفى بالخبرات.

وفضلاً عن التدريب الذي يسمح بـ"ضمان توفير علاج مستدام"، كما يشرح المسؤول الطبي في المنظمة دانييل أوش، فإن برنامج "أطباء بلا حدود"، الذي أطلق في نوفمبر، يقدّم أيضاً خدمات في العلاج الفيزيائي والصحة النفسية.

وتشكّل مكافحة الأخبار الكاذبة أولوية أيضًا، إذ يقول أوش: "أغلبية الحوامل اللاتي يدخلن المستشفى غير ملقحات، لأنهن يخشين أن يؤثر اللقاح في الجنين".

 

 2% فقط

ويشير صالح إلى ظاهرة أخرى قائلًا:"أغلبية المرضى يبقون في البيت فترة طويلة ولا يتم إدخالهم إلا بعد وصولهم إلى المرحلة الحرجة".

ويضيف: "في بعض الأحيان، لا نتمكن من عكس الضرر الذي لحق بالمريض من ناحية الرئة و الجهاز الدوراني والكلى"، والسبب -حسب رأيه- أن "المريض يبقى في المنزل ويستمع إلى مواقع التواصل ويتأثر بالشائعات".

وتسهم في ذلك السمعة السيئة للقطاع الصحي في العراق، الذي أنهكته عقود من الحروب والحصار الدولي.

ويقول ممرض، فضَّل عدم كشف هويته: "المواطنون يتخوفون كثيراً من المستشفيات، بسبب الشائعات التي تصلهم، بأنك لن تجد العلاج المناسب في المستشفى، ولن يهتموا بك".

عام 2021، التهم حريقان مدمران مستشفيين عامين خلال أشهر فقط، ولقي أكثر من 80 شخصاً مصرعهم في إحدى ليالي أبريل بمستشفى يقع في إحدى ضواحي العاصمة.

وتقر السلطات بوجود تحديات عدة، في قطاع لا تتعدى حصته من إنفاقات الدولة 2% في البلد الغني بالنفط.

ويقول سيف البدر: "في الحكومات السابقة، لم تكن الصحة أولوية".

ويضيف: "بعد الحرب مع داعش، دمّرت البنية التحتية للقطاع الصحي في بعض المحافظات".

ورغم ذلك، يستطرد البدر: "لدينا آلاف الأسرة المهيئة للتعامل مع الحالات التنفسية الصعبة، والأدوية والمستلزمات الطبية واللقاحات متوفرة".

ويستعد فاروق نعوم، البالغ من العمر 75 عاماً للعودة إلى بيته من مستشفى الشفاء، بعدما شفي من كورونا. ورغم تلقيه جرعتين من لقاح فايزر، أصيب بالمرض.

جاء ابنه وهو طبيب أسنان، لنقله، ويقول فاروق: "هذا يومي الـ31 في المستشفى، دخلت في 9 يناير، يجب توخي الحذر، الحذر أهم شيء".