بايدن وأردوغان... ملفات شائكة على طاولة الرئيسين العدوين تحت مظلة الناتو
لقاء الغريمين المرتقب، يأتي على هامش قمة خاصة بحلف الناتو تعقد في 14 يونيو الجاري، بمقر المنظمة في بروكسل، كان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، أعلن عنها الخميس الماضي، مشيرًا إلى أنها ستبحث «أنشطة روسيا العدائية، والخطر الإرهابي، والهجمات الإلكترونية، وتأثير التغيُّـر المناخي في الأمن، وصعود نفوذ الصين».

السياق
إعلان البيت الأبيض، عن لقاء مرتقب، يجمع رئيسي أمريكا جو بايدن، وتركيا رجب طيب أردوغان، سلَّط الضوء -مرة أخرى- على الخلافات الحادة التي وصلت حد العداء، بين الرئيسين العضوين في حلف الناتو.
لقاء الغريمين المرتقب، يأتي على هامش قمة خاصة بحلف الناتو تعقد في 14 يونيو الجاري، بمقر المنظمة في بروكسل، كان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، أعلن عنها الخميس الماضي، مشيرًا إلى أنها ستبحث «أنشطة روسيا العدائية، والخطر الإرهابي، والهجمات الإلكترونية، وتأثير التغيُّـر المناخي في الأمن، وصعود نفوذ الصين».
اللقاء الأول
إلا أن ذلك اللقاء، الذي يُعَدُّ الأول، بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره التركي رجب أردوغان، لن يكون كافيًا -بحسب مراقبين- لحلحلة الخلافات بينهما، نظراً للجفوة في العلاقات بين البلدين، بسبب قائمة العقوبات الأمريكية المتتالية، ضد الحكومة التركية، إثر سلوكها الذي وُصف بـ«العدائي».
لكن مالذي أجَّج العلاقات بين البلدين، إلى أن وصلت حد العداء، رغم أنهما عضوان في حلف الناتو؟ وكيف تحوَّلت العلاقة الوطيدة، التي جمعت أردوغان والرئيس الأمريكي السابق ترامب، إلى حد فرض عقوبات قاسية على أنقرة؟ وما مستقبل العلاقات بين البلدين؟
«منصة السياق الإعلامية» تجيب عن تلك الأسئلة في هذا التقرير...
العلاقات بين البلدين
العلاقات بين واشنطن وأنقرة، شهدت توترات عدة، خلال الأشهر الأخيرة، بعد اتجاه أنقرة إلى روسيا، لشراء منظومة «إس 400» الدفاعية، الأمر الذي عارضته أمريكا بشدة، قائلة إن ذلك يهدِّد دفاعات التحالف.
وكانت تركيا وقَّعت صفقة شراء منظومة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «إس-400» الأكثر تطورًا في العالم من روسيا، في 12 سبتمبر 2017، إلا أنه بعد بدء تسلُّمها الفِعلي لها في 12 يوليو2019، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في 14 ديسمبر2020، فرض عقوبات على أنقرة بسبب شرائها المنظومة الروسية، بموجب قانون مواجهة خصوم أمريكا.
فرض العقوبات الأمريكية على تركيا، جاء من خلال قانون «كاتسا» أو مكافحة أعداء أمريكا، وينص على فرض عقوبات، عندما تبرم دولة ما «صفقة مهمة» مع قطاع التسليح الروسي.
تراجُع تركي
إلا أنه، وفي محاولة لإصلاح العلاقات مع واشنطن، قبل اللقاء المرتقب، أكد وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، عزم بلاده على حل مشكلة منظومة «إس 400» الدفاعية الروسية، مع الولايات المتحدة الأمريكية، عبر الحوار البنّاء والأرضية المناسبة، مشيرًا إلى أن المنظومة الروسية، لا تشكِّل خطرًا على أمن حلف شمال الأطلسي «ناتو».
وكشفت تقارير صحفية، عن عزم أردوغان على وضع الصواريخ الروسية تحت السيطرة الأمريكية، في قاعدة إنجرليك الجوية جنوبي تركيا، من دون أي مشاركة روسية في تشغيلها وصيانتها، وفق خيارات عدة، بينها نموذج كريت، في إشارة إلى شراء اليونانيين صواريخ «إس - 300» من روسيا في التسعينات، لينتهى بها الأمر في مخزن بجزيرة كريت اليونانية، في محاولة من أنقرة لإرضاء واشنطن.
شعلة نار
منظومة الصواريخ الروسية، لم تكن وحدها التي أجَّجت العلاقات بين البلدين، بل إن ذلك الملف، كان شعلة النار التي أطفأت لهيب العلاقة الوطيدة، التي جمعت أردوغان وترامب، لتستيقظ أنقرة على وعيد وتهديد من الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثناء حملته الانتخابية، وقبل دخوله البيت الأبيض، ليترجم شعاراته الانتخابية إلى واقع، تمثَّل في جفوة دامت زمناً قارب ثلاثة أشهر بين الرئيسين، قبل أول اتصال هاتفي بينهما.
وأجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن في 23 أبريل الماضي، اتصالًا هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، كان الأول منذ تولي بايدن الرئاسة في 20 يناير الماضي.
تصحيح المسار
ورغم أن مراقبين، رأوا أن ذلك الاتصال الهاتفي، قد يكون بداية تصحيح لمسار علاقات متوترة بين الطرفين، وإبداء نوايا حسنة في تقارب البلدين، على قاعدة طي الخلافات القائمة، فإن الرئيس الأمريكي فاجأ تركيا والعالم، بعد يوم من التواصل مع أردوغان، بإعلان أن «مذابح الأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية عام 1915 تُعَدُّ إبادة جماعية»، ما أحرج الغريم التركي، وعزَّز سياسة الاتحاد الأوروبي الهادفة إلى غلق أبوابها أمام أنقرة.
إبادة الأرمن
وفي 24 أبريل الماضي، اعترف بايدن، بأن المجازر التي ارتكبها العثمانيون ضد الأرمن «إبادة جماعية»، ليصبح بذلك أول رئيس للولايات المتحدة، يعترف بالإبادة الأرمنية.
ودفع اعتراف بايدن، بإبادة الأرمن، أنقرة إلى استدعاء السفير الأمريكي لديها، احتجاجاً على قرار الرئيس جو بايدن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، حسب ما ذكرته حينها وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
إبادة الأرمن والمنظومة الروسية، كانا ملفين على طريق الأشواك التركي الأمريكي، إلا أن مشروع قانون قدَّمه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أوائل مايو الماضي، أشار إلى نية المشرِّعين الأمريكيين في الضغط على بايدن، لترجمة مواقفه المتشدِّدة من أردوغان، إلى أفعال مباشرة، ما قد يثير حفيظة الأخير، ويدفع بالعلاقات إلى طور أسوأ.
سجناء الرأي
وبحسب أعضاء الكونجرس، فإن المشروع ركَّز على مسؤولي الحكومة التركية، الذين ثبتت مسؤوليتهم عن احتجاز سجناء الرأي والسجناء السياسيين، واحتجاز الصحفيين لدوافع سياسية، وتقييد حرية التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث يقف أردوغان على رأسهم.
لم تقف تركيا، بل إنها حاولت تحدي واشنطن، في اجتماع حلف الناتو، الأسبوع الماضي، لتستخدم حق النقض، لمنع إصدار موقف متشدِّد من بيلاروسيا، بعد إجبار طائرة مدنية، على الهبوط في أراضيها، واعتقال الصحفي المعارض رومان بروتاسيفيتش.
الموقف التركي جدَّد النقاش، في ما وصلت إليه تركيا، من دعمها للنظم الاستبدادية، وعن جهودها المشتركة مع موسكو لتقويض حلف الناتو بشكل خاص، ما أغضب الحليف الأمريكي.
ملفات شائكة
ورغم تلك المواقف، فإن صحيفة المونيتور، أشارت إلى بعض الملفات التي قد تجمع «الرئيسين العدوين» على طاولة واحدة، في يونيو الجاري، بينها منظومة الدفاع الجوي الروسية، والحلول المقدَّمة من أنقرة لإرضاء أمريكا، فضلاً عن التوترات في منطقة البحر الأسود، والعلاقة مع روسيا، ومستقبل سوريا، والوضع في العراق.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى إشكالية ثالثة، ستكون محورًا للحوار الأمريكي التركي، هي جلسة المحاكمة المقرَّرة هذا الشهر لبنك خلق التركي في نيويورك، المتهم بمساعدة إيران في التهرُّب من العقوبات الأمريكية، ورفض تسليم الداعية فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا، الذي تصر أنقرة على اتهامه بتدبير محاولة الانقلاب عام 2016، فضلًا عن الخلافات الأخرى، مع اليونان وبعض الدول الأوروبية، في حوض البحر المتوسط.