إد حسين: إهمال اليمين واليسار البريطاني المسلمين يزيد من صعوبة التحدي

حذّر حسين من أنه بالإضافة إلى الانتقادات التي يتبناها اليمينيون الذين يصورون جميع المسلمين على أنهم غير متسامحين، فإن هناك إصرارًا يساريًا أيضًا على أن كل شيء على ما يرام بين الجالية المسلمة في بريطانيا، وهو ما رأى أنه يمثّل إشكالية عميقة، لأن كل شيء ليس على ما يرام، حسب قوله.

إد حسين: إهمال اليمين واليسار البريطاني المسلمين يزيد من صعوبة التحدي
إد حسين

ترجمات - السياق

أبرزت مجلة "نيو ستيتس مان"، البريطانية، الجدل المثار في لندن حول الكتاب الجديد للكاتب إد حسين، الذي جاء بعنوان "بين المساجد: رحلة عبر بريطانيا المسلمة"، قائلة إنه في أوائل شهر يونيو/حزيران الجاري، نشرت صحيفة "ديلي ميل"، البريطانية، تقريرًا بعنوان: "المدن البريطانية التي يُحظر دخولها على البيض"، مشيرة إلى أن هذه القصة التي وصفتها بـ"التحريضية" تمّت كتابتها بالاستناد إلى معلومات موجودة في كتاب حسين، ولكنها لاقت إدانة واسعة النطاق، بينما ركّزت تقارير الصحيفة اللاحقة على تقديم نسخة كاريكاتيرية ساخرة للكتاب، بدلاً من عرض الموضوعات الأساسية التي تم تناولها فيه.

ونقلت المجلة -في تقرير نشرته - عن حسين، الذي يبلغ 46 عاماً ويعمل أستاذًا مساعدًا في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، قوله: "إن تركيز (ديلي ميل) على نقطة واحدة من بين عشرات النقاط التي جرى تناولها في الكتاب، إن لم يكن المئات، هو ما يكشف عن المشكلة القائمة، إلا أنني أرى أن الأمر يسير في كلا الاتجاهين".

وحذّر حسين من أنه بالإضافة إلى الانتقادات التي يتبناها اليمينيون الذين يصورون جميع المسلمين على أنهم غير متسامحين، فإن هناك إصرارًا يساريًا أيضًا على أن كل شيء على ما يرام بين الجالية المسلمة في بريطانيا، وهو ما رأى أنه يمثّل إشكالية عميقة، لأن كل شيء ليس على ما يرام، حسب قوله.

وأوضحت المجلة أن كتاب حسين الجديد يرصد حال المسلمين في بريطانيا، الذين وصفتهم بأنهم "المجموعة الدينية الأسرع نموًا في المملكة المتحدة"، مشيرة إلى أنه قام في كتابه بمقابلة العديد من المسلمين الليبراليين التقدميين المدافعين عن قضايا مثل حقوق المثليين، لكنه توصل أيضًا إلى بعض المشكلات الخطيرة في العديد من المدن، إذ وجد مساجد تمارس تمييزًا ضد النساء، وأخرى تقوم بتقديم تفسيرات خاطئة عن الإسلام، كما وجد كتبًا لمؤلفين محظورين في أجزاء من الشرق الأوسط لكونهم متطرفين، ومساجد أقامت زيجات دون تسجيل قانوني.

ويقول حسين للمجلة: "هناك أعداد كبيرة من ناشطي المجتمعات الإسلامية في بريطانيا الذين يعتقدون أن إقامة خلافة تُعدّ أمرًا جيدًا".

ولفتت المجلة إلى أن حسين قد وُلد في شرق لندن لعائلة متدينة، كما أن والدته من المملكة العربية السعودية، ووالده وُلد في الهند إبان الحكم البريطاني، قائلة إنه بعد تركه مدرسة "ستيبني جرين"، انضم إلى "حزب التحرير" الإسلامي، قبل أن يتنصل لاحقًا من المعتقدات المتطرفة، وهي الرحلة التي تحدث عنها في كتابه الأول "الإسلامي'' في عام 2007، والتي قادته إلى المشاركة في تأسيس مركز أبحاث كويليام لمكافحة التطرف، الذي جرى حله في وقت سابق من هذا العام.

وقالت المجلة إن مكتبة حسين في منزله، التي ظهرت خلفه في المكالمة بالفيديو التي أجراها من منزله مع المجلة، تضم كلاسيكيات عربية مختلفة تتخلّلها بعض الكتب عن التاريخ والفلسفة الأوروبية، معتبرة أن هذا ليس من قبيل الصدفة، إذ استشهد حسين في حديثه للمجلة بالمفكر المحافظ إدموند بيرك باعتباره صاحب أكبر تأثير فلسفي عليه.

وقال حسين في كتابه: "لا أرى أي صراع متأصل بين الإسلام والغرب، وبالتأكيد ليس بين الإسلام والمملكة المتحدة، فالإسلام والمسلمون جزء راسخ من قصة هذه الجزر".

ويعتقد حسين أنه يجب أن تناقش المملكة المتحدة القضايا المتعلقة بوضع المسلمين في المجتمع، معربًا عن ثقته من أنه بصفة بريطانيا "دولة متسامحة للغاية"، فإنه يمكنها الآن التحدث عن هذا الأمر بثقة وانفتاح.

وبسؤاله عن سبب عدم حدوث مثل هذه المناقشات، قال حسين: "أرى أن الناس لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم ينتقون الأقليات، وهو ما يُعدّ شيئًا جيدًا، ولكن لا ينبغي أن يؤدي هذا الدافع إلى جعلنا لا نستطيع إجراء مناقشات حرة بشكل محترم"، معربًا عن قلقه من أنه "في حال لم تحدث هذه المناقشات فإن الناس سيقومون بكبتها بداخلهم، ثم سيعبرون عنها في وقت لاحق بشكل قبيح".

وعلى الرغم من إيمانه بالمناقشات الحرة، فإن حسين لا يعتقد أن الحديث وحده سيحل المشكلات التي ذكرها، داعيًا إلى ضرورة وجود حالة وطنية شاملة تنبع من إعادة التأكيد على التقاليد الليبرالية البريطانية ومفاهيمها مثل المساواة بين الجنسين، والحرية الفردية، وسيادة القانون، والمساواة بين مختلف الأعراق، قائلاً إن هذه القيم هي التي تشكّل بريطانيا الحديثة، وإن الترويج لها هو الذي سيؤدي إلى تقويض الأفكار المتطرفة.

وأشارت المجلة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان أحد السياسيين الذين تعاملوا مع التطرف الإسلامي من خلال التأكيد على قيم بلاده، ويعتقد حسين أن ماكرون محق في "الحديث عن الإسلام المتطرف باعتباره مشكلة متصاعدة بين الناشطين المسلمين في فرنسا".

وأشارت المجلة إلى الخطاب الذي ألقاه ماكرون، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي قال فيه إنه يريد أن تصبح فرنسا دولة يمكنها تدريس أعمال المفكرين الإسلاميين مثل ابن رشد وابن خلدون، وهي الكلمات التي وصفها حسين بأنها بمثابة "نسمة من الهواء النقي"، قائلاً إن "فكرة إشارة رجل دولة أوروبي إلى فيلسوف مسلم عظيم مثل ابن رشد، الذي ساعد في تشكيل عصر التنوير، توفّر لنا نسمة من الهواء النقي".

وقالت المجلة إنه على الرغم من إشادة حسين بماكرون فإنه أقل ثناءً على السياسيين البريطانيين، إذ حذّر من أن "إهمال يسار الوسط واليمين وخوفهم يجعل هذا التحدي ينمو بشكل أكبر".

ويعتقد حسين، الذي عمل مستشارًا في معهد توني بلير للتغيير العالمي في الفترة بين عامي 2015 و2018، أن زعيم حزب العمال، كير ستارمر، "مرعوب" من مواجهة هذه المشكلة، وأن المحافظين مشلولون أيضًا، بسبب "مخاوفهم من أن يتم اتهامهم بتبني الإسلاموفوبيا".

وتابع: "حساسية الموضوع تجعل تحفظهم مفهومًا، فمصطلحات مثل الاندماج والتعددية الثقافية محملة بأعباء النقاش الأقدم والأقبح حول علاقة المجتمعات المسلمة ببقية المجتمع".

ويعتقد حسين أن تعزيز الشعور بالانتماء إلى بريطانيا هو الحل الأفضل، وذلك لأنه سيؤدي إلى التأكيد على الهوية المشتركة، ويقول: "لا أهتم بالاندماج بشكل كبير، ولكن إذا شعر الناس بالانتماء إلى هذا البلد، وبات لديهم إحساس بالملكية والحب لهذه الأرض، فإننا سنكون بخير."