أزمة جوع.. أفغانستان تواجه أسوأ كارثة إنسانية تحت حكم طالبان

الغرب يضيع وقتاً لا يملكه الأفغان، لأنه لا بديل عن التعامل مع طالبان، لكن السؤال: متى يستجمع الغرب الشجاعة السياسية للتصرف بشكل مناسب؟

أزمة جوع.. أفغانستان تواجه أسوأ كارثة إنسانية تحت حكم طالبان

ترجمات - السياق

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن أفغانستان تواجه "أسوأ كارثة إنسانية شهدتها على الإطلاق"، إذ تفيد التقديرات بأن هناك مليون طفل أفغاني معرضون لخطر الموت، بسبب سوء التغذية، نهاية هذا العام، ما لم يتلقوا العلاج الفوري، لكن المجتمع الدولي يدير ظهره لهم.

ورأت المجلة، في تقرير، أن هذه الكارثة ناتجة عن استيلاء طالبان المفاجئ على الحكم، وما تلاه من تجميد المجتمع الدولي لأصول الدولة وخفض المساعدات، كما تبعت ذلك أزمة سيولة، وارتفعت الأسعار بشكل كبير، وانخفضت قيمة العملة الأفغانية، وكافح الأفغان للحصول على الغذاء والمياه والرعاية الصحية وغيرها من أساسيات الحياة، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد البلاد إلى 30% هذا العام.

مروع للغاية

 

وأشارت المجلة، إلى أن الوضع في كابل مروع للغاية، لدرجة أن القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني، وهو عضو في حركة طالبان، بعث برسالة إلى الكونجرس الأمريكي، يطلب فيها من الحكومة الأمريكية "اتخاذ خطوات مسؤولة تجاه معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية".

وتابعت: "رد المجتمع الدولي بالكثير من التبريرات والأعذار، لأن جوهر المشكلة يتمثل في كيفية التعامل مع حكومة طالبان، وسط مجموعات معقدة ومتداخلة من عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، فضلاً عن الخوف من أن يُنظر إليها على أنها تؤيد طالبان كحكومة أفغانستان الجديدة".

وقالت "فورين بوليسي" إن الغرب يضيع وقتاً لا يملكه الأفغان، لأنه لا بديل عن التعامل مع طالبان، لكن السؤال: متى يستجمع الغرب الشجاعة السياسية للتصرف بشكل مناسب؟

وأضافت: "منذ تولي طالبان السلطة في أغسطس، لم تعترف أي دولة رسمياً بها كحكومة شرعية لأفغانستان، وتم هدر الكثير من الوقت في الجدل عما إذا كانت مسارات العمل المختلفة ستقوي الحركة أو تضفي الشرعية على حكمها، لكن هذا النهج يبدو مخادعاً للغاية لأسباب عدة، إذ اعترفت الولايات المتحدة فعلياً بطالبان ككيان سياسي، عندما وقعت معها اتفاقية الدوحة في فبراير 2020، كما مكنت الولايات المتحدة طالبان من السيطرة على أفغانستان، عندما أبلغت ممثلي الحركة صراحة في أغسطس، بأنها لن تتحمل مسؤولية كابل، بعد انهيار حكومة الرئيس الأفغاني آنذاك أشرف غني".

ورقة مساومة

 

ووفقاً للمجلة، يمكن أن يكون الاعتراف بطالبان، وسيلة ضغط قوية لكن لا ينبغي، من الناحية الأخلاقية، استخدامها كورقة مساومة، عندما يواجه الملايين من السكان الجوع، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة أن يضع الخطوط العريضة لخريطة طريق للاعتراف بطالبان.

ولفتت المجلة، إلى أنه قد تكون المشكلة الأكثر أهمية أن الولايات المتحدة وحلفاءها مترددون، في ما يجب على طالبان فعله، للحصول على اعترافهم، كما أنهم غير مستعدين لمنح الحركة مسارات واقعية في المناخ السياسي الحالي، وهو ما اعتبرته المجلة إهداراً غير مسؤول للنفوذ الضئيل الذي تركه الغرب.

وتابعت: "تجنب كارثة إنسانية في أفغانستان، لا يتطلب الاعتراف بطالبان، فهناك مجموعة من الخيارات لمعالجة أزمة السيولة ومنع الانهيار المالي، فالاعتراف غير ضروري، على سبيل المثال، لوضع إجراء مؤقت للسماح للدولة الأفغانية بالوصول إلى أصولها واحتياطياتها، وهو ماسيسمح لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بالوصول إلى النقود التي تزداد الحاجة إليها لتلبية الاحتياجات الإنسانية".

حرب أهلية

 

وحذرت المجلة، من أن خطر سوء الفهم وسوء التواصل بين طالبان والدول الغربية أصبح مرتفعاً بشكل خطير ولا يمكن تقليله إلا من خلال المشاركة المباشرة والمستنيرة والمنسقة، لا سيما داخل أفغانستان.

وطالبت "فورين بوليسي" الدول الغربية بإعادة فتح السفارات وإرسال الموظفين، إذا كان لديهم أي أمل في فهم الحكومة الأفغانية الجديدة، مشيرة إلى أن معظم الحكومات (باستثناء الولايات المتحدة) لا تحتاج إلى الاعتراف بحكومة طالبان، لوجود تمثيل دبلوماسي لها في البلاد.

وقالت المجلة إن هناك مصيرًا أسوأ بكثير من أفغانستان التي تحكمها طالبان، موضحة أنه بعيداً عن ملايين الأمهات والأطفال الأفغان، الذين سيموتون بشكل شبه مؤكد بسبب سوء التغذية، إذا تفككت حكومة طالبان، أو دخلت الدولة مرحلة جديدة من الحرب الأهلية، فإن الوضع سيكون أكثر فتكاً ووحشية من أي شيء شهدناه خلال العقدين الماضيين.

وأضافت: "في الوقت الحالي، لا توجد معارضة سياسية واضحة لطالبان يمكن أن تحكم البلاد، وفي حال تفككت الحركة، وازدادت قوة تنظيم داعش في خراسان، فإن أفغانستان ستصبح بالتأكيد ملاذاً للإرهابيين، وهو ما سيمثل تهديداً أكبر وأصعب بكثير من حكومة طالبان، سيتعين على المجتمع الدولي مواجهته.