هجوم داخل روسيا... هل تحولت الحرب الأوكرانية ضد موسكو؟

قال الرئيس الأوكراني، في خطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: اليوم اتخذت قرارًا بشأن مناهضي الأبطال، ليس لديّ وقت للتعامل مع الخونة، لكنهم تدريجيًا سيعاقَبون جميعًا.

هجوم داخل روسيا... هل تحولت الحرب الأوكرانية ضد موسكو؟

السياق

حصار الآلاف واستعادة السيطرة على قرى، وهجوم داخل روسيا، تطورات على طريق الأزمة الأوكرانية، التي بدأت قبل 37 يومًا، من دون أن تصل إلى حسم عسكري سريع، وسط تعثر الآمال بنجاح المفاوضات.

الأزمة تأخذ يومًا بعد الآخر منحنى «معقدًا»، بسبب إصرار القوات الروسية على مواصلة مهامها، بينما تشن القوات الأوكرانية -مدعومة بأسلحة ومعدات غربية حديثة- هجمات مضادة، هيأت لها السبيل لاستعادة بعض المواقع التي فقدتها.

 

فما التطورات الميدانية؟

تعرضت البلدات في منطقة لوهانسك شرقي أوكرانيا، لقصف عنيف من القوات الروسية، يوم الجمعة، بحسب الحاكم العسكري الإقليمي للمنطقة سيرهي هايداي.

وأكد هايداي، أن بلدات سيفيرودونتسك وروبيزني وليسيتشانسك وكريمينا وإيفانيفكا، تعرضت لقصف عنيف، أدى إلى قتل شخصين في سيفيرودونتسك، وإصابة سكان ليسيتشانسك وتوشكيفكا، وإنقاذ أربعة أشخاص.

وتابع المسؤول العسكري، أنه لا توجد إمدادات مياه مركزية في روبيزني وبوباسنا وسيفيرودونيتسك، مشيرًا إلى أنه لا تزال هناك 28 مستوطنة بلا غاز و 22 مستوطنة بلا كهرباء.

وبينما قال إن القوات الأوكرانية صدت محاولات من القوات الروسية لتجاوز مواقعها، بالقرب من مستوطنتي بوباسنا ونوفوتوشكيفسكي، أفاد حكام عسكريون أوكرانيون -شرق البلاد أيضًا- بقصف عنيف الخميس، وسط تحول واضح من الجيش الروسي، لإعادة توجيه الجهود العسكرية إلى منطقة دونباس.

يأتي ذلك، بينما قال مستشار عمدة مدينة ماريوبول -الجمعة- إن القوات الروسية لم تسمح بوصول إمدادات المساعدات إلى المدينة المحاصرة، ولا يزال من الصعب على السكان المحاصَرين مغادرة المدينة.

وقال بترو أندريوشينكو في بيان: لا تزال المدينة مغلقة أمام الدخول، ومن الخطر الخروج بالسيارات الخاصة، إضافة إلى ذلك، فإن «المحتلين الروس» لم يسمحوا منذ أمس، بدخول أي مساعدات إنسانية، حتى أصغرها، المدينة.

وأشار إلى أن أسباب هذه الإجراءات غير واضحة، «لكن توقعاتنا محبطة(..) لا نرى رغبة للروس وأقمارهم الصناعية، في السماح لسكان ماريوبول بالجلاء إلى الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية».

وهو ما أكدته الوزيرة الأوكرانية إيرينا فيريشوك، قائلة إن نحو 100 ألف مدني ما زالوا محاصَرين في المدينة، التي عانت أسابيع بسبب القصف، مشيرة إلى أن القوات الروسية منعت أيضًا 45 حافلة كانت في طريقها إلى ماريوبول الخميس.

إلا أن روسيا قالت إنها ستعيد فتح ممر الإجلاء من ماريوبول إلى زابوريجيه، الساعة 10 صباح الجمعة بتوقيت موسكو، بناءً على طلب القادة الفرنسيين والألمان، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية.

 

محطة تشرنوبل

وعن آخر التطورات بمدينة تشرنوبل، شمالي أوكرانيا، قال مسؤولون أوكرانيون، إن القوات الروسية غادرت محطة تشرنوبل، التي كانت تحتلها منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، واقتادت معها رهائن.

ونقلت وسائل إعلام أوكرانية محلية عن موظفين قولهم، إن ما سمتهم «المحتلين الروس» اقتادوا معهم خلال مغادرتهم محطة تشرنوبل النووية أفرادًا من الحرس الوطني كانوا يحتجزونهم رهائن، ولم يُعرف عدد الجنود الأوكرانيين الذين احتجزتهم القوات الروسية.

واتهمت وسائل الإعلام الأوكرانية، القوات الروسية بأنها أقدمت -خلال مغادرتها المحطة- على «نهب المباني وسرقة المعدات والأشياء الثمينة»، مشيرة إلى أن متخصصين أوكرانيين سيفتشون المحطة، بحثًا عن عبوات ناسفة بعد مغادرة الروس.

 

اتهامات أوكرانية

ورغم مزاعم روسيا الأخيرة، بخفض التصعيد حول كييف ومدينة تشيرنيهيف الشمالية، فإن نائب وزير الدفاع الأوكراني قال إن موسكو «تحاول تركيز» أنظمة الصواريخ جنوبي شرق بيلاروسيا، لاستخدامها المحتمل ضد أوكرانيا.

وقالت نائبة وزير الدفاع حنا ماليار -في تصريحات متلفزة- إن «العدو لا يتخلى عن خططه للاستيلاء على منطقتي دونيتسك ولوهانسك(..) يعتدي على منطقة خاركيف ويحاول تعزيز موقعه وإعادة تجميع القوات»، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية وثقت إرسال أنظمة صواريخ روسية، بالقرب من مدينة جوميل في بيلاروسيا، لشن ضربات صاروخية أو استخدامها كـ«أداة للابتزاز والترهيب».

 

مصادرة مساعدات

صادرت القوات الروسية، مساء الخميس، 14 طنًا من المساعدات الإنسانية، من حافلات متجهة إلى ميليتوبول جنوبي أوكرانيا، بحسب إيرينا فيريشوك، الوزيرة الأوكرانية لإعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتًا، التي قالت إن الطعام والأدوية تم تحميلهما في 12 حافلة.

وقالت فيريشوك: «هذا هو ثمن الممرات المتفق عليها وضمانات الصليب الأحمر بتوفير الممرات والعمل بها(..) نحن نتفاوض لإعادة الحافلات، وعلى سكان مليتوبول الجلاء باستخدام هذه الحافلات».

وقالت فيريشوك إن 1458 شخصًا وصلوا إلى زابوروجي في سياراتهم الخاصة الخميس، فر 631 منهم من مدينة ماريوبول المحاصَرة و827 قادمين من بيرديانسك وإنيرودار وميليتوبول وبولوهي وهوليابول وفاسيليفكا في منطقة زابوريزهزهيا، مشيرة إلى أن القوات الروسية منعت 45 حافلة كانت متجهة إلى بيرديانسك الخميس، في طريقها إلى ماريوبول.

 

لا وقت للخونة

«لا وقت للتعامل مع الخونة»... بهذه الجملة القوية، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إقالة اثنين من كبار الجنرالات في أجهزة الأمن، واصفًا إياهما بـ«مناهضي الأبطال».

وقال الرئيس الأوكراني، في خطاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «اليوم اتخذت قرارًا بشأن مناهضي الأبطال، ليس لديّ وقت للتعامل مع الخونة، لكنهم تدريجيًا سيعاقَبون جميعًا».

وبيّن زيلينسكي، أنه جرَّد الرئيس السابق لإدارة الأمن الداخلي بجهاز الأمن أندريه أوليهوفيتش، والرئيس السابق لجهاز الأمن في منطقة خيرسون كريفوروتشكو سيرهي أولكساندروفيتش، من رتبتيهما العسكريتين.

 

خيانة للشعب

وحسب "سي إن إن" تضمن خطاب الرئيس الأوكراني مصطلحات قوية مثل (خيانة للشعب) و(انتهاك قسم الولاء العسكري)، إذ قال: إن أولئك العسكريين من بين كبار الضباط، الذين لم يقدروا مكانة وطنهم، والذين ينتهكون قسم الولاء العسكري للشعب الأوكراني، في ما يتعلق بحماية دولتنا وحريتها واستقلالها، سيُحرَمون حتمًا من الرتب العسكرية.

وبشأن العملية العسكرية الروسية في بلاده، حذر الرئيس الأوكراني من أن القوات الروسية تعيد ترتيب صفوفها بمحيط ماريوبول وخاركيف ودونباس لشن هجوم كبير، مشيرًا إلى أن الوضع جنوبي البلاد ومنطقة دونباس لا يزال بالغ الصعوبة.

 

هجوم داخل روسيا

في المقابل، اندلع حريق هائل في مستودع وقود بمدينة بيلغورود الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، بحسب حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف جلادكوف، الذي اتهم أوكرانيا بالوقوف وراء الحريق، من دون تقديم مزيد من الأدلة.

وقال جلادكوف: «نشأ الحريق في مستودع النفط، نتيجة غارة جوية شنتها طائرتا هليكوبتر تابعتان للقوات المسلحة الأوكرانية، دخلتا أراضي الاتحاد الروسي على ارتفاع منخفض»، مشيرًا إلى عدم وجود ضحايا.

وذكرت وكالة تاس الروسية أن الحريق «اجتاح خزانات الوقود»، نقلاً عن وزارة حالات الطوارئ الروسية.

وقال جلادكوف إن اثنين من العاملين بالمستودع أصيبا في الحريق، لكن حياتهما ليست في خطر، مؤكدًا إجلاء السكان في محيط المستودع.

وقال جلادكوف إن خدمات الطوارئ في الموقع تكافح النيران، وليس هناك خطر على سكان المدينة.

 

دعم غربي

قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون –الجمعة- إن أستراليا سترسل مركبات مدرعة محلية إلى أوكرانيا، بعد طلب الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

ولم يذكر موريسون متى ولا كم عدد المركبات -المعروفة بـ Bushmasters- التي سيرسلها إلى أوكرانيا، مضيفًا: «نحن لا نرسل صلاتنا فحسب، بل نرسل بنادقنا، ونرسل ذخائرنا، ونرسل مساعداتنا الإنسانية، ونرسل كل هذا والدروع الواقية من الرصاص».

وأكد المسؤول الأسترالي: «سنرال مركباتنا المدرعة، وكذلك أسياد البشائر لدينا، ونحن نطير بهم هناك على طائرات C-17 الخاصة بنا».

 

استئناف المحادثات

في محاولة للتوصل إلى حلول، قال رئيس الوفد الأوكراني إن الجولة المقبلة من المفاوضات الأوكرانية مع روسيا، ستستأنف عبر الإنترنت 1 أبريل.

لكن أندري يرماك، رئيس موظفي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال لـ "سي إن إن" إن لديه «جزءًا صغيرًا جدًا جدًا من التفاؤل» بعد المفاوضات الدبلوماسية في اسطنبول.