دعوات لحل النهضة واعتقال قيادات إخوانية... تطورات مثيرة في تونس
ذراع حركة النهضة بالقضاء في قبضة السُّلطات... وبيان حاسم من شباب الحركة... تطورات مثيرة في تونس

السياق
حملة اعتقالات لقيادات إخوانية، ودعوات لحل حزب حركة النهضة الإخواني في تونس، تطورات «مثيرة» شهدها الشارع التونسي، في الساعات الأربع والعشرين الماضية، تنذر بتحول الأحداث نحو استئصال جذور التنظيم الإرهابي من البلد الإفريقي.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن القاضي البشير العكرمي، وُضع قيد الإقامة الجبرية، تنفيذًا لقرار صادر من وزير الداخلية المكلَّف، رضا غرسلاوي، يقضي بمنع الأول من مغادرة مقر إقامته أربعين يومًا قابلة للتجديد.
قرار وزير الداخلية، يأتي بعد أيام من قرار آخر لمجلس القضاء العدلي، بإيقاف القاضي عن العمل، وإحالة ملفه إلى النيابة العامة، بعد اتهامه من رئيس محكمة التعقيب، بالتستُّـر على ملفات متعلقة بالإرهاب.
ذراع النهضة
وكان نشطاء ومحامون وجماعات حقوقية، وجَّهوا اتهامات للعكرمي، الذي يُعَدُّ ذراع حركة النهضة الإخوانية في القضاء، بالتواطؤ عمدًا لتعطيل سير التحقيق، في قضايا على صِلة بالإرهاب، بينها اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
واندلعت احتجاجات في البلد الإفريقي، الأحد الماضي، تطالب بتطهير جهاز القضاء ومكافحة الفساد، والمضي قدمًا في إصلاحات واسعة بمؤسسات الدولة.
حملة اعتقال
السُّلطات القضائية، أعلنت تحرُّكات ضد "النهضة"، تمثَّلت في إيقاف 4 أشخاص ينتمون إلى الحركة، بينهم عضو في مجلس الشورى، بسبب محاولته القيام بأعمال عنف أمام مقر البرلمان، عقب إعلان الرئيس قيس سعيد قراراته التي وُصفت بـ«الاستثنائية».
وكشف مصدر قضائي، في المحكمة الابتدائية بتونس، عن إحالة أربع قيادات منتمين لحركة النهضة، إلى قاضي التحقيق بهذه المحكمة، بينهم عضو بمجلس شورى الحركة وآخر من طاقم التشريفات التابع لرئيس الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وثالث كان الحارس الشخصي للغنوشي.
يأتي ذلك بينما أعلنت وكالة الدولة العامة للقضاء العسكري -في بيان نشرته وكالة «تونس إفريقيا للأنباء»- اعتقال النائب ياسين العياري رئيس «حركة أمل وعمل»، من مقر سكنه، لصدور حُكم بحقه من محكمة الاستئناف العسكرية، في السادس من ديسمبر 2018.
معنويات الجيش
وقالت الوكالة التونسية، إن الحُكم تم تأييده بقرار من محكمة التعقيب، ويقضي بسجن ياسين العياري شهرين، لمشاركته في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الجيش، بقصد الإضرار بالدفاع والمس بكرامة الجيش الوطني ومعنوياته.
كما اعتقلت السُّلطات، النائب ماهر زيد في وقت متأخر من يوم الجمعة، وفق ما قال محاميه. وحُكم على زيد بالسجن عامين في 2018، للإساءة إلى الناس على وسائل التواصل الاجتماعي وإهانة الرئيس.
بالمقابل، اعتقلت وحدة مشتركة، من الشرطة والجيش، القيادي في حركة النهضة رضا ردّاية، في محافظة المهدية، وذلك على خلفية نشره مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمَّنت تحريضًا على العنف وسبّ الرئيس قيس سعيد.
تصحيح المسار
وعلى طريق التطورات المثيرة في تونس، أصدر شباب حركة النهضة، بيانًا اطلعت «السياق» على نسخة منه، طالبوا فيه بحل المكتب التنفيذي للحزب، لفشل خياراته في تلبية حاجات التونسيين، مطالبين راشد الغنوشي بتغليب مصلحة تونس.
وقال شباب حركة النهضة، في بيان بعنوان «تصحيح المسار»، إن تونس تمر بمنعطف تاريخي، أفضى إلى اتخاذ رئيس الجمهورية إجراءات استثنائية، قوبلت بترحيب شعبي، كما أثارت تحفُّظ جزء من النُّخبة السياسية والقانونية.
وأشار البيان، إلى أن الأوضاع الحالية، التي وصفها بـ«الحرجة»، تضع الحركة أمام حتمية المرور إلى خيارات «موجعة» لا مفر منها، داعين القيادة الحالية لحركة النهضة، إلى تحمُّل المسؤولية عن التقصير في تحقيق مطالب الشعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان.
خيارات فاشلة
وأكد شباب حركة النهضة، أن خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارته للتحالفات والأزمات السياسية، لم تكن ناجعة في تلبية حاجات المواطن.
وطالبوا مجلس الشورى الوطني، بتحمُّل مسؤوليته، وحل المكتب التنفيذي للحزب فورًا، وتكليف خلية أزمة قادرة على التعامل مع الوضع الذي تعيشه تونس، لتأمين العودة السريعة لنشاط المؤسسات الدستورية.
ودعا شباب حركة النهضة، رئيس البرلمان المجمَّدة عضويته راشد الغنوشي، إلى تغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات، لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي، مطالبين إياه بالتفاعل إيجابًا، مع أي مبادرة سياسية تخرج البلاد من أزمتها الخانقة، تحت سقف القانون والمؤسسات الدستورية.
وتوقَّع مراقبون انقسامًا وشيكًا داخل "النهضة" التونسية، على خلفية موقف الحركة من القرارات الاستثنائية التي أصدرها الرئيس.
وينتظر أن ينعقد خلال الساعات المقبلة، اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، لإعلان موقفه من مجريات الأمور في البلاد.
لا ظلم
وبينما توجِّه حركة النهضة للرئيس قيس سعيد اتهامات بالانقلاب، ينفي الأخير أي اتهامات بتدبير انقلاب على الدستور والانتقال الديمقراطي، مؤكدًا أن ما يحدث تطبيق للقانون وفي إطار الدستور، لحماية الحقوق والحريات، وضمان استمرارية الدولة.
وأكد رئيس الجمهورية -في تصريحات نشرتها الرئاسة التونسية- أنه لا مجال في تونس اليوم للظلم ولا الابتزاز ولا مصادرة الأموال، فالحقوق محفوظة في إطار القانون.
وكان سعيد قد قال: "أعرف النصوص الدستورية جيدًا، وأحترمها ودرَّستها، ولن أتحول بعد كل هذا الوقت إلى ديكتاتور كما قال البعض"، وفق ما جاء في بيان الرئاسة.
ومنذ إعلان سعيد، التدابير الاسثتنئية، يتولى السلطة التنفيذية، وسط توقُّعات بتكليف رئيس وزراء جديد وأعضاء للحكومة، في محاولة لطمأنة الرأي العام والمجتمع الدولي بشأن الحريات والحقوق واحترام الدستور.