تل أبيب ترفض وبيروت تنفي.. هل يلغى اتفاق ترسيم الحدود البحرية قبل أن ينفذ؟
قال المفاوض اللبناني إلياس بو صعب إنه لا يزال على اتصال مع الوسيط الأمريكي -كل ساعة- لحل المشكلات العالقة في اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل.

السياق
سنوات من الجهود الدبلوماسية والمشاورات والمفاوضات على ما يبدو ستذهب سدى، بعدما رفضت إسرائيل اليوم الخميس التعديلات التي طلبها لبنان على مقترح ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، والذي توسَّطت فيه الولايات المتحدة، وذلك بهدف تمكين البلدين من استخراج الغاز في منطقة متنازع عليها في البحر المتوسط أو حولها.
ترحيب يعقبه رفض
وحظيت مسودة الاتفاق -خفية التفاصيل- بترحيب مبدئي من جانب الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية. إذ قال في وقت سابق رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إنَّ اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل على مشارف الإنجاز.
وخلال لقاء مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أشار إلى أنَّ اتفاق الترسيم مع إسرائيل يعني تفادي حرب أكيدة في المنطقة.
فالاتفاق إذا أبرم من شأنه أن يمهد الطريق للتنقيب عن موارد الطاقة البحرية ونزع فتيل مصدر محتمل للصراع بين إسرائيل وحزب الله.
لكن التعديلات التي طلبتها بيروت حول الاتفاق -الذي بالأساس يجد معارضة إسرائيلية- جاءت على غير هوى تل أبيب والتي قالت على لسان رئيس وزرائها إن أي مفاوضات أخرى ستتوقف إذا هدد حزب الله منصة التنقيب عن الغاز في حقل كاريش.
تهديد إسرائيلي
وأوضح لا بيد أن إسرائيل لن تساوم على مصالحها الأمنية والاقتصادية بأي شكل من الأشكال، حتى لو كان معنى ذلك عدم التوصل إلى اتفاق قريبًا". مؤكدا على أن إسرائيل ستستخرج الغاز من حقل كاريش عندما سيكون هذا الأمر ممكنًا.
وأضاف "لو حاول حزب الله أو أي طرف آخر ضرب منصة كاريش أو تهديدنا– فإنَّ المفاوضات على الخط البحري ستتوقف فورا وعندئذ سيتوجب على حسن نصرالله أن يشرح لمواطني لبنان لماذا ليست لهم منصة غاز وليس لهم مستقبل اقتصادي".
لم نتلقَّ ردًا رسميًا
من ناحيتها قالت لبنان على لسان أحد مسؤوليها:لم نتلقَّ ردًّا إسرائيليًّا رسميًّا بشأن طلبات تعديل مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
وأضاف المسؤول الذي لم يكشف هويته، نريد أن نعرف إذا ما كان رفض إسرائيل لمراجعة اتفاق ترسيم الحدود البحرية نهائيًا أو يمكن التفاوض بشأنه
وجاء ذلك بعدما قدم لبنان للولايات المتحدة -البلد الوسيط- قائمة من التعديلات التي يرغب في إدخالها على مسودة المقترحات بشأن ترسيم الحدود مع الدولة العدوة لها.
إلى ذلك، قال المفاوض اللبناني إلياس بو صعب إنه لا يزال على اتصال مع الوسيط الأمريكي "كل ساعة" لحل المشكلات العالقة في اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل.
بدوره أعلن نائب رئيس البرلمان اللبناني، عن إنجاز 90٪ من اتفاق ترسيم الحدود البحرية لكنه أشار إلى أن نسبة 10٪ المتبقية هي الحاسمة.
الاتفاق ليس نهائيًا
ومن ناحيته قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي إن إسرائيل لا تعتبر الاتفاق نهائيًا، إذ لا تزال هناك تحفظات، مشيرًا إلى أنَّ الاتفاق سيعرض على مجلس الوزراء الأمني، ثم على مجلس الوزراء -بتشكيلته الكاملة- ومن ثمَّ يتم إحالته إلى الكنيست للفصل فيه.
وكان الوسيط الأمريكي هوكشتاين قد أرسل مسودة اقتراح إلى بيروت الأسبوع الماضي، وبحثها كل من الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وليعلن بعدها إلياس بو صعب نائب رئيس مجلس النواب اللبناني أنه قدم لسفيرة الولايات المتحدة في لبنان التعديلات التي تريدها بيروت دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل، مشددا على أنَّ التغييرات التي تريدها بيروت لن تؤدي إلى خروج الاتفاق عن مساره.
استقالة المفاوض
حسب تقارير صحفية فإن المسودة تتضمن آلية اتفاق يتم بموجبها إنتاج الغاز من قبل شركة "بترخيص لبناني" في حقل "قانا" المتنازع عليه، مع حصول إسرائيل على حصة من الإيرادات.
ويأتي كل هذا على وقع معارضة إسرائيلية داخلية للاتفاق وتعامل أكثر من جهة معنية برؤية مختلفة اضطر على أثرها أودي أديري، رئيس وفد المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، تقديم استقالته من منصبه وهو الذي يدير المحادثات منذ عام 2020
تقارير صحفية أشارت إلى أنَّ الاستقالة كان دافعها قيام مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا بإدارة المفاوضات فعليا، فيما ترك لديري التعامل في ملف الطاقة فقط، ولم تتمَّ إحاطته بالجانب الأمني والسياسي للاتفاق.
وجدير بالذكر أنَّ موجة احتجاجات ترأسها رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو لرفضه إتمام الاتفاق الذي وصفه بالانتهازي.
"الاتفاق سياسي"
إلى ذلك قالت كسينيا سفطلوفا مديرة برنامج إسرائيل والشرق الأوسط في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية إنَّه على وقع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية المقررة بعد أقل من شهر فإنَّ أمر الاتفاق بات سياسيًا فحسب وليس اقتصاديًا.
وأشارت سفطلوفا في مقابلة مع "السياق"، إلى أن النزاع قائم حول حقل الغاز الذي يوجد بشكل جزئي في المياه الإقليمية في منطقة المياه الاقتصادية للبنان، ويوجد بشكل جزئي في منطقة المياه الاقتصادية لإسرائيل بدأ عام ٢٠١٠.
كسينيا سفطلوفا @KseniaSvetlova، مديرة برنامج إسرائيل والشرق الأوسط في معهد MITVIM: #إسرائيل تتجه إلى الانتخابات بعد أقل من شهر، لذلك التفاوض مع #لبنان بات أمرًا سياسيًا وليس اقتصاديًا ولا يتعلق فقط بالمصلحة العليا للدولة.#السياق pic.twitter.com/UPW7qkuAzJ
— السياق (@alsyaaq) October 6, 2022
"ملابسات الخلاف"
ولفهم ملابسات الخلاف أوضحت سفطلوفا أنَّ الاتفاق اللبناني الأولي كان يتعلق بخط ١ والذي من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بحوالي ٤٩% (٤٧-٤٩%) من حقل قانا للغاز. مضيفة أنَّه بعد ذلك، قررت لبنان تغيير موقفها وعرضت في البداية الخط ٢٣ وهو الشيء الذي لم يتم الاتفاق عليه إلى يومنا هذا.