انتصار قانوني.. عودة سيف الإسلام القذافي إلى سباق الرئاسة في ليبيا
أرجأت محكمة سبها أكثر من مرة، النظر في قرار مفوضية الانتخابات باستبعاد القذافي الابن، بعد أن طوَّقت تشكيلات مسلحة مقر المحكمة، ومنعت القضاة من حضور الجلسة المقررة.

السياق
بعد معركة قانونية انتظرها أنصاره طويلا، قررت محكمة سبها في ليبيا، إعادة سيف الإسلام القذافي، إلى السباق الرئاسي بعد قبول طعنه ضد قرار استبعاده من القائمة الأولية للمترشحين للانتخابات الرئاسية.
وكانت المفوضية استبعدت في 24 نوفمبر، 25 اسما، بينهم سيف الإسلام القذافي، من قائمة المرشحين للرئاسة.
وبررت المفوضية قرارها استبعاد سيف الإسلام القذافي بمخالفته شروط الترشح، وفقا للمادة (10) من قانون انتخاب الرئيس في البند (7)، الذي ينص على ضرورة ألا يكون المترشح قد "صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية في جناية أو جريمة".
كما بررت قرارها أيضا بمخالفته المادة 17 في بندها الخامس، الذي يشترط على المرشح الحصول على "شهادة خلو من السوابق" والتي لم يقدمها القذافي عند ترشحه للانتخابات.
تشكيلات مسلحة
وأرجأت محكمة سبها أكثر من مرة، النظر في قرار مفوضية الانتخابات باستبعاد القذافي الابن، بعد أن طوَّقت تشكيلات مسلحة مقر المحكمة، ومنعت القضاة من حضور الجلسة المقررة.
وهو ما أكده سيف الإسلام القذافي، عبر «تويتر»، قائلًا: لليوم الثاني على التوالي… قوة عسكرية تطوِّق مبنى محكمة سبها الابتدائية، وتمنع القضاة والموظفين من الدخول، وتتسبب في تأجيل النظر في الطعن المقدم ضد قرار المفوضية العليا للانتخابات.
وتعهد القذافي الابن، بهزيمة المتخوفين من ترشحه للانتخابات الرئاسية، مستشهدًا بآية قرآنية من سورة الأنفال، نصها: «فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ».
وقال القذافي الابن، إنه بعد امتناع القضاة بمحكمة سبها الابتدائية عن عقد جلسة النظر في الطعن المقدم ضد قرار المفوضية العليا للانتخابات رقم 79 لسنة 2021، فإن المحامين غادروا قاعة المحكمة.
من جانبه، قال جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه تعذر انعقاد الجلسة المقررة للنظر في الطعون، لوجود قوة قاهرة مسلحة أغلقت الطرق المؤدية إلى مجمع المحاكم، ومنعت الموظفين والقضاة من الوصول إلى المحكمة.
أحداث مدينة سبها، أدانتها البعثة الأممية في ليبيا، قائلة إنها تتابع بقلق بالغ، استمرار إغلاق محكمة الاستئناف في سبها، إضافة إلى ما أفيد من توجيه تهديدات للقضاء.
وأشارت البعثة الأممية في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إلى أن التقارير أفادت بعرقلة مجموعة مسلحة، يُزعم أنها تنتمي إلى القوات التي تسيطر على سبها، عمل المحكمة في سبها مجدداً، بينما تشير التقارير ذاتها إلى أن القضاة مُنعوا من الحضور لأداء الواجبات المنوطة بهم قانونًا، ما يعيق بشكل مباشر العملية الانتخابية.
انزعاج وتحذير أممي
وأبدت البعثة انزعاجها الشديد من التقارير المتزايدة عن «الترهيب والتهديد ضد القضاة والموظفين في السلك القضائي،ولا سيما أولئك الذين يتعاملون مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات، وضد المرشحين أيضاً، بعدد من المناطق في ليبيا».
كما أدانت البعثة بشدة، جميع الأعمال التي تخل بنزاهة العملية الانتخابية، وتؤدي إلى منع الليبيين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية بأمان وكرامة، مذكرة جميع الأطراف المشتركة في عرقلة نظام العدالة، بأنهم خاضعون للمسؤولية الجنائية، بموجب القانون الليبي (قانون الإجراءات الجنائية والقانون رقم 1 لعام 2021 بشأن الانتخابات الرئاسية) وقد يخضعون لعقوبات وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذي الصلة.
وكررت دعواتها للأطراف والسلطات المعنية، باتخاذ الإجراءات الممكنة لتسهيل عمل النظام القضائي مع احترام استقلاليتهما، داعية السلطات الأمنية ذات الصلة، إلى ضمان وصول المرشحين بشكل متكافئ إلى الإجراءات القانونية الواجبة، وضمان سلامة القضاة وأمنهم.
وحذرت البعثة، من أي عمل يمكن أن يؤدي إلى حرمان الليبيين حقهم في انتخاب ممثليهم بطريقة ديمقراطية، أو قد يؤدي إلى تقويض إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشاملة وشفافة وذات مصداقية.
حظوظ نجل القذافي
وقال مراقبون، إن حظوظ سيف الإسلام القذافي، كبيرة نحو الفوز بالمنصب الرفيع، إلا أنها ستضع علامات استفهام وتساؤلات عن الجدوى من أحداث فبراير 2011، التي أسفرت عن مقتل والده معمر القذافي، إضافة إلى دخول البلد الإفريقي في أتون عشرية من الصراعات لم تندمل جراحها.
وأكد المراقبون، أنه حال فوز القذافي الابن، فإن ليبيا ستواجه معضلة كبيرة، خاصة بعد مذكرة التوقيف التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية بحق المرشح المستبعد، ما يضع البلد الإفريقي في حالة عزلة دولية.
صديق الغرب
سيف الإسلام، 49 عامًا، درس الهندسة ونال الدكتوراة من كلية لندن للاقتصاد، وكان ينظر إليه على أنه وريث حكم ليبيا والوجه المقبول لدى الحكومات الغربية "فقبل 2011 حاول من خلال مؤسسته القذافي الخيرية، الدفع نحو الإصلاح السياسي ومنح المزيد من حرية الإعلام".
كما لعب دورًا مركزيًا في التفاوض على رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن ليبيا عام 2004 مقابل إنهاء طرابلس لبرامج الأسلحة النووية والكيميائية الذي شرع فيه القذافي، إضافة إلى ذلك دعا عام 2006 إلى استحداث دستور ثابت لليبيا.
صديق روسيا
تقارير كثيرة أشارت إلى علاقة وثيقة تجمع سيف الإسلام القذافي بروسيا، اللاعب المهم على الساحة السياسية والعسكرية الليبية، وتُرجم ذلك في عدد من التصريحات، منها ما نُسب إلى سيف الإسلام بقوله:" إن حكومة روسيا تتفهم حقيقة الوضع في ليبيا، وتدعم الحل السياسي بمشاركة الأطراف الليبية، وأن موسكو تدعم جهود السلام، التي ترمي إلى إحلال الأمن والاستقرار في ليبيا".
أما الكرملين فقد أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن بلاده على تواصل مع ممثلي سيف الإسلام القذافي.
عودة الدبيبة
معركة الطعون لم يسلم منها رئيس حكومة تصريف الأعمال، التي أثمر طعنان مقدمان ضده، من مرشحين محتملين أبرزهم وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، إقصاءه من المشهد الانتخابي بشكل مؤقت.
لكن سرعان ما عاد رئيس حكومة تصريف الأعمال الليبية، عبدالحميد الدبيبة، مجدداً إلى السباق الانتخابي، بعد رفض الطعنين المقدمين ضد ترشحه لأول انتخابات رئاسية في البلاد.
ورفضت محكمة استئناف طرابلس، الطعنين المقدمين ضد المرشح المحتمل عبدالحميد الدبيبة، لسباق الانتخابات.
الأوفر حظًا
وبحسب مراقبين، فإن المرشح المستبعد عبدالحميد الدبيبة، يعد أوفر المرشحين حظوظًا للوصول إلى المنصب الرفيع، خاصة أن فرص مرشحي الشرق، أبرزهم سيف الإسلام وحفتر في الغرب "صعبة"، نظرًا لسيطرة المليشيات المسلحة على تلك المنطقة، إضافة إلى أن الدبيبة مدعوم بشكل كبير من مدينة مصراتة التي لديها باع طويل.
وأشاروا إلى أن الدبيبة مدعوم بشكل كبير دوليًا، خاصة من إيطاليا التي لها مصالح لن تتخلى عنها بسهولة في ليبيا، إضافة إلى تركيا، بينما لم يتحدد موقف فرنسا وأمريكا منه، ما قد يرجح كفته، ويمهد الطريق أمامه للوصول إلى المنصب الرفيع.
أما القائد العام للجيش الليبي، فيبدو أنه نجا من معركة الطعون، بعد قرار لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف بنغازي برفض الطعن المقدم من المرشح الرئاسي عبدالمجيد سيف النصر ضد ترشحه.
وعن حظوظه، أكد مراقبون أن حفتر مدعوم بشكل كبير من الشرق الليبي، بعد جهوده التي أثمرت مكافحة الإرهاب وطرد الإرهابيين وتنظيم داعش من الشرق والجنوب الليبي.
ورغم ذلك، فإنهم أبدوا تخوفاتهم من تفتت أصوات الشرق، بعد ترشح عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، وسيف الإسلام القذافي، إضافة إلى بعض المرشحين من الشرق الليبي، ما قد يصب في صالح مرشحي الغرب، وأبرزهم الدبيبة.
يأتي ذلك، بينما أصدر مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، قراره رقم 82 لسنة 2021، بشأن اعتماد لائحة الدعاية الانتخابية لانتخاب رئيس الدولة ومجلس النواب.
اللائحة تضم مادة توضح الإجراءات والقواعد والضوابط المنظمة لحملات الدعاية الانتخابية للمرشحين للانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس النواب، وفقًا للقوانين الانتخابية.