في خضم أزمة تعصف بلبنان.. السياحة الداخلية تزدهر في البترون
عبر شوارع البترون، تتجول حشود من الوافدين إلى المدينة لزيارة المواقع الأثرية فيها، بينما يستلقي آخرون على الشواطئ للاستمتاع بأشعة الشمس.

ترجمات - السياق
في وقت تكافح الشركات عبر مختلف أرجاء لبنان، للبقاء على قيد الحياة والنجاة من موجة انحسار اقتصادي كبرى، تشهد مدينة البترون الساحلية ازدهاراً، كوِجهة سياحية للبنانيين، الذين اضطرتهم الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا إلى التخلي عن خُططهم لقضاء العطلة الصيفية.
وعبر شوارع البترون، تتجول حشود من الوافدين إلى المدينة لزيارة المواقع الأثرية فيها، بينما يستلقي آخرون على الشواطئ للاستمتاع بأشعة الشمس، ويقضي الكثيرون الليل في الخروج والسهر، رغم الجائحة والأزمة الاقتصادية، التي وصفها البنك الدولي بأنها من أعمق موجات الكساد، في التاريخ الحديث.
من جهتها، علَّقت ماجي المحواس، 54 عاماً، مالكة أحد المطاعم، على إقبال السياحة الداخلية على البترون بقولها: "لم يعد باستطاعة اللبنانيين السفر للخارج للسياحة، لذلك وجدوا أن هذه المدينة تحتضنهم، هم وأطفالهم، وتعاملهم كأبنائها، وذلك سِر الإقبال الكبير عليها".
وأشارت المحواس، إلى أن أعداداً أكبر من العقارات، يجري استئجارها أو شراؤها، ومزيداً من الشركات تستثمر في البترون، في تناقض صارخ مع حالة النزوح الجماعي من العاصمة، التي تبعد عن البترون ما يزيد قليلاً على ساعة واحدة.
كانت الأزمة المالية، التي تعصف بلبنان، قد تسبَّبت في اختفاء وظائف، ودفع أكثر من نصف سكان البلاد إلى هوة الفقر، في الوقت الذي تراجعت قيمة العملة المحلية بـ 90%.
يأتي ذلك، في وقت لا تزال بيروت تتعافى من تداعيات حادث انفجار المرفأ الذي وقع العام الماضي، وأسفر عن مقتل المئات وإصابة الآلاف، وتدمير أجزاء كبيرة من العاصمة.
على الجانب الآخر داخل البترون، يصطحب جون بشارة، الذي يعمل لدى مجلس المدينة مرشداً سياحياً، الزائرين عبر جولات في الكنائس القديمة والسور الفينيقي ومعالم المدينة الأخرى.
وقال بشارة، 54 عاماً: "عشقي للبترون دفعني لإمعان النظر في كل حجر وكل زاوية وكل شخص ألتقيه في الشار،ع لأتعرف إلى تاريخ المدينة، وبذلك يزداد ارتباطي بها يوماً بعد يوم".
وخلال عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الصيفية، تعج شوارع المدينة وشواطئها ومطاعمها ومقاهيها وحاناتها بالحياة.
وعن ذلك، أوضح مارسيلينو الحرك، رئيس بلدية البترون، أن: "هذا المناخ العام لم يكن بين عشية وضحاها، إننا ندرك أن مدينتنا أثرية بامتياز، وما تراه اليوم نتاج عمل استمر 22 عاماً".
وتشهد البترون تزايداً لافتاً في أعداد الشركات الصغيرة والعلامات التجارية الشهيرة، خاصة بقطاعات الضيافة والطعام والمشروبات. جدير بالذكر أن لبنان قلَّصت في الفترة الأخيرة القيود المفروضة لمواجهة جائحة كورونا، في الوقت الذي تسجِّل عدداً ضئيلاً من الإصابات اليومية.
ورغم سعادة سكان البترون بالإقبال الكبير على مدينتهم، دق البعض ناقوس الخطر، بخصوص الحشود المتنامية المتدفقة على المدينة.
من هؤلاء إلياس لوقا، 67 عاماً، شيف متقاعد، الذي قال أثناء سيره في الضاحية التي يسكنها، في طريقه لصيد السمك: "إننا نحب الناس والتجمعات، ودائماً ما تميَّـز أهل البترون بكرم الضيافة، لكن المشكلة في حركة المرور، فهناك الكثير من المشكلات بسبب وقوف السيارات".
ومع ذلك، فإن المحواس، التي وصفت البترون بأنها "أكسجين" الحياة لها، لا ترى في حشود الوافدين على المدينة، سوى قيمة إيجابية مضافة، مستشهدة ذلك بمقولة عربية شهيرة: "الجنة من دون ناس ما تنداس".
وأضافت: "من حسن الحظ أن مدينتنا تزدهر في ظِل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، لذلك، لا نشعر بأعباء اقتصادية ومالية كالآخرين".