وول ستريت جورنال: ماكرون يضغط على المساجد لصالح علمانية فرنسا
في فرنسا، أصبحت مسألة تأثير الإسلام في المجتمع، القضية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية المقرَّرة العام المقبل، وفي بعض الأحيان تشير حكومة ماكرون إلى مساعيها لتنظيم المساجد، بوصفها إشارة إلى قدرتها على مواجهة مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني المناهض للهجرة ومنافسته الرئيسية، بشأن هذه القضية

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة وول ستريت الأمريكية، الضوء على مخططات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإعادة رسم الخط الفاصل بين الدين والدولة، في معركة لإجبار المنظمات الإسلامية على تقبُّل العلمانية الفرنسية.
ويبدو أن بداية الضغوط، التي يتبعها ماكرون لذلك، كانت من المساجد، إذ إن إدارة ماكرون -حسب الصحيفة- أطاحت خلال الأشهر الأخيرة قيادة أحد المساجد، بعد أن أغلقته مؤقتًا وتحفظَّت على موارده المالية.
بينما تخلّى مسجد آخر عن الملايين من الإعانات التي يحصل عليها، بعد أن ضغطت الحكومة على المسؤولين المحليين، بشأن متابعة التمويل ومراقبته.
كما واجهت عشرات المساجد الأخرى، أوامر بالإغلاق مؤقتًا، بدعوى انتهاك قواعد السلامة أو الخوف من الحرائق.
واتخذت الحكومة الفرنسية هذه الإجراءات، بوصفها مقدِّمة لقرارات أوسع بكثير، لكبح استقلال المساجد والمنظمات الدينية الأخرى، في جميع أنحاء فرنسا، إذ قدَّم ماكرون مشروع قانون إلى البرلمان، يسمى قانون "تعزيز احترام مبادئ الجمهورية"، الذي من شأنه مساعدة الحكومة في التمكُّن من إغلاق دور العبادة بشكل دائم وحل المنظمات الدينية، من دون أمر المحكمة، إذا وجدت أن أيًا من أعضائها يحرِّض على العنف أو الكراهية.
وإضافة إلى ذلك، سيسمح مشروع القانون، بإغلاق مؤقت لأي جماعة دينية، تنشر أفكارًا تحرِّض على الكراهية أو العنف.
بينما يتعيَّـن على المنظمات الدينية، الحصول على تصاريح حكومية كل خمس سنوات لمواصلة العمل، وتصديق حساباتها سنويًا إذا تلقت تمويلًا أجنبيًا.
تمرير القانون
ومن المقرَّر أن يُناقش مشروع القانون الأسبوع المقبل في الجمعية الوطنية -البرلمان الفرنسي- إذ من المتوقَّع أن توافق عليه الأغلبية -من مؤيدي ماكرون- بحلول نهاية العام.
ورغم أن القانون سينطبق على جميع دور العبادة، بما في ذلك الكنائس والمعابد اليهودية، لكن إجراءات الحكومة تستهدف المساجد والمنظمات الإسلامية بشكل خاص.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن زعماء دينيين قولهم: إن حملة الحكومة تجاوزت الفصل بين الدين والدولة، بموجب قانون عام 1905 التاريخي، الذي يفصل بين الدولة والكنيسة، من خلال منع الجماعات الدينية من تلقي مساعدة الدولة، مع استثناءات قليلة، واستبعاد رجال الدين من المناصب الحكومية، كما جمَّد حرية ممارسة الدين في حدود "النظام العام".
ويقول شمس الدين حافظ، عميد المسجد الكبير بالعاصمة باريس: "إننا نعطي الكثير من سُلطة إدارة المساجد للمسؤولين الحكوميين"، بينما قال الكاردينال بيترو بارولين، المسؤول الثاني في الفاتيكان للتلفزيون الفرنسي، إن التشريع "يهدِّد التوازن الذي تم التوافق عليه، عبر القرن الماضي".
ولتبرير مواقفه، يقول ماكرون إن قراراته تأتي دفاعًا عن فرنسا ضد ما يسميها "الانفصالية الإسلامية"، حسب قوله، التي يصفها بأنها مشروع سياسي وديني لخلق مجتمع موازٍ تكون فيه القوانين الدينية لها الأسبقية على المدنية.
وتابع، أن أتباع "الانفصالية الإسلامية" يستخدمون الترهيب والعنف، للضغط على المعلمين والعاملين الصحيين وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية، للانحراف عن قيم الجمهورية الفرنسية، ما أدى إلى سنوات من الهجمات داخل الأراضي الفرنسية.
واستطرد مبررًا ضغطه على المنظمات الإسلامية: "الإرهابيون الذين يرتكبون هذه الأعمال، يفعلون ذلك باسم هذه الأيديولوجية.. لقد رأينا أن هناك استمرارية بين هذه الظاهرة والأصولية التي هي أقل سلمية، التي تضفي الشرعية على الانفصال عن مبادئ الجمهورية الفرنسية العلمانية".
ميثاق مبادئ
وتضغط الحكومة الفرنسية على مسؤولي المساجد لتوقيع "ميثاق مبادئ" يشهد على امتثالهم للقيم الجمهورية الفرنسية العلمانية، إلا أن بعض هؤلاء القادة تردَّدوا في التوقيع، قائلين إن الوثيقة تحدِّد نطاق الممارسة الدينية بشكل ضيق للغاية، ما يجعل منظماتهم مستهدفة من الحكومة.
ويقول المسؤولون الفرنسيون، إنهم يحتفظون بمراقبة المساجد، وفقًا لميثاق كتبه قادة مسلمون بارزون، بناءً على طلب ماكرون.
ومع ذلك، قال المشاركون في عملية الصياغة، إن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، لعب دورًا محوريًا في تشكيل الميثاق، والإشراف على مجموعة صغيرة من القادة المسلمين، الذين استعان بهم لكتابته، ومنع أي تغييرات من القادة الآخرين المعارضين للميثاق.
وقال متحدِّث باسم دارمانين، إنه التقى زعماء مسلمين، للمساعدة في تسهيل المناقشات.
من جانبه، قال محمد موسوي، رئيس المجلس الفرنسي للعقيدة الإسلامية، إن محاربة التطرف، تمثِّل أولوية للزعماء المسلمين، لكنه يشكك في أن المساجد تعمل على نشرها كما يتردَّد، مضيفاً: "التطرف يحدث بشكل أساسي، في الفضاء الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، وليس في أماكن العبادة".
مواجهة فرنسا للتطرف
"وول ستريت جورنال" قالت إن فرنسا ذهبت إلى أبعد من أي دولة غربية أخرى، في ما يخص مواجهة التيارات المتطرفة، فبينما وقّعت السُّلطات المحلية في بعض الولايات الألمانية اتفاقيات مع الجماعات الإسلامية، ترفض فيها العنف والتمييز، حظرت النمسا التمويل الأجنبي لأماكن العبادة.
ففي فرنسا، أصبحت مسألة تأثير الإسلام في المجتمع، القضية الحاسمة في الانتخابات الرئاسية المقرَّرة العام المقبل، وفي بعض الأحيان تشير حكومة ماكرون إلى مساعيها لتنظيم المساجد، بوصفها إشارة إلى قدرتها على مواجهة مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني المناهض للهجرة ومنافسته الرئيسية، بشأن هذه القضية.
حاولت لوبان تصوير ماكرون على أنه ليّن مع "الإسلام السياسي"، وخلال مناظرة أخيرة مع وزير الداخلية دارمانين، انتقدت لوبان مشروع قانون ماكرون، باعتباره هجومًا على الحرية الدينية، ويطمس الخطوط الفاصلة بين الإسلام والحركة الإسلامية، وقالت إن "الإسلاموية أيديولوجية شمولية، ويمكننا بالتأكيد فصلها عن الدين".
ويواجه حزب ماكرون، جولة الإعادة في الانتخابات الإقليمية، بعد تخلفه كثيرًا عن المرشحين المحافظين والتجمع الوطني، في الجولة الأولى من التصويت، التي شهدت مستوى مرتفعًا من الامتناع عن التصويت.
الإسلاموفوبيا
عرجت "وول ستريت جورنال" على انتشار مصطلح الإسلاموفوبيا في المجتمع الغربي، خصوصًا فرنسا، ونقلت عن فرنسي مسلم يدعى محمد حنيش، يصلي في أحد مساجد ضاحية بانتين، التي تسكنها الطبقة العاملة في باريس، قوله إنه "كان في منزله في أكتوبر الماضي عندما أرسل له متطوع مقطع فيديو عبر (واتساب)، أظهر رجلاً يهاجم معلمة ابنته في المدرسة الإعدادية، لعرضها رسوماً كاريكاتترية بذيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في الفصل"، وقال الرجل الذي ظهر في الفيديو إن "المدرس أمر الطلاب المسلمين بمغادرة الفصل، قبل عرض الرسوم المتحركة"، وهو ادعاء قرَّر المدعون العامون الفرنسيون في ما بعد، أنه غير صحيح.
حنيش يضيف أن هذا الأمر حسّاس جدًا بالنسبة إلى المسلمين، بعد مشاركة الفيديو على صفحات "فيسبوك"، وظهر تعليق من شخص لم تحدِّده الشرطة على صفحة المسجد الخاصة بـ "فيسبوك"، يحدِّد المعلم ويعطي عنوان مدرسته، وبعد أسبوع قُطع رأس المعلم، صموئيل باتي، وهو في طريقه إلى المنزل.
اشتبهت الشرطة في أن صفحة "فيسبوك" الخاصة بالمسجد، قادت المهاجم إلى باتي، وأطلقت الشرطة النار على المهاجم من أصل شيشاني، البالغ من العمر 18 عاماً وقتلته.
وأغلقت الحكومة مسجد بانتين مؤقتًا، متذرِّعةً بقانون تم تمريره في أعقاب الهجمات الإرهابية عام 2015 التي تضمنت مذبحة شارلي إبدو، المجلة الفرنسية الساخرة، وهجمات منسقة شنَّها مسلحو تنظيم داعش، أسفرت عن مقتل 130 شخصًا في جميع أنحاء باريس، يخوِّل القانون للحكومة إغلاق مسجد ستة أشهر، لمواجهة أعمال الإرهاب.
وتعلِّق فاطمة ليازامي، وهي من السكان المحليين تبلغ من العمر 68 عامًا، التي غالبًا ما تصلي في مسجد بانتين: "جاءت الأخبار كالقنبلة".
اعتداء على الجمهورية الفرنسية
بالنسبة إلى ماكرون، كان قطع رأس المعلم بمنزلة اعتداء على كل ما تمثِّله الجمهورية الفرنسية، حتى إنه في حفل تكريم باتي أمام جامعة السوربون، التي يعود تاريخها للقرن السابع عشر، اعتبر ماكرون المعلم المقتول رمزًا لقيم التنوير في فرنسا والقتال ضد المتطرفين. وقال: "لن نتخلى عن الرسوم الكاريكاتيرية والرسومات، حتى لو تراجع الآخرون".
في نوفمبر 2020، التقى ماكرون داخل قصر الإليزيه قادة الحزب المسيحي الفرنسي، وعدداً من قيادات تمثّل السكان المسلمين في فرنسا، ومنهم من مثَّل الجاليات الجزائرية والمغربية، وهما مستعمرتان سابقتان، تربطهما علاقات وثيقة بباريس، فيما مثَّل آخرون مسلمين هاجروا مؤخرًا من تركيا، إذ كانت التوترات مع فرنسا في تصاعد حينها.
وقال ماكرون إنه يريد من الزعماء، كتابة ميثاق لطمأنة البلاد بأنهم -كممثلين للمسلمين الفرنسيين- يدعمون القيم العلمانية والجمهورية الفرنسية. وقال إنه يشعر بالقلق من تنامي انعدام الثقة بالمسلمين، في جميع أنحاء فرنسا.
وسعى إلى طمأنة المجموعة، بأن الحكومة لم تتجاوز حدودها. قال: "اسمع، نحن لسنا هنا لنخبرك من هو المسلم المتدين ومن ليس مسلمًا".
واختار ماكرون، وزير داخليته دارمانين، لتنسيق المفاوضات بين القادة المسلمين لصياغة الميثاق.
وقال محمد الموسوي، رئيس المجلس الإسلامي، إنهم ناقشوا مع دارمانين، بعض ما جاء في المسودة الأولية، إلا أنهم أجمعوا على رفض استخدام الإسلام لأغراض سياسية.
النشاط السياسي للمساجد
المناقشات بين القيادات الإسلامية في فرنسا، ووزير الداخلية شهدت جدلاً كبيراً عن دور المسجد سياسياً، فبينما رفض قادة المسجد الكبير في باريس -المموَّل من الجزائر- أي تدخل للمساجد في الشؤون السياسية للبلاد، أبدت مجموعة "ميلي غوروش"، التي تمثِّل الجالية التركية المسلمة في فرنسا، قلقها من أن يكون هذا الميثاق بمنزلة تكميم للمسلمين، الراغبين في المشاركة في أي نقاشات سياسية، داخل فرنسا أو في بلدهم الأصلي، كما أشار العديد من القادة المسلمين، إلى أن هناك بعض القضايا التي يرفضونها مثل حظر الدولة لارتداء الحجاب في العمل.
وعلى الفور استدعى دارمانين كلاً من موسوي رئيس اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا، ونائبيه حافظ وإبراهيم ألجي، وقال حافظ: إن المجموعة أمضت ساعات في مكتب وزير الداخلية تعمل على مسودة جديدة.
واستذكر حافظ رد وزير الداخلية بقوله: "لن نغير فاصلة في هذا النص"، إلا أن المتحدِّث باسم دارمانين رفض التعليق على استنكار حافظ.
وتطلب النسخة الجديدة، التي تحمل عنوان "ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي"، من الموقِّعين رفض جميع أشكال "الإسلام السياسي". وعرفت تلك بأنها حركات مثل السلفية -وهي مدرسة للإسلام السُّني تعلِّم تفسيرًا صارمًا للشريعة- وكذلك الأيديولوجيات المرتبطة بالمنظمات الوطنية والمتعدِّدة الجنسيات، مثل جماعة الإخوان المسلمين.
ووصف النص أي محاولة من المسلمين لاتهام الدولة بالعنصرية أو ادعاء الضحية، بأنه تشهير. ورفضت أي استخدام للمساجد من أجل "نشر خطابات قومية تدافع عن الأنظمة الأجنبية، وتدعم السياسات الخارجية المعادية لفرنسا ومواطنيها الفرنسيين".
وقالت إن أي جماعة تنتهك الميثاق ستواجه طردًا من "جميع الهيئات التمثيلية للإسلام في فرنسا".
وفي اليوم التالي، عرض موسوي المسودة الجديدة على قادة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وأبلغهم بأن عليهم قبولها أو رفضها.
وقال فاتح ساريكير، رئيس الفرع الفرنسي لمجموعة ميلي غوروش Millî Görüş: "كان هناك عدم فهم وذهول تام"، واعترض على نقاط عدة، أبرزها تعريف الإسلام السياسي إلى رفض التمييز على أساس التوجه الجنسي. وبالفِعل أصدرت مجموعة ميلي غوروش التركية ومجموعتان أخريان لاحقًا دحضًا للميثاق نقطة تلو الأخرى، بما في ذلك القول إن التعاليم الإسلامية تعتبر المثلية الجنسية خطيئة.
لكن عندما اتصل موسوي بمكتب ماكرون في ذلك المساء، أخبره مساعد رئاسي بأن الرئيس الفرنسي يريد تنظيم حفل توقيع في اليوم التالي بحضور جميع القادة، فرد عليه الموسوي بالقول: إن البعض ليسوا مستعدين للتوقيع،
لكن في 18 يناير 2021، مضى الحفل من دون ساريكير وقادة مجموعتين أخريين.
وقال مستشار مقرَّب من ماكرون: إن القادة الذين رفضوا التوقيع عرَّضوا مجموعاتهم "لشكوك في ارتباطهم بالجمهورية".
وقال المساعد: "لذلك سنكون منتبهين جدًا جدًا لعملياتهم، من حيث المراقبة وتحليل الخطب ومصادر التمويل".
ميلي غوروش
في مارس 2021، صوَّت مجلس مدينة ستراسبورغ على تخصيص 2.5 مليون يورو (3 ملايين دولار) لمساعدة Mill Görüş في إنهاء بناء مسجد ضخم شرقي فرنسا، بالقرب من الحدود الألمانية. كانت المجموعة قد أمضت سنوات في جمع الأموال للمشروع الذي تبلغ قيمته 32 مليون يورو.
كان المشروع مؤهلاً للحصول على إعانات، لأن ستراسبورغ تقع في منطقة الألزاس موسيل، وهي منطقة حدودية كانت تحت الحكم البروسي عام 1905 عندما اعتمدت فرنسا قانونها الخاص بالعلمانية. لا يزال اتفاق نابليون بونابرت والفاتيكان، الذي تم التوصل إليه عام 1801 ساري المفعول هناك، ما يسمح لستراسبورغ بدعم الجماعات الدينية.
بعد تصويت مجلس المدينة، نشر دارمانين رسالة على "تويتر" اتهم فيها عمدة ستراسبورغ جين برسيغيان، بتمويل مسجد تدعمه مجموعة "ترفض توقيع ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا، الذي يدافع عن الإسلام السياسي".
وقال لاحقًا للإذاعة الفرنسية: "الهدف من الوثيقة هو جعلها سببًا لعدم استطاعة أعداء الجمهورية -أولئك الذين يعارضون قيم الجمهورية- الاستمرار في العيش في فرنسا".
أثارت التعليقات عاصفة نارية. وطلبت بارسغيان تفاصيل أمنية بعد تلقيها تهديدات. وأظهر أحد الاستطلاعات أن 78% من المشاركين في جميع أنحاء فرنسا يؤيدون إلغاء اتفاقية عام 1801 في الألزاس-موسيل.
وزاد ماكرون هجومه على هذه الجمعيات الإسلامية، وقال خلال قمة بروكسل: "عندما تكون لديك جمعيات تعترف بأنها غير قادرة على الالتزام بقيم الجمهورية، فهذه مشكلة"، مضيفًا أن بعض السُّلطات المحلية ربما تكون متسامحة للغاية.
وردًا على ذلك، قالت بارسغيان إن الحكومة الفرنسية لم تعطها أي تحذير، قبل تصويت مجلس المدينة، من أن ملي غوروش يمثِّل تهديدًا للقيم الجمهورية. وقالت إن موافقتها النهائية على الدعم ستعتمد على تقديم Millî Görüş تقريرًا شفافًا لكيفية تمويلها لبقية المشروع. كما طالبت المجموعة بضرورة التصديق على ميثاق المبادئ.. وإثر ذلك سحب Millî Görüş طلبه للحصول على الدعم، وعلَّق ساريكير على ذلك قائلاً: "لقد أصبحنا مصدر توتر، وهو أمر لم نرغب فيه".
إغلاق مسجد
على بُعد 300 ميل في باريس، جاء أمر الحكومة بإغلاق مسجد بانتين، الذي بُني على أنقاض صالة للألعاب الرياضية تملكها المدينة، لكن لم يتم توجيه الاتهام إلى أي شخص في المسجد، في ما يتعلق بقطع رأس المعلم، لكن السُّلطات الفرنسية استخدمت الإغلاق، للضغط على المسجد لإجراء تغييرات عميقة في ما يقدم من خُطب للجمهور.
وأصرت الحكومة على استبعاد إمام المسجد، الذي اتهمته بأن خُطبه كانت وراء الميول المتطرفة لقاتل المعلم، وبالفِعل امتثل رئيس المسجد واستبدل بالإمام شخصاً آخر يمارس شكلاً أكثر اعتدالاً للإسلام. كما وافق على إشراف حكومي أوسع على صفحة فيسبوك الخاصة بالمسجد.
لكن رئيس المسجد رفض في النهاية تقديم استقالته، فما كان إلا أن بعثت إليه الحكومة برسالة تسحب فيها رخصة نشاط جمعيته، وهدَّدت بإلغاء عقد إيجار للأرض التي بُني عليها المسجد، وبعد استقالة رئيس المسجد سُمح للمسجد بإعادة افتتاحه في أبريل 2021 بعد أن أدرج قادته الجدد ميثاق المبادئ في النظام الأساسي للمسجد.