السجن أفضل.. ما أسباب حالات الانتحار في الحاملة الأمريكية جورج واشنطن؟
شهادات حية على ظروف مروعة... ماذا يحدث في الحاملة الأمريكية يو إس جورج واشنطن؟

ترجمات - السياق
حالات انتحار وقعت بين فريق حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس جورج واشنطن» دفعت مئتي بحار إلى مغادرتها، بسبب عدم جاهزية الحاملة التي تعمل بالطاقة النووية للبحارة.
تلك الحالات أثارت الكثير من الفزع، بعد أن نشرت صور مسربة لأوضاع معيشية صعبة في الحاملة الأمريكية «يو إس إس جورج واشنطن»، كاشفة عن ظروف غير إنسانية، ممثلة في حالة متردية للمراحيض، إلى جانب قلة الطعام وقلة جودته.
شبكة سي إن إن الأمريكية حاولت اختراق ذلك الملف، بعد أن أثار تساؤلات داخل البحرية الأمريكية، عن جاهزية تلك الحاملة التي بها عدد لا يحصى من المشكلات، خاصة بعد أن انتحر ثلاثة بحارة كانوا عليها في أسبوع واحد الشهر الماضي.
وقال البحارة الذين وافقوا على التحدث مع شبكة سي إن إن، إن السفينة كانت غير صالحة للسكن. بدأ البحارة التحرك في الحاملة منذ نحو عام، بعد أن كانت السفينة بالفعل في عملية إعادة التزود بالوقود والإصلاح أربع سنوات، ومن المفترض أن تكون جاهزة لاستيعاب أجزاء من الفريق.
إلا أنه بعد سنوات من العمل لإعداد الحاملة لنشرها، ظلت السفينة منطقة بناء على مدار الساعة، ما جعل الحياة داخلها صعبة على البحارة الأمريكيين.
وقال أحد البحارة المعين حاليًا في جورج واشنطن لشبكة سي إن إن: «كنت مستعدًا لموقف صعب، لكن لم يكن لدي أي فكرة أنه سيكون في الساحات». تحدث معظم البحارة بشرط عدم كشف هويتهم، خوفًا من عواقب التحدث علانية عن حياتهم المهنية في البحرية أو تلك الخاصة بأصدقائهم.
وقالت البحرية إنه في الـ12 شهرًا الماضية، عانى فريق حاملة الطائرات الأمريكية جورج واشنطن سبع وفيات، بينهم أربعة على الأقل انتحروا، آخرهم كزافييه ساندور، الذي كان يعمل في أمن السفينة، الذي انتحر في 15 أبريل الماضي، ليكون ثالث انتحار خلال أسبوع واحد بين فريق السفينة.
ظروف مروِّعة
وقال والد ساندور، جون ساندور، إن ابنه كان فخورًا بالانضمام إلى البحرية، بعد تخرجه في المدرسة الثانوية مباشرة، على خطى جده، لكن كزافييه أخبر والده ذات مرة بأن الظروف في السفينة كانت «مروِّعة».
«كيف تنام على حاملة طائرات يدق فيها جاك ويدخن وتنبعث منه الروائح أثناء النهار؟» سأل جون ساندور، مضيفًا: «كان ينام في سيارته، ينبغي ألا يعيش أي بحار على تلك السفينة في هذه الظروف».
وقال البحارة لشبكة سي إن إن، إن حالات الانتحار أصبحت حقيقة مأساوية للناقل، بدلاً من الانحراف، بينما قال بحار آخر في السفينة جورج واشنطن: «لم أفاجأ، منذ أن كنت في السفينة كثيرًا ما كنت كذلك، هذا شيء اعتدته للأسف، لقد رأيت ذلك، إنه ليس جديدًا».
ففي السفينة، كان من المستحيل تقريبًا العثور على مكان هادئ للنوم، كما قال البحارة، وعانت السفينة انقطاع التيار الكهربائي المستمر وافتقارها إلى الماء الساخن.
وأكد البحارة أن الأرصفة غالبًا ما تفتقر إلى التهوية، كما أن الهيكل المعدني الضخم للسفينة، أدى إلى تضخيم درجة الحرارة في الخارج حتى أصبحت لا تطاق، بينما قال بحار آخر: «كنت أستيقظ منتصف الليل وأنا أتجمد، عشت بسيارتي في الشتاء، وما زلت أشعر بها أفضل من الحاملة».
صُدم البحار، الذي قال إنه كان يبلغ من العمر 19 عامًا في ذلك الوقت، من الظروف في السفينة التي كانت بعيدة عن توقعاته لما كانت عليه الحياة في البحرية.
من جانبه، قال روبرت مايرز المتحدث باسم القوات الجوية البحرية في أتلانتيك، إنه جرى فحص منصات الطعام والمراسي قبل انتقال البحارة الأوائل إلى السفينة، مشيرًا إلى أن ضباط واجب القيادة أكملوا تقييمات الوجبات على أساس يومي، كطريقة للحفاظ على مراقبة جودة الطعام المقدم للبحارة، الذين يعيشون ويعملون في السفينة.
وعندما زار العديد من أعضاء الكونغرس السفينة -هذا الأسبوع- كانت المساحات التي زاروها، التي تضمنت القوادس والمراسي، محفوظة بشكل جيد.
مساكن مؤقتة
أعلن قائد السفينة أن نحو نصف أفراد الفريق البالغ أكثر من 400 الذين يعيشون في الحاملة، سينتقلون إلى مساكن مؤقتة خارج السفينة، كما ستُتاح الفرصة للآخرين الذين يريدون فعل الشيء نفسه.
وردا على سؤال عما إذا كانت البحرية على دراية بأن أفراد الفريق كانوا ينامون في سياراتهم بدلاً من السفينة، قال مايرز إن كل بحار «توفَّر وسائل الإقامة له»، وستنظر البحرية ما إذا كان السكن من أسباب الانتحار.
وقال مايرز في بيان لشبكة سي إن إن: «لقد اجتمعت قيادة البحرية والكونغرس بشكل مكثف مع القيادة الحالية في "يو إس إس جورج واشنطن"، وتشعر بالثقة بأن فريق القيادة يعمل بجد -داخل شريان الحياة وخارجه- لرعاية الفريق».
وشارك أحد البحارة رسائل مع «سي إن إن» من صندوق الاقتراحات الرقمي الخاص بالسفينة، ركزت أغلبيتها على ضرورة مراعاة «جودة الحياة»، ووقوف السيارات في مكان بعيد، أو انخفاض الروح المعنوية أو الطعام.
وقال بحار رابع مكلف بالسفينة: «الشكاوى لن تفعل شيئاً. عليك فقط أن تعاني في صمت»، بينما قال العديد من البحارة لشبكة سي إن إن، إنه حتى وجبة كاملة يصعب الحصول عليها في بعض الأحيان.
السجن أفضل
وقال بحار كان قد انتقل مؤخرًا من حاملة الطائرات الأمريكية جورج واشنطن: «حصل السجناء على طعام أفضل مما حصلنا عليه في الجيش (...) هذه هي البيئة الأكثر جنونًا التي واجهتها على الإطلاق».
وقبل أسبوعين، زار أكبر بحار مجند في الخدمة، جورج واشنطن وتحدث إلى الفريق. وفي بيان صدر بعد ذلك، قال إن زيارته للسفينة كانت «حوارًا مفتوحًا وصادقًا» أراد من خلاله «التعرف إلى الصعوبات التي يواجهها بحارتنا وتفهم مخاوفهم».
لكن عندما أخبر البحارة بأنه ينبغي أن تكون لديهم «توقعات معقولة وأنهم لا ينامون في حفرة مثل ما يفعل أحد أفراد مشاة البحرية»، أصيب بعض أفراد الفريق بالذهول.
ووصف بحار سابق آخر جرى تكليفه بجورج واشنطن، الوضع على ظهر السفينة بأنه «غير مقبول»، لاسيما بالنظر إلى الموارد المتاحة للجيش لمعالجة الظروف المعيشية ونوعية الحياة»، قائلًا: «هذه ليست أفغانستان حيث تتوقع تلك الظروف. هذه نيوبورت نيوز، فيرجينيا».
التحقيقات
وبعد حوادث الانتحار الأخيرة، فتحت البحرية الأمريكية تحقيقين، الأول الذي من المتوقع أن يكتمل قريبًا، ينظر تحديدًا إلى الوفيات الأخيرة في السفينة، بينما الثاني والأوسع نطاقًا سيدرس مناخ القيادة والثقافة بحوض بناء السفن في نيوبورت نيوز، بما في ذلك قضايا الإسكان ومواقف السيارات ونوعية الحياة.
وقال القائد مايرز إن البحرية «على ثقة بأن تحقيقنا الشامل وتقييمنا لمناخ القيادة ومختلف قضايا جودة الحياة سيحدد مجالات التحسينات المستقبلية، إضافة إلى توصيات لاتخاذ إجراءات فورية».
وقال قائد القوات الجوية البحرية الأمريكية الأطلسية الأدميرال جون ماير، إن السفينة أضافت أيضًا المزيد من موارد الصحة العقلية، مثل فريق تدخل خاص وطبيب نفسي إضافي، مشيرًا إلى أن أعضاء فريق السفينة يو إس إس جورج واشنطن، سيتمكنون من الوصول إلى موارد الصحة العقلية عن بُعد، إضافة إلى تدريب البحارة المبتدئين.
لقد طال انتظار زيادة موارد الصحة العقلية، وفقًا للبحارة الذين تحدثوا إلى شبكة سي إن إن، ورغم أن السفينة كان بها طبيب نفسي إكلينيكي، فإن البحارة قالوا إنهم سيضطرون إلى الانتظار شهورًا للحصول على موعد.