فرنسيان متهمان بالتجسس في قبضة إيران.. وباريس تعتبرهما رهائن لدى طهران
اتهمت إيران عدة مراتٍ قوى أجنبية بتأجيج التظاهرات، وأعلنت الأسبوع الماضي توقيف تسعة أجانب من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسويد.

السياق
على خلفية التظاهرات التي تعم أرجاء إيران إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد ما تسمى "شرطة الأخلاق"، اتهمت طهران دولًا أجنبية وقوى خارجية بتأجيجها. وإلى ذلك بثَّ موقع قناة العالم التلفزيونية الرسمية الناطقة بالعربية، الخميس ما وصفه بأنَّه "اعترافات" بالتجسس أدلى بها على حد قوله فرنسيان اعتقلا في أيار/مايو بإيران.
ومن ناحيتها سارعت باريس إلى التنديد بهذه الخطوة معتبرة أنها "مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز" وأشارت إلى أن الموقوفَين الفرنسيَّين في إيران يعتبران "رهينتي دولة".
"الاستخبارات الفرنسية"
واعتقل الفرنسيان في وقتٍ كانت إيران تشهد تظاهرات معلمين يطالبون بإصلاحات متعلقة بالأجور ورواتب التقاعد ويدعون للإفراج عن زملاء لهم أوقفوا خلال تظاهرات سابقة.
واتهمت إيران عدَّة مراتٍ قوى أجنبية بتأجيج التظاهرات، وأعلنت الأسبوع الماضي توقيف تسعة أجانب من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسويد.
وفي الشريط الذي أذاعته إيران تقول سيدة تتكلم بالفرنسية في الفيديو إنها تدعى سيسيل كولر وإنها ضابطة استخبارات في عمليات "الإدارة العامة للأمن الخارجي" (دي جي اس أو)، جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي.
"مثيرة للاشمئزاز"
فيما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس أنَّ بث إيران ما وصفته بأنَّه "اعترافات" بالتجسس هو "مسرحية غير لائقة ومثيرة للاشمئزاز وغير مقبولة ومخالفة للقانون الدولي".
وأضافت الوزارة في بيان أن "هذه المهزلة تكشف عن ازدراء السلطات الإيرانية بالكرامة الإنسانية" مطالبة بـ"الإفراج الفوري" عن الفرنسيين سيسيل كولر وجاك باري.
وكانت إيران أعلنت في 11 أيار/مايو توقيف أوروبيَّين "دخلا البلاد بهدف إثارة الفوضى وزعزعة استقرار المجتمع".
وأدانت السلطات الفرنسية اعتقال الفرنسيين معتبرة أن "لا أساس له" وطالبت "بالإفراج الفوري عنهما". واتهمت طهران مطلع تموز/يوليو "نقابيين فرنسيين" اعتقلا في أيار/مايو "بالمساس بأمن البلاد".
"سائحان"
وقال مصدر نقابي فرنسي حينذاك إنَّهما سيسيل كولر المسؤولة في نقابة الفدرالية الوطنية للمعلمين- القوة العاملة وزوجها جاك باري. وأوضح أنهما كانا يزوران المعالم السياحية في إيران خلال عطلة عيد الفصح عند اعتقالهما.
"تفاصيل صادمة"
وفي التسجيل الذي نشر الخميس، قالت المرأة إنها وزوجها كانا في إيران "لتهيئة الظروف للثورة وإسقاط النظام الإيراني". وكانا، بحسب تصريحاتها المسجلة، يمولان الإضرابات والتظاهرات بل ويستخدمان السلاح "إذا لزم الأمر لمحاربة الشرطة".
وأوضح الرجل الذي ظهر في الفيديو وتحدث بالفرنسية أيضًا أن المديرية العامة للأمن الخارجي تهدف إلى "الضغط على الحكومة" الإيرانية.
"احتجاز الرهائن"
سبق أن بث التلفزيون الإيراني "اعترافات" موقوفين ولا سيما الصحفي في نيوزويك مزيار بهاري الذي قال لاحقًا في كتاب نشره في الخارج إنَّه أرغم خلال اعتقاله في 2009 على القيام بذلك.
وفي حزيران/يونيو 2020 حضت منظمات غير حكومية إيران على وقف ممارسات "الاعترافات القسرية" المتلفزة لموقوفين والتي تبثّ على وسائل إعلام رسمية.
وأكثر من عشرين من مواطني دول غربية معظمهم من مزدوجي الجنسية محتجزون أو عالقون في إيران، فيما تعتبره المنظمات غير الحكومية سياسةَ احتجاز رهائن للحصول على تنازلات من قوى أجنبية.
"تهم التجسس"
وبين هؤلاء الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي اعتقلت في حزيران/يونيو 2019 وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة تقويض الأمن القومي وهو ما نفاه أقاربها دائمًا بشدة، وبنجامان بريار الذي أوقف في أيار/مايو 2020 وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات وثمانية أشهر بتهمة التجسس التي ينفيها.
"الماركسية"
وكانت إيران أعلنت في منتصف حزيران/يونيو أنها أوقفت ناشطًا ماركسيًا مفترضًا يعتقد أنه على صلة بنقابات فرنسية، مؤكدة أن "مهمته التحريض على العصيان وإحداث اضطراب في أوساط العماليين".
الاحتجاجات المشتعلة في أغلب التراب الإيراني كان وقودها مقتل فتاة تدعى مهسا أميني 22 عاما على يد ما تسمى "شرطة الأخلاق" بزعم عدم ارتدائها الحجاب .
وحسب فرنس 24 فإنَّ عدة مدن حول العالم من بينها لندن وباريس ومدريد وتورنتو وقفات احتجاجية تضامنًا مع الحراك الإيراني.
وبدأت الاحتجاجات في جنازة الفتاة مهسا أميني في 17 سبتمبر الفائت وعمَّت 31 إقليمًا وشارك فيها جميع شرائح المجتمع ومنهم الأقليات العرقية والدينية، ورددوا هتافات تطالب بإسقاط حكم خامنئي وتغيير النظام ومحاسبة القتلة
وأظهرت مقاطع فيديو عددًا من النساء وهن يحرقن غطاء رؤوسهن ويقصصن شعورهن كنوع من التضامن مع الفتاة المقتولة بسبب "لبسها غير المحتشم" وهي التهمة الفضفاضة التي غالبًا ما تستخدمها ما تسمى "شرطة الأخلاق".
وفي مدارس الفتيات الإيرانية أظهرت عدد من الصور جابت منصات التواصل الاجتماعي طالبات صغارًا وهنّ يَرْمُزن بالإساءة إلى صورة المرشد الإيراني الأعلى خامنئي.
وقال مدير المنظمة الإيرانية المعنية بحقوق الإنسان محمود أميري، إنَّ من واجب الأسرة الدولية التحقيق ومنع طهران من ارتكاب جرائم أخرى.
الحادثة الأبشع
وتأكيدًا على الوحشية المفرطة التي ينتهجها الأمن الإيراني فقد لقيت فتاة من طهران مصرعها برصاصة قاتلة، بينما كانت توثق المظاهرات وتصورها، وحسب مواقع فارسية فإنَّ الفتاة قتلت فقط، لأنها كانت تصور الاحتجاجات، خاصة أنَّ فيديوهات كثيرة مما صورها سابقًا جابت فضاء الإنترنت ووثقت انتهاكات النظام .
في السياق ذاته وقعت حادثة أشدّ ألمًا راحت ضحيتها الفتاة نيكا شكارامي وهي إيرانية تبلغ من العمر 17 عامًا، اختفت خلال الاحتجاجات وبعد بحث طويل، تمَّ استدعاء عائلتها للتعرف عليها، لتجدها جثة بأنفٍ محطمةٍ وجمجمةٍ مهشمةٍ، وقبل الجنازة اختطف الحرس الثوري الجثة ودفنها في مكان غير معلوم.