الغنوشي وإخوانه قيد التحقيق... زلزال يضرب حركة النهضة التونسية

استدعت شرطة مكافحة الإرهاب في تونس، الجمعة، رئيس البرلمان المنحل وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، للتحقيق

الغنوشي وإخوانه قيد التحقيق... زلزال يضرب حركة النهضة التونسية
راشد الغنوشي

السياق

تطورات متسارعة شهدتها تونس خلال الأيام الماضية، بعد عقد البرلمان التونسي المجمدة أعماله، اجتماعاً عبر الإنترنت، متحديًا قررات الرئيس التونسي قيس سعيد، إلا أن الأخير وجَّه إليه صفعة أقصته بشكل نهائي من المشهد.

وبينما أعلن الرئيس التونسي -قبل يومين- حل البرلمان، استنادًا إلى الفصل الـ75 من الدستور، استدعت شرطة مكافحة الإرهاب في تونس، الجمعة، رئيس البرلمان المنحل وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، للتحقيق.

وينص الفصل 72 من الدستور، الذي استند إليه الرئيس سعيد في حل البرلمان، على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور».

وبحسب بيان مكتب راشد الغنوشي، فإن وحدة التحقيق في جرائم الإرهاب، توجهت إليه باستدعاء للمثول أمامها اليوم الجمعة، مع أكثر من 30 نائبًا ممن شاركوا في الجلسة العامة عبر الإنترنت للنواب السابقين بشبهة «تكوين وفاق قصد التآمر على أمن الدولة الداخلي».

تسريبات إخوانية

تلك التطورات تأتي بعد ساعات من تسريب حركة النهضة، قرارات لاستقالة 8 قيادات فيها: سمير ديلو، وجميلة دبش كسيكسي، ورباب اللطيف، وتوفيق الزائري، ونسيبة بن علي، والتومي الحمروني، ومعز بلحاج رحومة.

إلا أن مراقبين قالوا هدف تلك التطورات وذلك التسريب، تخفيف الضغط الشعبي والسياسي عن حركة النهضة، لاسيما بعد عقد الجلسة البرلمانية عبر الإنترنت من جانب، ومحاولة إعادة ملف الانشقاقات إلى الواجهة من جانب آخر.

إلى ذلك، قال وسام الشعري، القيادي والنائب عن الحزب الدستوري الحر بالبرلمان التونسي المنحل، في تصريحات لـ«السياق»، إن قرار حل مجلس النواب يمثل نهاية للفترة الاستثنائية، التي أقرها الرئيس في 25 يوليو 2021.

وعبَّـر البرلماني التونسي السابق، عن تأييده لقرار الرئيس التونسي بضرورة إجراء الانتخابات خلال 3 أشهر (90 يومًا) وفق الدستور، مشيرًا إلى أن إجراء الانتخابات النيابية ينقذ البلاد من الاضطرابات التي يحاول الإخوان افتعالها.

انتخابات برلمانية

كان الرئيس التونسي قيس سعيد، استبعد إجراء انتخابات قبل 3 أشهر، ما يشير إلى أن ثمة إجراءات ستتخذ قبل فتح باب التسجيل في الانتخابات التشريعية المقبلة.

تصريحات الرئيس سعيد، قال عنها البرلماني التونسي: يجب التسريع في إرساء مؤسسة تشريعية منتخبة قادرة على الشروع في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتوفير الموارد المالية الضرورية لإبعاد شبح الإفلاس والمجاعة.

وأشار إلى ضرورة تنقية المناخ الانتخابي، وتجفيف التمويل الأجنبي للجمعيات والمنظمات الإخوانية، وتطهير «أجهزة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من بقايا التدخل السياسي والانحراف الإخواني عن الحيادية والنزاهة، الذي تمت معاينته خلال المحطات الماضية، حتى تكون الانتخابات كفيلة بتمكين الشعب من ممارسة سيادته واختيار ممثليه من دون وصاية ولا تسلط».

مناورة سياسية

من جانبه، قال مختار اللواتي، الكاتب والباحث التونسي في تصريحات لـ«السياق»: إعلان الاستقالات الأخيرة مجرد مناورة سياسية لتخفيف الضغوط عن الحركة، بعد التحركات الرسمية ضدها وزعيمها الغنوشي.

وأكد اللواتي، أن الترويج لخبر الاستقالات من مواقع إعلامية موالية للنهضة، يأتي للتغطية على قرار مكتب مجلس النواب التونسي المنحل بالدعوة إلى جلسة عامة، لإنهاء الفترة الاستثنائية والإجراءات المصاحبة لها.

تصريحات اللواتي، أيدتها ضحى طليق الكاتبة والمحللة السياسية التونسية، التي أكدت لـ«السياق»، أن حركة النهضة -كغيرها من التنظيمات التي تواجه أزمات- تعاني استقالات تكشف حالة الضعف التي تعتريها بعد قرارات 25 يوليو 2021.

وأوضحت المحللة السياسية التونسية، أن الحركة -منذ أكثر من سنة- تعيش أزمة واضحة، إذ سبق أن استقال نحو 100 عضو منها، بعد أن حملوا رئيسها راشد الغنوشي مسؤولية فشل النهضة في الحكم، وكذلك الأزمة السياسية التي دخلت فيها تونس.

قفز من المركب

ورغم أن المحللة السياسية، قالت إن الاستقالات من الحركة، تعبر عن عملية قفز من المركب قبل الغرق، فإنها حذرت من إمكانية اتجاه هؤلاء إلى تشكيل كيان إخواني جديد، كمحاولة للتكيف مع الأوضاع الراهنة.

وهو ما أشار إليه عبدالفتاح مورو، القيادي التاريخي المنشق عن حركة النهضة، في أكتوبر 2021، الذي أعلن استعداده لتأسيس حزب سياسي.

إلا أن المحللة التونسية، أكدت أن هؤلاء لن يقدموا شيئًا للشعب التونسي، حال تشكيلها جبهة جديدة، مستدلة على تصريحاتها بتاريخ إخوان تونس في المناورة و«تغيير جلدها» كلما تعرضت لضغوط، مشددة على أن أي تنظيم سياسي جديد لمنشقي الإخوان، لن يختلف عن سابقه.