كوريا الشمالية تطلق صاروخًا عابرًا للقارات وأمريكا تندد

تخضع بيونغ يانغ لعقوبات دولية، بسبب برنامجيها الصاروخي والنووي، إلا أنها مضت -رغم ذلك- في تحديث قدراتها العسكرية

كوريا الشمالية تطلق صاروخًا عابرًا للقارات وأمريكا تندد

السياق

أطلقت كوريا الشمالية الخميس صاروخًا بالستيًا عابرًا للقارات، في ما يعدّ أبرز تجربة لها منذ عام 2017 وتصعيدًا في اختبارات تجريها منذ مطلع العام، في خطوة لقيت إدانات واسعة من واشنطن وسيول وطوكيو.

ودانت واشنطن "بشدة" هذا الاختبار الذي ردت عليه كوريا الجنوبية بإطلاق صواريخ عدة في بحر اليابان، في حين رأت طوكيو أن خطوة بيونغ يانغ تهدد أمنها وأمن المنطقة والعالم.

ويطوي الإطلاق الكوري الشمالي -عمليًا- صفحة وعد قطعه الزعيم كيم جون أون، بوقف اختبار الصواريخ البعيدة المدى والأسلحة النووية، وهو ما ترافق مع خطوات دبلوماسية، منها لقاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

إلا أن المباحثات انهارت وتعثّرت الجهود الدبلوماسية، رغم محاولة إدارة الرئيس جو بايدن، الذي خلف ترامب مطلع 2021، خوض جولات جديدة من المشاورات مع بيونغ يانغ.

وبعد ساعات من إعلان الجيش الكوري الجنوبي، أن بيونغ يانغ أطلقت "مقذوفًا غير معروف نحو الشرق"، أكد رئيس البلاد مون جاي-إين، أن المقذوف صاروخ بالستي عابر للقارات.

وقال في بيان، إن ذلك يشكّل "خرقا لتعليق إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات، الذي وعد به الزعيم كيم جونغ أون المجتمع الدولي".

ورأى أن إطلاق الصاروخ "يشكّل تهديدًا خطيرًا لشبه الجزيرة الكورية والمنطقة والمجتمع الدولي"، ويعدّ أيضًا "خرقًا فاضحًا" لقرارات مجلس الأمن الدولي.

وتخضع بيونغ يانغ لعقوبات دولية، بسبب برنامجيها الصاروخي والنووي، إلا أنها مضت -رغم ذلك- في تحديث قدراتها العسكرية. وبدأت في يناير التلميح لإمكان تخليها عن الوقف الذاتي للتجارب، وأجرت هذا العام عددًا قياسيًا من اختبارات الأسلحة، بما فيها صواريخ فرط صوتية وصواريخ بالستية متوسطة المدى.

وحذّرت واشنطن من أن هذه التجارب "تصعيد خطير" ولن تمر من دون عقوبات.

ودان البيت الأبيض الإطلاق، على لسان المتحدثة جين ساكي، مشيرًا إلى أنه "خرق فاضح لقرارات مجلس الأمن الدولي، ويزيد التوترات بلا داعٍ، ويهدد بزعزعة استقرار الوضع الأمني في المنطقة".

 

صاروخ جديد

وردا على التجربة الكورية الشمالية، أعلنت هيئة الأركان الكورية الجنوبية أن قواتها أطلقت "صواريخ من البر والبحر والجو" في بحر اليابان من الساعة 16:25 (07:25 ت غ).

وسقط الصاروخ الكوري الشمالي في بحر اليابان، على مسافة نحو 150 كلم من سواحلها، وفق وزير الدولة الياباني لشؤون الدفاع ماكوتو أونيكي.

وأشار الى أن الصاروخ "حلّق 71 دقيقة وسقط قرابة الساعة 15:44 (06:44 ت غ) في المياه، ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان في بحر اليابان، على مسافة نحو 150 كلم شرقي شبه جزيرة هوكايدو أوشيما".

وأضاف: "نظرًا إلى أن الصاروخ البالستي حلّق هذه المرة على علو يفوق ستة آلاف متر، وهو أعلى بكثير من صاروخ هواسونغ-15 (...) الذي أطلق في نوفمبر 2017، يعتقد أن صاروخ اليوم نوع جديد".

ودان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إطلاق الصاروخ، مشيرًا إلى أن بيونغ يانغ تهدد "سلامة وأمن اليابان والمنطقة والمجتمع الدولي"، وأن هذا الأمر "لا يمكن القبول به".

وأتى إطلاق اليوم بعد زهاء أسبوع من إعلان الجيش الكوري الجنوبي، أن الجارة الشمالية أطلقت "مقذوفًا غير محدد"، إلا أن العملية باءت بالفشل.

وأشار محللون إلى أن الاختبار كان لما يسمّى "الصاروخ الوحش" أو "هواسونغ 17"، وهو نظام جديد من الصواريخ العابرة للقارات لم يطلق.

وقال الباحث في معهد آسان لدراسات السياسات غو ميونغ-هيون: "بيونغ يانغ حاولت إطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات" الأسبوع الماضي، لكنها "فشلت في ذلك"، مضيفًا: "لذا أطلقته اليوم للتعويض عن ذاك الفشل، ولأن عليها إنجاز تقنية الصواريخ البالستية العابرة للقارات".

 

انشغال العالم بأوكرانيا

وربط الوزير أونيكي بين اختيار كوريا الشمالية هذا التوقيت لإطلاق الصاروخ، وانشغال العالم والدول الغربية خصوصًا، بتبعات الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ فجر 24 فبراير.

وأوضح: "بينما ينشغل العالم في التعامل مع غزو روسيا لأوكرانيا، تمضي كوريا الشمالية قدمًا في عمليات الإطلاق التي تعمّق بشكل أحادي استفزازات المجتمع الدولي، وهو أمر لا يغتفر".

كان الجيش الكوري الجنوبي أعلن أن كوريا الشمالية أجرت الأحد تجارب عدة براجمات صواريخ.

وخلال يناير الماضي، اختبرت كوريا الشمالية أنواعًا من الأسلحة، مثل الصواريخ الفرط صوتية أو الصواريخ البالستية العابرة للقارات المتوسطة المدى.

كما أعلنت أنها اختبرت مرتين، ما أشارت إلى أنها مكوّنات "قمر استطلاع اصطناعي". من جهتهما، ترى سيول وواشنطن أن ما تم اختبارها مكونات نظام جديد للصواريخ البالستية العابرة للقارات.

وأكدت واشنطن أنها "عززت" أنظمة دفاعاتها المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية، وأجرت عرضًا جويًا من حاملة طائرات في البحر الأصفر، بعد التجارب الكورية الشمالية الأخيرة.

وتسعى كوريا الشمالية لامتلاك أنظمة صواريخ بالستية عابرة للقارات، قادرة على حمل رؤوس عدة. وقد عرضت للمرة الأولى نظام هواسونغ-17 خلال عرض عسكري في أكتوبر 2020.