إثيوبيا تبدأ إنتاج الكهرباء من سد النهضة.. ميلاد عهد جديد أم بداية لتوترات مع دولتي المصب؟
افتتح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد رسميًا، مع مسؤولين رفيعي المستوى إنتاج الكهرباء من سد النهضة، وأجروا جولة في محطة توليد الطاقة، وضغطوا على سلسلة من الأزرار على شاشة إلكترونية، في خطوة قال المسؤولون عنها، إنها بداية الإنتاج.

السياق
وسط صمت رسمي من دولتي المصب، وبعد سنوات من المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود، أعلنت إثيوبيا رسميًا بدء إنتاج الكهرباء من سد النهضة، على النيل الأزرق.
وافتتح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد رسميًا، مع مسؤولين رفيعي المستوى إنتاج الكهرباء من سد النهضة، وأجروا جولة في محطة توليد الطاقة، وضغطوا على سلسلة من الأزرار على شاشة إلكترونية، في خطوة قال المسؤولون عنها، إنها بداية الإنتاج.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي خلال الحدث: "أهنئ دول المصب (مصر والسودان) على بدء توليد الطاقة، وأؤكد أن المنفعة ستكون متبادلة.. ستواصل مياه النيل التدفق إلى مصر والسودان، ولن يلحق بهما أي ضرر".
وأضاف: "ليست لدينا أي نوايا للإضرار بدواعي المصب مصر والسودان وعلاقاتنا مع الشعبين قائمة على الإخاء".
بدوره، قال مسؤول في مراسم الافتتاح: «هذا السد الكبير بناه الإثيوبيون ولكن ليس فقط للإثيوبيين، بل ليستفيد منه جميع أشقائنا وإخوتنا الأفارقة».
وقالت وسائل إعلام رسمية، إن السد الذي يقع غربي إثيوبيا وليس ببعيد عن الحدود مع السودان، بدأ توليد 375 ميغاوات من الكهرباء من أحد توربيناته الأحد.
عهد جديد
من جانبه، قال آبي أحمد عبر «تويتر»: «اليوم بدأ أول توربين في سد النهضة، أكبر محطة للطاقة في إفريقيا، بتوليد الكهرباء(..) تمثل هذه الخطوة أخبارًا جيدة لقارتنا ولدولتي المصب اللتين نطمح للعمل معهما».
واختتم تغريدته، موجهًا التهنئة لمواطنيه، قائلًا: «بينما تحتفل إثيوبيا بميلاد عهد جديد، أهنئ جميع المواطنين».
من جانبه، قال كيفلي هورو، مدير مشروع السد: «لقد بدأنا توليد الطاقة، لكن ذلك لا يعني أن المشروع اكتمل»، مشيرًا إلى أن الأمر سيستغرق نحو ثلاث سنوات.
وقال أديسو لاشيتو من معهد بروكينغز بواشنطن، إن الكهرباء المولدة حديثًا من سد النهضة، يمكن أن تساعد في إنعاش الاقتصاد الذي دمرته القوات المشتركة لحرب مميتة وارتفاع أسعار الوقود ووباء كورونا.
صمت رسمي
بدء إنتاج الكهرباء من سد النهضة، قوبل بصمت رسمي، فلم تصدر القاهرة ولا الخرطوم -حتى اللحظة- أي تعليق على الخطوة، بينما تطالبان بتوقيع اتفاق قانوني ملزم لملء السد وتشغيله.
ومن المقرر أن يكون سد النهضة الإثيوبي، أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، لكنه كان في قلب نزاع إقليمي، منذ أن بدأت إثيوبيا العمل فيه عام 2011.
وتنظر جارتا إثيوبيا، مصر والسودان، إلى السد باعتباره تهديدًا بسبب اعتمادهما على مياه النيل، بينما تعتبر أديس أبابا أنه ضروري لتزويدها بالكهرباء وتطويرها.
ومن المتوقع أن ينتج المشروع الذي تبلغ تكلفته 4.2 مليار دولار (3.7 مليار يورو) أكثر من 5000 ميجاوات من الكهرباء، أي أكثر من ضعف إنتاج الكهرباء في إثيوبيا.
ويعد نهر النيل من أكبر الأنهار في العالم، ويمد المجتمعات الموجودة على طوله بالمياه والطاقة الكهرومائية، ويشمل حوض الصرف عشر دول: بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وكينيا ورواندا وجنوب السودان والسودان وتنزانيا وأوغندا.
أكبر سد في إفريقيا
وأطلقت إثيوبيا عام 2011 بناء سد النهضة على النيل الأزرق، على بعد نحو 30 كيلومترًا (18 ميلاً) من الحدود مع السودان، وبدأت المرحلة الأولى لملء الخزان الواسع للسد البالغ ارتفاعه 145 متراً (475 قدماً) منتصف عام 2020.
وتبلغ الطاقة الإجمالية للخزان 74 مليار متر مكعب، وكان الهدف لعام 2021 إضافة 13.5 مليار متر مكعب، بينما قالت إثيوبيا في يوليو الماضي إنها أضافت ما يكفي من المياه لبدء إنتاج الطاقة، رغم أن المسؤولين لم يقدموا رقماً محدداً، ويعتقد أنهم أخفقوا في تحقيق الهدف.
العطش المصري
وأثار المشروع التوترات مع مصر، الدولة القاحلة التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 مليون نسمة، وتعتمد على نهر النيل في معظم حاجاتها المائية، بما في ذلك الزراعة.
وتطالب القاهرة بحق تاريخي في النهر، يعود إلى معاهدة 1929 بين مصر والسودان، ممثلة بالقوة الاستعمارية البريطانية، التي منحت مصر حق النقض على مشاريع البناء على طول النهر.
وعززت معاهدة عام 1959 تخصيص مصر نحو 66% من تدفق النهر، مع 22% للسودان، بينما لم تكن إثيوبيا طرفاً في تلك المعاهدات ولا تعدها صالحة.
وعام 2010، وقَّعت دول حوض النيل، باستثناء مصر والسودان، اتفاقية الإطار التعاوني، التي تسمح بمشروعات على النهر من دون موافقة القاهرة.
فشل المحادثات
وتصر إثيوبيا، أحد الاقتصادات الأسرع نموًا في إفريقيا في السنوات الأخيرة حتى اندلاع الحرب في نوفمبر 2020، على أن السد لن يؤثر في تدفق المياه، لكن مصر تخشى أن تنخفض إمداداتها خلال الوقت الذي تستغرقه لملء الخزان.
وتعد مصر السد تهديدًا لوجودها، بينما حذر السودان من أن ملايين الأرواح ستكون في خطر كبير، إذا ملأت إثيوبيا السد من جانب واحد.
وفشلت المحادثات -التي رعاها الاتحاد الإفريقي- في التوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن ملء السد وتشغيله.
واجتمع مجلس الأمن الدولي في يوليو الماضي لبحث المشروع، رغم أن إثيوبيا انتقدت الجلسة ووصفتها بأنها غير مفيدة للانتباه عن العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي.
وفي سبتمبر الماضي، تبنى مجلس الأمن بيانًا شجع مصر وإثيوبيا والسودان، على استئناف المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.