إرث الألغام في ليبيا... المرتزقة يشكلون عقبة في عملية السلام

أصبحت منطقة جنوب طرابلس، محفوفة بخطر الموت، بعدما خلَّف مرتزقة أجانب متفجرات وألغاماً أودت بحياة العشرات، ممن حاولوا العودة إلى منازلهم.

إرث الألغام في ليبيا... المرتزقة يشكلون عقبة في عملية السلام

السياق

أثار مقتل الليبي صديق الفرجاني، في انفجار لغم خلَّفه مقاتلون أجانب في منزله بجنوب العاصمة الليبية طرابلس، الجدل بشأن وجود القوات الأجنبية في ليبيا "المرتزقة"، وضرورة إخراجهم من البلاد.

"صديق" البالغ من العمر 39 عاماً لقي حتفه، عندما كان يلتقط صوراً بهاتفه المحمول، للأضرار التي لحقت بمنزله، نتيجة القتال الذي اندلع الصيف الماضي، قبل أن يتعثَّـر في سلك.

 

احذروا الألغام

أصبحت منطقة "جنوب طرابلس"، محفوفة بخطر الموت، بعدما خلَّف "مرتزقة أجانب" متفجرات وألغاماً أودت بحياة العشرات، ممن حاولوا العودة إلى منازلهم.

وأُخفيت الألغام الأرضية في المنازل والشوارع، داخل أغراض لا تثير الريبة مثل ألعاب الأطفال والأجهزة المنزلية، لعدم لفت الانتباه لوجودها.

وكتب على جدران شوارع الحي، الذي كان يقطنه "صديق"، عبارة "احذروا الألغام" بالطلاء الأحمر.

 

اتفاق على إخراج المرتزقة

 

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في تصريحات صحفية، إن القوى الدولية أحرزت تقدُّما في محادثات برلين، في ما يتعلَّق بإخراج المقاتلين الأجانب من البلاد.

 لكن البيان الختامي، الصادر عن المؤتمر الذي تدعمه الأمم المتحدة، لم يحدِّد أي إجراءات جديدة ملموسة.

واستهدف اجتماع برلين، إحراز تقدُّم في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الأخرى من ليبيا، بعد أشهر من دعوة وقف إطلاق النار إلى انسحابهم، وكذلك بخصوص بحث الخطوات ذات الصلة بتأمين الانتخابات المقرَّرة في ديسمبر المقبل.

ونقلت "رويترز" عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله إن تركيا وروسيا، توصلتا إلى تفاهم مبدئي، للعمل على سحب 300 من المرتزقة السوريين من ليبيا.

وفي كلمة أمام اجتماع برلين، دعا رئيس وزراء ليبيا الانتقالي عبدالحميد الدبيبة، البرلمان الليبي، إلى إقرار قانون للانتخابات، بما يسمح بإجراء انتخابات ديسمبر وإقرار ميزانية.

 

الانكشاريون الجدد

رغم أن ليبيا أحرزت تقدُّماً سريعاً، في معالجة الأزمة التي هدَّدت بالتصعيد إلى صراع إقليمي واسع النطاق، لا تزال هناك مخاطر كبيرة، مع استمرار عدد كبير من الجماعات المسلحة، في بسط نفوذها على الأرض.

وحظيت حكومة فايز السراج السابقة، بدعم من القوات التركية في ليبيا كمستشارين، ومن مرتزقة سوريين جلبتهم تركيا من سوريا إلى ليبيا.

إلى ذلك قال المحلل السياسي الليبي، حمد المالكي، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دفع بهؤلاء المرتزقة السوريين إلى ليبيا، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، تخدم مصالح نظامه، خاصة أنهم كانوا يثقلون كاهل الخزينة التركية، بعد انتهاء مهمتهم في سوريا.

وأضاف المالكي في تصريح لـ"السياق"، أن أردوغان كان يسعى لتحويل هؤلاء المرتزقة إلى قوات "انكشارية" جديدة، كما كان يفعل سلاطين العثمانيين القدامى.

وأكد المحلل السياسي الليبي، أن مطامع أردوغان في ليبيا، مازالت مستمرة باعتبارها منطلقاً لمشروعه، الهادف إلى سرقة خيرات منطقة شمال إفريقيا.

الجيد بالذكر أن مؤتمر برلين، دعا إلى التقدُّم في المسار السياسي في ليبيا، وإجراء انتخابات عامة في ديسمبر المقبل، وانسحاب المقاتلين الأجانب.

لكن عملية السلام تواجه العديد من التحديات، التي قد تؤدي بها إلى الانهيار ويتجدَّد على أثرها القتال، ولا تزال جماعات مسلحة، تحتفظ بالسلطة والنفوذ على الأرض.

ومنذ سقوط نظام القذافي عام 2011، لم تشهد ليبيا أي حالة من الاستقرار، لكن عملية سلام تقودها الأمم المتحدة، أدت إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار الصيف الماضي، بعد توقُّف القتال بين الفصائل المتناحرة، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية.