قصة حياة مؤسس تطبيق مكافي المثيرة للجدل تنتهي بالانتحار
وُجد ميتًا في زنزانته ببرشلونة... قصة حياة مؤسس تطبيق مكافي المثيرة للجدل تنتهي بالانتحار

السياق
عُثر على رجل الأعمال، المطوِّر التكنولوجي لبرامج مكافحة الفيروسات جون مكافي، ميتًا في زنزانة سجن بمدينة برشلونة الإسبانية، بعد ساعات من موافقة محكمة إسبانية، على تسليمه إلى الولايات المتحدة، لمواجهة تُهم التهرُّب الضريبي.
وبينما أكدت إذاعة بي بي سي البريطانية، أن المطوِّر التكنولوجي وُجد ميتًا في سجنه، نقلت وكالة رويترز للأنباء، عن خافيير فيلابا محامي مكافي، قوله: إن رائد برامج الحماية من الفيروسات الإلكترونية شنق نفسه، بعدما سيطر عليه الإحباط نتيجة تسعة أشهر أمضاها في السجن.
وقالت وزارة العدل الكتالونية، إن المسعفين حاولوا إنعاش الرجل البالغ من العمر 75 عاماً، لكنهم فشلوا، وأضافت أن "كل شيء يشير إلى أن مكافي انتحر".
ومكافي شخصية مثيرة للجدل في عالم التكنولوجيا، وسبق أن أصدرت شركته "McAfee VirusScan" أول برنامج تجاري مضاد للفيروسات، كما ساعدت في إطلاق صناعة بمليارات الدولارات في عالم الكمبيوتر، وتم بيعها في النهاية، إلى شركة إنتل العملاقة للتكنولوجيا، بأكثر من 7.6 مليار دولار (4.7 مليار جنيه إسترليني).
اعتقال مكافي
في أكتوبر 2020، ألقي القبض على جون مكافي في إسبانيا، عندما كان على وشك ركوب طائرة متجهة إلى تركيا، واتُّهم بالفشل في تقديم الإقرارات الضريبية لمدة أربع سنوات، رغم كسب الملايين من العمل، بوصفه مستشارًا تكنولوجيًا، فضلاً عن تجارته في العملات المشفَّرة، وبيعه حقوق قصة حياته.
وزعمت وزارة العدل الأمريكية، أن مكافي تهرَّب من المسؤولية الضريبية، من خلال دفع دخله إلى حسابات مصرفية وحسابات صرف العملات المشفَّرة بأسماء أخرى، إذ هرب مكافي من السلطات الأمريكية سنوات، قضى بعضها في يخت ضخم، وبينما واجه اتهامًا في ولاية تنيسي بالتهرُّب الضريبي، وُجهت إليه أيضًا تُهمة الاحتيال، في مجال العملات المشفَّرة في نيويورك.
كما اتُّهم بإخفاء أصول ممتلكاته، بما في ذلك يخت وبعض الممتلكات العقارية، التي كُتبت بأسماء آخرين أيضًا.
وقد سمحت المحكمة الوطنية الإسبانية، بتسليمه إلى الولايات المتحدة صباح الأربعاء 23 يونيو، لمواجهة هذه التُهم.
وعمل مكافي في وكالة ناسا، وشركتي زيروكس ولوكهيد مارتن، قبل أن يطلق أول برنامج تجاري لمكافحة فيروسات الكمبيوتر في العالم، عام 1987، ويبيع شركته للبرمجيات لشركة إنتل، عام 2011، ولا يزال البرنامج يحمل اسمه، وله 500 مليون مستخدم في العالم.
مؤامرة
ادّعى مكافي مرارًا وتكرارًا -خلال السنوات الأخيرة- أن هناك مؤامرة لإلقاء القبض عليه، لكن المحكمة قالت إنه "لا يوجد دليل قاطع" على أنه يُحاكَم لأسباب سياسية أو أيديولوجية، حسبما ذكرت صحيفة الباييس الإسبانية.
وكان مكافي قد جادل، في جلسة استماع، في وقت سابق من هذا الشهر، بأن التُهم الموجهة إليه ذات دوافع سياسية، وأنه سيقضي بقية حياته في السجن، إذا أُعيد إلى الولايات المتحدة.
لكن نيشاي سنان، محامي مكافي، قال إنه كان ينوي مواجهة جميع التُهم الموجَّهة إليه.
وقال سنان لـ"رويترز" بعد إعلان وفاة موكله: "هذه مرة أخرى تحاول الحكومة الأمريكية محو جون مكافي، كان هذا الرجل مقاتلاً، وفي أذهان كل مَنْ عرفه، سيكون دائمًا مقاتلاً".
من هو مكافي؟
برز رجل الأعمال جون مكافي، الذي وُلد في جلوسيسترشاير بإنجلترا، لأول مرة في الثمانينيات، عندما أسس شركته للتكنولوجيا وأطلق عليها: McAfee VirusScan.
ورغم أنه رائد في مجال أمن الكمبيوتر، فقد اعترف ذات مرة لإذاعة بي بي سي، بأنه لم يستخدم البرنامج على أجهزة الكمبيوتر الخاصة به، أو أي برنامج مكافحة فيروسات في هذا الشأن.
وقال: "أحمي نفسي من خلال تغيير عنوان IP (بروتوكول الإنترنت) الخاص بي باستمرار، من خلال عدم إرفاق اسمي بأي جهاز أستخدمه، وعدم الانتقال إلى المواقع، التي قد تلتقط فيها فيروسًا".
عداوته للضرائب
عام 2019، أعرب مكافي عن ازدرائه للضرائب، وغرَّد أنه لم يقدِّم إقرارات ضريبية، ثماني سنوات، لأن "الضرائب غير قانونية".
وفي العام نفسه، احتُجز فترة وجيزة في جمهورية الدومينيكان، بزعم جلب أسلحة إلى البلاد.
وتصفه "بي بي سي"، بأنه لم يكن متوافقًا مع طبائع وصفات رجل الأعمال التكنولوجي، فلقد كان متهوّرًا ولم يبتعد عن عالم الفضائح.
وتضيف الإذاعة البريطانية: "لقد كان ناجحًا للغاية، واكتسب أموالاً بالملايين، بفضل مشاركته في إنشاء صناعة برمجيات لأمن الكمبيوتر، وقد كان صاحب رؤية، لكنه كان أيضًا صاحب مزاج متقلِّب، وربما هذا هو السبب الذي أوقعه في المتاعب طوال حياته".
ومما لاشك فيه، أن مكافي سيظل يُذكر بحق، بوصفه شخصية مهمة في تطوير المشهد التكنولوجي، في الثمانينيات والتسعينيات، لكنه سيُذكر أيضًا باعتباره شخصية مثيرة للجدل، بدا في بعض الأحيان عازمًا على الاستمرار في طريق يعرف جيدًا أنه سيوقعه في المزيد من المتاعب، ولذلك كانت النهاية صاخبة، بانتحاره داخل زنزانة أحد السجون.