مرشح المحافظين... من هو ظِل الخميني رئيس إيران الجديد؟

بعد أن حصد 17.8 مليون صوت، بـ 62 في المئة من أصوات الناخبين، أُعلن رسميًا في إيران، انتخاب رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي، رئيسًا جديداً للبلاد.

مرشح المحافظين... من هو ظِل الخميني رئيس إيران الجديد؟
إبراهيم رئيسي

السياق

الإعلان الرسمي بفوز رئيسي، الذي يُعَدُّ أحد المقرِّبين من مرشد النظام الإيراني، علي خامئني، جاء عقب إعلان الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، أن الدورة الأولى للانتخابات التي أجريت، الجمعة، أفضت إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مضيفًا في كلمة متلفزة: "أهنئ الشعب على خياره، سأوجِّه تهاني الرسمية لاحقاً، لكننا نعرف أن ما يكفي من الأصوات توافرت في هذه الانتخابات، وثمة من تمّ انتخابه من قبل الشعب".

كما هنّأ المرشحان المتشدِّدان محسن رضائي وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، إضافة الى الإصلاحي عبدالناصر همتي، رئيسي على الفوز بالانتخابات.

وبعد فرز 90% من الأصوات، قال مسؤولون إيرانيون إن 28.6 مليون شخص أدلوا بأصواتهم، من أصل 59.3 مليون إيراني، كانوا مدعوين للمشاركة في الاقتراع، بينما شارك أكثر من 41 مليوناً في انتخابات 2017.

 

ماذا يعني فوز رئيسي؟

أوضحت صحيفة جارديان، أن فوز رئيسي، الذي يَـعُـدُّه البعض ظِل خامنئي، برئاسة إيران، يعني أن أذرع الحكومة المنتخبة وغير المنتخبة ستقع في قبضة، ما يطلق عليهم المحافظين، كخامنئي ورئيسي، ما ينهي الازدواجية المضطربة، التي شهدتها السنوات الثماني الماضية، عندما وجد الرئيس المنتهية ولايته، حسن روحاني، نفسه على خلاف مع الحرس الثوري، الذي يقوده خامنئي.

وأصبحت رئاسة روحاني، لا تحظى بشعبية على نحو متزايد، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات، حرمت الإيرانيين من الفوائد الاقتصادية، التي وعدهم بأنها ستأتي من توقيع الاتفاق النووي عام 2015 مع واشنطن.

وترى جارديان أن (همتي)، كان الوحيد الذي ينافس رئيسي فعليًا، إلا أنه لم يكتسب الوقت الكافي، لكي يبرز في منافسة خصمه، ما أتاح فرصة أكبر لرئيسي، وهو ما يعني أيضًا أن من يسمون المحافظين عادوا ليحكموا قبضتهم على إيران.

وتقول كسرة ناجي، مراسلة بي بي سي فارسي: إن المتشدِّدين الإيرانيين في ظِل رئيسي، سيسعون إلى إقامة نظام متشدِّد للحكومة، ما يعني المزيد من الضوابط على الأنشطة الاجتماعية، وحريات ووظائف أقل للنساء، وسيطرة أشد على وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة.

وأشارت، في تصريحات لإذاعة بي بي سي، إلى أن العديد من الإيرانيين ينظرون إلى الانتخابات، على أنها استيلاء صارخ على السلطة من المتشدِّدين، الذين يبدو أنهم قرَّروا أنه لا يمكنهم الفوز في انتخابات حرة ونزيهة، حسب قولها.. بينما يشعر العديد من الإيرانيين، بأنهم مهمَّشون من المؤسسة الدينية الاستبدادية، إذ قاطع الملايين الانتخابات الأخيرة، يأسًا من إنقاذ ما يمكن إنقاذه. 

في الغرب، يُعتقد أن رئيسي والمرشد الأعلى خامنئي، يؤيدان العودة إلى اتفاق دولي، بشأن نشاط إيران النووي.

 

الملف النووي

من المفارقات، أن انتخاب رئيسي يتزامن مع إرهاصات رفع العقوبات الأمريكية، واستمرار المحادثات النووية في فيينا، بشأن شروط عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، وعودة إيران إلى الامتثال لهذه الشروط، إذ أصر المسؤولون الإيرانيون، طوال الحملة الانتخابية، على وجود إجماع داخلي على الموقف التفاوضي، وبذلك يُعَدُّ فوز رئيسي تأكيدًا لاستمرار هذه المفاوضات.

كانت المحادثات بين إيران وروسيا والصين وثلاث دول أوروبية، معلَّقة بانتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية في إيران، ويرجع ذلك إلى أن الرئاسة الإيرانية، لم تكن راغبة في منح الإصلاحيين هدية سياسية محتملة، برفع العقوبات قبل التصويت.

ولن يتولى رئيسي مهام الإدارة المنتهية ولايتها برئاسة روحاني، حتى الشهر المقبل، لكن المحادثات ستستأنف في فيينا، قبل ذلك الحين.

اتخذت الولايات المتحدة خطوات، مع إغلاق صناديق الاقتراع، بعد ظهر الجمعة، لرفع سلسلة من الحواجز أمام إرسال مساعدات إنسانية إلى طهران، إذ بلغ عدد الوفيات 82746 وفاة بسبب كورونا، في أربع موجات متلاحقة.

وقالت سانام فاليكي ، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط، في مركز أبحاث لندن تشاتام هاوس: "هذه الانتخابات شهدت إعادة توحيد المحافظين للفوز بها، كتكرار لما حدث مع محمود أحمدي نجاد عام 2005.

 

من هو رئيسي؟

رئيسي، هو القاضي الإيراني الأعلى، وله آراء متشدِّدة للغاية، ويخضع لعقوبات أمريكية، بعد أن ارتبط اسمه بإعدامات سابقة لسجناء سياسيين.

عمل رئيسي بمهنة القضاء سنوات طويلة، ما أكسبه سُمعة التشدُّد والانغلاق، في وجه أي معارضة سياسية.

لمنصب الرئيس تأثير كبير في السياسة الداخلية والشؤون الخارجية، لكن المرشد الأعلى علي خامنئي، هو صاحب القول الفصل، في جميع شؤون الدولة.

عمل رجل الدين البالغ من العمر 60 عامًا مدعياً عاماً معظم حياته المهنية.

تم تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية، عام 2019، بعد عامين من خسارته بأغلبية ساحقة أمام روحاني، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

قدَّم رئيسي نفسه على أنه أفضل شخص، لمحاربة الفساد وحل مشكلات إيران الاقتصادية.

ومع ذلك، أعرب العديد من الإيرانيين ونشطاء حقوق الإنسان، عن قلقهم بشأن دوره في عمليات الإعدام الجماعية للسجناء السياسيين في الثمانينيات.

لم تعترف إيران، بعمليات الإعدام الجماعية، ولم يتطرَّق رئيسي إلى دوره فيها.

رئيسي، مرشح لإجماع المتشدِّدين في إيران، لديه علاقات وثيقة بالحرس الثوري، وعلاقة قوية استمرت عقوداً مع خامنئي، يعرف بدوره في لجنة عام 1988 التي حكمت على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام، كما رأس عمليات سجن جماعية، للصحفيين والنشطاء السياسيين ومزدوجي الجنسية، من بينهم أمريكيون.

قدَّم رئيسي القليل من التفاصيل عن برنامجه السياسي، سواء كان ذلك في الاقتصاد أو السياسة الداخلية أو الشؤون الخارجية.

في حين أنه لا يعارض اتفاق إيران النووي، الذي وقِّع عام 2015 مع القوى العالمية، وبذلك من المتوقَّع أن توجِّه إدارته سياسة إيران الخارجية ناحية روسيا والصين، على حساب الدبلوماسية مع الغرب، وهو الموقف الذي يفضِّله المرشد الأعلى، منذ فترة طويلة.