يوم النصر الروسي... بماذا سيفاجئ بوتين العالم؟

بينما يترقب العالم مفاجآت بوتين المنتظر كشفها في عيد النصر غداً الاثنين، أعربت السلطات الأوكرانية عن قلقها من تصاعد العمليات العسكرية.

يوم النصر الروسي... بماذا سيفاجئ بوتين العالم؟

ترجمات - السياق

تحتفل روسيا غدًا الاثنين بـ"عيد النصر" في الحرب العالمية الثانية، لكن احتفال هذا العام له أهمية خاصة للجيش الروسي، إذ يأتي في ظل حرب مع الجارة أوكرانيا، وسط توقعات بأن يحمل مفاجآت واسعة لكييف والغرب.

ويترقب العالم "مفاجآت بوتين" المنتظر كشفها في "عيد النصر"، بالمقابل أعربت السلطات الأوكرانية عن قلقها من تصاعد العمليات العسكرية.

إلى ذلك، قالت صحيفة التايمز البريطانية، إن احتفالات الذكرى السابعة والسبعين لانتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا "النازية"، إما أن تكون إعلانًا لقوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإما انكساره.

وقالت الصحيفة، في تحليل للكاتب الألماني روجر بويز، إن مراسلي وكالة رويترز اعتادوا أن تكون لديهم قصة عن زميلهم السابق في الوكالة فريدي فورسيث، الذي كاد لفترة وجيزة عام 1964 أن يشعل الحرب العالمية الثالثة.

وأشارت إلى أنه في إحدى الليالي، جرى إيقاف (فورسيث) رئيس مكتب برلين الشرقية الشاب وتوبيخه من قِبل الشرطة العسكرية السوفيتية، بعد أن نشر تقريرًا عاجلاً عن حشد القوات الروسية تحت جنح الظلام، على أكثر حدود الحرب الباردة حساسية، ما جعل حلف الناتو يتخذ استعداداته للرد، إلا أنه بعد نشر التقرير اتضح أن الأمر لا يعدو كونه مجرد استعراض شامل للاحتفال بالذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية.

وذكرت أنه رغم نجاة العالم من سوء الفهم، فإن بعض التقاليد لا تموت، إذ إن موسكو اعتادت -منذ ذاك الوقت- الاحتفال بما يسمى (يوم النصر) في التاسع من مايو كل عام، إلا أن الأمر يختلف هذه المرة مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثالث.

 

ماريوبول

وعن التغيير الكبير الذي يصاحب الاحتفال بعيد النصر هذا العام، أوضحت "التايمز" أن القوات الروسية تكثف قصف مدينة ماريوبول وعشرات المدن والبلدات الأوكرانية الأخرى، إذ لا تفرق -خلال قصفها- بين ما هو مدني وما هو عسكري، كمحاولة لتحقيق أي نوع من التقدم على الأرض.

في المقابل، يقول الجيش الأوكراني إنه استولوا على الزي العسكري الرسمي للجنود الروس القتلى، الذين كانوا مقتنعين بأنهم في 9 مايو سيذهبون إلى ماريوبول وهي محررة.

ورأت الصحيفة أن يوم النصر هذا العام، يبدو كأنه بعيد المنال، إذ يوصف بأنه اللحظة التي يخبر فيها بوتين مواطنيه، بأن بلاده ليست في عملية عسكرية خاصة، لكنها في الواقع في حالة حرب مع جار قومي متطرف وعسكري، يعمل كدمية لحلف شمال الأطلسي.

وأضافت أن العديد من الروس قد يجدون صعوبة في فهم هذا الوصف، إذ إن كثيرين منهم سيتذكرون العطلات الساحلية في شبه جزيرة القرم (التي جرى ضمها إلى الأراضي الروسية منذ عام 2014)، والزيجات البينية، ودور أوكرانيا داخل الاتحاد السوفييتي، والأخوة السلافية، والتجارة الصاخبة، لكنهم بدلاً من السؤال عن السبب المحتمل الذي قد يضطر "الناتو" إلى مهاجمتهم، سيتساءلون عن المؤامرة الشريرة التي تسمم العقول الأوكرانية.

وأشارت إلى أن بوتين حَوَّل التاريخ إلى سلاح لإثبات حالة الحرب، التي لم يكن لها وجود بين الجارتين.

 

عرض خشن

وبينت "التايمز" أن ما سمته التقليد بالاحتفال بيوم النصر، الذي بدأ في ظل النظام السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية، صُمم لردع الغرب من خلال عرض خشن للآلة الحربية الروسية، إذ يدعى ملحقو الدفاع، حتى من الدول الغربية، ويمكن رؤيتهم وهم يدوِّنون ملاحظات عن أبراج الدبابات وقاذفات الصواريخ.

وأشارت إلى أن يوم النصر هذا كان على مدى يومين، الأول في يونيو 1945، عندما سار 40.000 جندي أمام ستالين، قبل أن يتغير التاريخ ليصبح 9 مايو يوم النصر.

وفي تسعينيات القرن الماضي، وبعد نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي، بدا العرض -حسب الصحيفة البريطانية- كأنه فقد أهميته قبل أن يعود بوتين ليحييه.

وذكرت أن هدف بوتين من إحياء هذا اليوم، تعزيز احترام الذات، مع الحفاظ على الشعور بالتضحية، مشيرة إلى الأمر كان يتعلق بالمسؤولية التاريخية للقيادة العسكرية للدفاع عن الوطن الأم، ودور الروس في القيام بواجبهم عند الحاجة.

لكن الآن -مقارنة بما حدث- فإن الاحتفال الذي يقام بالقرب من الميدان الأحمر بالعاصمة موسكو، يشهد "هدير وقعقعة" آلة الحرب الروسية بشكل حقيقي، وليس للعرض فقط، كما كان يحدث.

 

معضلة بوتين

وترى "التايمز" أن ما سمتها معضلة بوتين تكمن في أنه عليه تغيير كل شيء من شكل الاحتفال، إلى الخطبة التي سيقولها، مشيرة إلى أن عليه إجراء عدد من التحريفات، قبل التحول من "لا توجد حرب" إلى "قد تكون هناك حرب ضد الجميع".

وتوقعت الصحيفة أن يتجنب بوتين تحدي الغرب، بينما قد يتباهى بالقضاء على "الفاشيين" في أنفاق مصنع الحديد والصلب في ماريوبول، إلا أنه سيرغب الروس في معرفة موعد انتهاء الحرب، بعد إعلانها رسميًا.

ونقلت الصحيفة عن خبراء عسكريين قولهم، إن 25 نظامًا قتاليًا روسيًا فقط ستعرض خلال الاحتفال، و130 مركبة قتالية برية و25 ألف جندي، مشيرة إلى أن ذلك أصغر بمقدار الثلث من العام الماضي، لأن أغلبية المعدات العسكرية مشغولة في مكان آخر.

لكن الجديد هذه المرة، دعوة قادة الدويلات الروسية في دونيتسك ولوهانسك وترانسنيستريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، لحضور الاحتفال.

وأشارت إلى أنه كثيرًا ما كانت للاحتفال بيوم النصر، من ستالين إلى بوتين، غاية واحدة واضحة، تكمن في توجيه رسالة للعالم مفادها أن النظام لديه سيطرة صارمة على قيادته العسكرية.

كان قد حبس كونستانتين روكوسوفسكي، أحد مؤسسي الجيش الأحمر، في عملية التطهير الكبرى عام 1937، إلا أنه عشية الحرب بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي، سُمح له بالخروج من السجن، ومُنح رتبة لواء لقوات الدبابات، ثم رقاه ستالين إلى رتبة مارشال.

 

قبضة بوتين

وترى الصحيفة أن قبضة بوتين على قيادته العسكرية أكثر دقة من ستالين، رغم قتل نحو 12 جنرالًا حتى الآن، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، التي تقدمها إلى قادة العمليات الأوكرانيين وفرقهم القتالية.

المعضلة الأخرى التي تواجه بوتين، أنه لن يستطيع إلقاء اللوم على قادة الجيش وحدهم في حال الخسارة، ذلك أنه كقائد سياسي وعسكري في الوقت ذاته، يتحمل مسؤولية مشاركة اللوم عندما تأتي النتيجة سلبية، مشددة على أن بوتين تجاوز النقطة التي يستطيع فيها أن ينأى بنفسه عن قادته، ويعلن تطهيرًا كبيرًا لمؤسسة الجيش، لأنهم ببساطة (إذا فشلوا، فشل أيضًا).

ولهذه الأسباب، ترى "التايمز" أن يوم النصر سيكون حساسًا للغاية بالنسبة لبوتين، إذ إنه ليس مجرد محور تصعيد وحشد شامل، وتهديد بالأسلحة النووية التكتيكية، والتحدث عن تصاعد الحرب بطريقة تهز "الناتو"، وإنما يتعلق الأمر بإثبات أنه يتفهم ويمكنه التعامل مع القضايا الخمس الجوهرية (النقص في الجنود الجاهزين للمعركة، مدى عمق هذه الحرب من دون تنفير الرأي العام، خطر تشكيل المعارضة حملة سياسية لوقف الحرب تمتد من المدن إلى المقاطعات التي تعود إليها جثث الجنود، الطبقية العسكرية والتنمر على المجندين الجدد في الثكنات، وأخيرًا تسييس أجهزة المخابرات).

واستشهدت الصحيفة بتحذير المخرج السينمائي الأوكراني، سيرغي لوزنيتسا، عندما قال: "لم يكن لدى بوتين سبب وجيه لغزو أوكرانيا، فلماذا تعتقد أنه سيحتاج إلى سبب وجيه لاستخدام الأسلحة النووية؟"، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إيقاف ما يفعله بوتين إلا بالقوة، مؤكدًا أنه "عاجلاً أم آجلاً، يتعين على (الناتو) المشاركة، لأنه كلما طال انتظارهم، سيكون حل النزاع أكثر دموية".