هل تنضم روسيا إلى النادي الآسيوي؟

حتى لو لم يقم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا كانت روسيا ستميل إلى النظام الآسيوي

هل تنضم روسيا إلى النادي الآسيوي؟

ترجمات – السياق

رسمت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، سيناريوهات عدة لانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرة إلى أن أبرز هذه السيناريوهات انضمام موسكو إلى ما سمته "النادي الآسيوي"، مع علاقات أكبر وأكثر تطورًا بالصين والهند.

ورأت المجلة -في تقرير- أن الصراع الدائر في أوكرانيا، قد ينتهي بتسوية إقليمية، يعزز فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيطرته على أجزاء من شرقي أوكرانيا، بما في ذلك جسر بري إلى شبه جزيرة القرم، الذي لم تتركه روسيا منذ ما يقرب من عقد، بينما تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على بقية البلاد، مع عودة محتملة للاجئين الأوكرانيين بشكل جماعي من الملاجئ الأوروبية، لإعادة بناء ما تبقى من دولتهم المحطمة.

ورأت أن انتهاء الصراع بهذه التسوية، يمثل "إهانة" للنظام الأوروبي، بينما في المقابل تمثل انتصارًا لبوتين، الذي بدوره يسعى إلى تقارب أكثر من النمور الآسيوية.

 

دمج جديد

وشددت "فورين بوليسي" على أنه حتى لو لم يقم بوتين بغزو أوكرانيا، فإن روسيا كانت تميل -أكثر من أي وقت مضى- نحو دمج نفسها في النظام الآسيوي، مشيرة إلى أن العقد المقبل سيشهد تطوير هذا التقارب على الأرض بشكل أكبر، بانسحابها من مجلس أوروبا، وتوافقها مع الدول الآسيوية في المحافل الأممية.

ورأت أن موسكو نجحت في كسب دعم بعض الدول الآسيوية الكبرى، خلال الأزمة الأخيرة في أوكرانيا، وهو ما تجلى في امتناع الصين والهند عن إدانة ما سمته "الغزو" الروسي لأوكرانيا، رغم أن الديمقراطيات الليبرالية الكبيرة بالمنطقة مثل (أستراليا واليابان)، أدانتا بقوة تصرفات روسيا، على غرار الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

 

الصين

وفي ما يخص التقارب الروسي الصيني، أوضحت "فورين بوليسي" أنه رغم إعلان بكين عدم انحيازها إلى طرف معين في الحرب، ومساعيها لتحقيق التوازن بين الغرب وروسيا، فإن الواقع الفعلي يعكس دعم الصين للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الرؤية الوطنية المهيمنة للرئيس الصيني شي جين بينغ، بشأن قمع سكان التبت والأويغور لعقود من الزمن، واحتمال غزو تايوان واحتلالها خلال السنوات المقبلة، تتشابه إلى حد كبير مع رؤية بوتين تجاه أوكرانيا.

ورأت المجلة الأمريكية، أن ما سمتها (الأنظمة المارقة) التي كانت الصين توفر لها شريان الحياة العسكري أو المالي أو الدبلوماسي، رغم الجهود الأمريكية لاحتوائها، مثل (فنزويلا وكوبا وإيران وسوريا وميانمار)، تضم الآن روسيا، رغم أن الصين -بدعمها لروسيا- تخاطر بالدخول في حرب ساخنة بالوكالة مع القوات الغربية.

وأشارت إلى أنه، كمحاولة لاحتواء هذا التواصل الصيني الروسي، التقى مؤخرًا مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، كبير الدبلوماسيين الصينيين، يانغ جيتشي في روما، وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن مع شي جين بينغ، وكلاهما سعى لإجبار الصين على حجب الدعم عن روسيا.

وقالت المجلة الأمريكية: رغم التصريحات الصينية الرسمية بأنها لا تنحاز إلى أي طرف في حرب أوكرانيا، فإن العلاقات على الأرض تؤكد أنها تقدم دعمًا كبيرًا لموسكو، أو أنها على الأقل تلعب دورًا انتهازيًا وتستفيد من الغرب المتعثر وروسيا الضعيفة.

 

الهند

وعلى صعيد آخر -تضيف "فورين بوليسي"- جاء موقف الهند من هذه الأزمة مفاجئًا للغرب، حيث غالبًا ما يُنظر إلى نيودلهي على أنها تميل بشكل أكبر إلى واشنطن، لاسيما مع عضويتها في الحوار الأمني الرباعي (كواد)، وهو ما يمكن تفسيره برغبة الهند في الحفاظ على علاقتها بموسكو في الوقت الحالي، خصوصًا في ظل إبرام الدولتين صفقة تقضي ببيع النفط الروسي للهند بخصم 20% من سعره.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه بعد الاتفاق الأخير، لا يمكن اعتبار الهند غير منحازة لروسيا، لكنها بالتأكيد تحالفات عدة في جميع الاتجاهات لتناسب أهدافها.

وأرجعت "فورين بوليسي" العلاقات التجارية بين روسيا وعدد من الدول الآسيوية، على رأسها الصين والهند، إلى ما قبل غزو أوكرانيا، مشيرة إلى أن تجارة روسيا مع آسيا كانت تنمو بينما كانت تتلقى المزيد من الاستثمارات من أوروبا.

وحسب المجلة، فإنه مع تبخر الاستثمارات الأوروبية، ستصبح روسيا تابعًا اقتصاديًا آسيويًا، مشيرة إلى أنه بعد انهيار الروبل وعدم ترحيب الغرب بالمال الروسي ولا الروس، ارتفعت التجارة الثنائية مع الصين، إذ ستعتمد روسيا أكثر على الواردات الصينية، بما في ذلك أنظمة الأسلحة التي طلبتها لدعم حربها في أوكرانيا.

وأوضحت أنه بالنظر إلى تجارتها المتوازنة نسبيًا، تورد صادرات الطاقة الروسية إلى الصين ما يكفي من اليوان لتغطية المدفوعات إلى الصين، مقابل البضائع التي لم يعد يبيعها الغرب لها، مشيرة إلى أنه في وقت قليل ستسرع بطاقات الصراف الآلي UnionPay وإدماج نظام الدفع الصيني عبر الحدود بين البنوك ونظام الدفع الروسي Mir، كما ستوفر كل من Huawei و ZTE معدات اتصال إنترنت و5 Gلم تعد تقدمها Nokia و Ericsson لنظيرتها الروسية.

وأكدت "فورين بوليسي" مساعي روسيا للاستفادة من علاقاتها بالصين في تعزيز صادراتها من الطاقة، من خلال اتفاق البلدين على إنشاء خطوط أنابيب مباشرة لنقل الغاز، بدلًا من المرور عبر بحر اليابان، كما وافقت الصين على زيادة مشترياتها من النفط الروسي، بالتزامن مع عرقلة الغرب التصديق على مشروع خط أنابيب "نورد ستريم2".