ذا هيل: بعد نجاحها في ليبيا وسوريا وغزة.. مصر تعود بقوة لقيادة المنطقة

بعد جيبوتي، أجرت مصر مناورات عسكرية مع السودان، كما وقَّعت مع كينيا اتفاقية فنية جديدة للتعاون الدفاعي، وزار رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، محمد فريد، كينيا ورواندا، كما أجرت مصر تدريبات مع الإمارات العربية المتحدة وباكستان، وأرسلت قافلة مساعدات إلى غزة.

ذا هيل: بعد نجاحها في ليبيا وسوريا وغزة.. مصر تعود بقوة لقيادة المنطقة
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

ترجمات - السياق

أبرزت صحيفة ذا هيل الأمريكية، دور القاهرة الأخير على الساحتين الإقليمية والدولية، وقالت إن مصر، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، برزت كقوة مؤثرة إقليمياً، بفضل الإنجازات الدبلوماسية، التي حققتها في غزة وليبيا وسوريا.

وذكر تقرير الصحيفة، أن مساعدة مصر، في التوسُّط لوقف إطلاق النار في 21 مايو الماضي، بين إسرائيل وحماس، بعد 11 يومًا من القتال، أنهت صراعًا لا طائل منه إلى حد كبير، بعد وضع حماس وترسانتها الصاروخية الضخمة، في مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية .

وجدَّدت القاهرة تقليدها المعتاد، بمحاولة تخفيف التوترات بين إسرائيل وحركة حماس، لكن هذه المرة، تجاوزت مصر علناً عملها السابق، واستضافت في 30 مايو الماضي وزير خارجية إسرائيل في القاهرة، لأول مرة منذ 13 عامًا، إذ يبدو أنه جزء من تحول بطيء، لكنه ثابت لمصر، بينما تحاول استئناف دور قيادي في الشرق الأوسط.

وتأتي الزيارة الرمزية، لجابي أشكنازي، الوزير الإسرائيلي، لعقد اجتماعات مع نظيره سامح شكري بالقاهرة، في الوقت الذي تقيم فيه إسرائيل، علاقات مع شركاء سلام جدد في الخليج، وتوسِّع مصر اتصالاتها وتواصلها مع دول القرن الأفريقي.

وأثناء وجود أشكنازي في القاهرة، أرسلت مصر رئيس المخابرات عباس كامل، للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ورغم أن لإسرائيل علاقات مع مصر منذ عقود "مصر أول دولة عربية توقِّع اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979" فإن هذه العلاقات كانت باردة معظم الوقت، إذ لا زيارات دبلوماسية عامة، وسفير إسرائيل في بعض الأحيان، لا يكون مقره مصر بسبب التوترات.

 

سياسة السيسي

يُعَدُّ التواصُل المصري الآن، جزءًا من أجندة أوسع للرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد ما يقرب من عقد على "الربيع العربي" الذي أدى إلى إطاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لعودة مصر إلى القيادة الإقليمية.

فمن الخمسينيات إلى التسعينيات، كانت مصر دولة عربية رئيسة، تصدِّر الثقافة والقوة العسكرية والقيادة للمنطقة، لكن ذلك تغير إبان "الربيع العربي" عام 2011، إذ أصبحت القاهرة أكثر ميلاً إلى الداخل، مع الاحتجاجات والصعود المؤقَّت لتنظيم الإخوان، لكن السيسي نجح في إزالة حكم الإخوان، رغم أنه أمضى العقد الماضي ببطء، في إعادة بناء نفوذ قوي لمصر خارجيًا.

يبدأ هذا النفوذ شمالي وشرقي أفريقيا، ففي نهاية مايو، أرسلت مصر طائرات بمساعدات إنسانية إلى جيبوتي، ثم توجَّه السيسي إلى هناك، لإجراء محادثات دبلوماسية.

ورغم أن جيبوتي دولة صغيرة، فإنها تستضيف قواعد استراتيجية للقوى الغربية، وتلعب دورًا كبيرًا في أمن القرن الأفريقي.

بعد جيبوتي، أجرت مصر مناورات عسكرية مع السودان، كما وقَّعت مع كينيا اتفاقية فنية جديدة للتعاون الدفاعي، وزار رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، محمد فريد، كينيا ورواندا، كما أجرت مصر تدريبات مع الإمارات العربية المتحدة وباكستان، وأرسلت قافلة مساعدات إلى غزة.

 

فتح أسوق جديدة

تقول "فايننشال تايمز": إن تواصُل مصر مع الدول الأفريقية، لا يقتصر على تصدير النفوذ والعلاقات العسكرية ولا الأمنية، وإنما باتت تصدِّر بعض الصناعات الأخرى، لفتح أسواق جديدة لها، في القارة السمراء.

وتشير الصحيفة، إلى أن مصر تشعر بالقلق بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي، وتخشى أن يؤثِّر في إمدادات المياه من نهر النيل.

إضافة إلى ذلك، لعبت مصر دورًا مهمًا في ليبيا، حيث تشعر بالقلق من الإرهاب والتطرف، الذي قد يأتي من هذه البلاد، التي تعيش في خضم حرب أهلية.

لكن توتر علاقات مصر مع تركيا، شرقي البحر المتوسط، أدى إلى شراكة أكبر بين مصر واليونان وقبرص وإسرائيل.

ولعل الأهم من ذلك، أن مصر تواصلت مع الحكومة السورية، كما دعا وزير الخارجية المصري سوريا إلى العودة إلى الجامعة العربية، بعد 10 سنوات من تعليق عضويتها بسبب الحرب الأهلية السورية.

 

عودة إلى القيادة

تُظهر الصورة الإجمالية لمصر الآن، بعد مرور عقد من فوضى "الربيع العربي"، عودتها بقوة إلى دور القيادة في المنطقة، إذ تسعى إلى إرساء الاستقرار من ليبيا إلى سوريا، وأيضًا في غزة، وهي ثلاثة مراكز رئيسة للصراع في المنطقة.

وإذا تمكَّنت مصر، من المساعدة في الحد من التوترات في هذه المناطق، فستكون قد نجحت، حيث فشل غيرها طوال العقد الماضي.