سوق الهدايا التذكارية في مصر يعلِّق آماله على انتعاش السياحة

تحت عنوان صُنع في مصر، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة جديدة تهدف لجذب العمال المهرة، لصناعة أعمال فنية تليق بتاريخ مصر، وغير مقلَّدة ولا منقولة من دول أخرى، خصوصًا الصين، وذلك أحد أنواع التسويق الذكي.

سوق الهدايا التذكارية في مصر يعلِّق آماله على انتعاش السياحة

السياق

"الأهرامات وأقنعة توت عنخ آمون وتماثيل نِصفية من نفرتيتي"، بعض الصور التي يعلِّقها صانعو الهدايا التذكارية في مصر، بعدما بدأ يدب في قلوبهم بعض الأمل، لإنقاذ تجارتهم الراكدة منذ أشهر، بسبب تفشي كورونا عالميًا.

ففي ظل أهرامات الجيزة الرائعة، يصنع عيد يسري تماثيل فرعونية من البوليستر في ورشة متواضعة، على سطح منزل عائلته، ويقول لـ "فرانس برس": "فقدنا ما يقرب من 70 في المئة من أعمالنا"، معرباً عن أسفه لتراجع أعداد السياح، عن زيارة إحدى عجائب الدنيا السبع، في العالم القديم.

ويتابع: "قبل الوباء كان لدينا نحو 15 عاملاً، مقارنة بخمسة اليوم.. وحتى هؤلاء الذين تبقوا لا يعملون بدوام كامل"، مشيرًا إلى أنه يبيع منتجاته مقابل من 20 جنيهًا مصريًا للقطعة الواحدة (نحو 1.30 دولار) إلى 200 جنيه مصري.

 

توقف العمل

 

المئات من أصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين، أُجبروا على إيقاف الكثير من أنشطتهم، بسبب إلغاء العديد من الرحلات الجوية، فضلاً عن القيود المفروضة على الحركة، في جميع أنحاء العالم بسبب كورونا، بحسب الوكالة.

ويأمل يسري أن يعود السياح الأجانب إلى مصر خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري، "خاصة الأمريكيين"، كمحاولة للم شتات الموسم السياحي الذي عانى الكثير بسبب كورونا، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة سياحية أمريكية مقرَّر أن تزور مصر في سبتمبر المقبل.

كان 2019، آخر الأعوام التي شهدت اكتمال الموسم السياحي، قبل تفشي كورونا، حيث شكَّلت السياحة فيه نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.

وبعد فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي أثَّرت في الأرباح، وصلت عائدات القطاع إلى 13 مليار دولار في ذلك العام.

لكن 2020، وهو العام الذي كانت فيه مصر تتطلَّع في البداية إلى انتعاش إضافي للسياحة يصل إلى 16 مليار دولار، انهارت العوائد فيه إلى 4 مليارات دولار فقط.

إلا أن وزير السياحة خالد العناني، رحب في مقابلة مع وكالة فرانس برس مؤخراً، بالتعافي الجزئي في أعداد الزوار إلى مصر.

وتقول تقارير، إنه في الغالب ما يزور مصر نحو 500 ألف سائح شهريًا منذ أبريل الماضي، أي أكثر من ضِعف العدد الذي زار مصر في يناير الماضي، وأعلى مما كان عام 2020، حيث بلغ الزوار 200 ألف سائح شهريًا.

 

التسويق الذكي

تحت عنوان (صُنع في مصر)، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة جديدة تهدف لجذب العمال المهرة، لصناعة أعمال فنية تليق بتاريخ مصر، وغير مقلَّدة ولا منقولة من دول أخرى، خصوصًا الصين، وذلك أحد أنواع (التسويق الذكي)، حسب مراقبين.

فعلى الجانب الآخر من العاصمة المصرية القاهرة، وداخل الأزقة الضيقة لمنطقة خان الخليلي، تبحث السائحة كارولين بوشر عن منتجات "محلية الصُّنع" لتعود بها إلى وطنها جمهورية الدومينيكان.

وقالت لوكالة فرانس برس: "نبحث عن هدايا تذكارية مصنوعة يدوياً وعالية الجودة تتعلَّق بالثقافة المحلية، إذ يجب أن نحصل على شيء ما يخلِّد هذه الرحلة للذكرى".

في سوق الهدايا التذكارية، الذي غمرته الواردات الصينية الرخيصة سنوات عدة، تسعى الحكومة إلى تلبية الطلب على المنتجات عالية الجودة، التي يبحث عنها السياح مثل بوشر.

في الضواحي الشرقية للقاهرة، يستعد مصنع جديد، لإعادة إنتاج الأثريات للافتتاح منذ مارس الماضي، للاستفادة من فترة ما بعد الوباء.

ينتج المصنع المسمى كنوز الأثاث والتماثيل واللوحات، التي تعود إلى أربع فترات من التراث المصري: (الفرعوني واليوناني الروماني والقبطي والإسلامي).

يدير المصنع الضخم، الذي تبلغ مساحته 10000 متر مربع (نحو 107.650 قدمًا مربعًا) هشام شعراوي، وهو لواء متقاعد، يشرف على نحو 150 عاملاً ورسامًا وصُناع خزانة ونحاتين ومصممين.

ويقول لوكالة فرانس برس: "افتتحنا متجراً للهدايا في المتحف الوطني للحضارة المصرية" في أبريل الماضي، كما سيتم افتتاح متاجر هدايا أخرى، في المتاحف والمواقع الأثرية في وقت لاحق.

وقال أحمد أبو الغير، الذي يعمل أيضًا ضمن مبادرة "صُنع في مصر": "عندما يعود السائحون، سنكون مستعدين".

 

المحافظة على التراث

عام 2015 ، حظرت وزارة الصناعة "استيراد السلع والمنتجات ذات الطابع الفني الشعبي" ، بما في ذلك "نماذج من الآثار المصرية القديمة" كإجراء وقائي لحماية صناعة الحرف المحلية من المنافسة الأجنبية الرخيصة، خصوصًا الصينية

يتم صب معظم العناصر المقلَّدة للمصنع في البوليستر أو الجبس أو المعدن. تعطي الآلات المتخصصة "اللمسة النهائية" للنسخ المقلَّدة قبل أن يتم طلاؤها يدويًا أو تغطيتها بورق الذهب.

لكن العناصر الأرخص، التي تم إنشاؤها في إطار المبادرة تخاطر أيضًا بمزاحمة الحرفيين المحليين، غير القادرين على الإنتاج، بمثل هذه الكميات الكبيرة.

وتتراوح العناصر التي يتم بيعها للسياح، بين تميمة صغيرة بـ 50 جنيهًا مصريًا وتمثال بطول ثلاثة أمتار، يعيد للعملاء آلاف الجنيهات.

الخبير السياحي إلهامي الزيات، يصف المبادرة الحكومية بـ "تمرين تسويقي ذكي"، لكنه حذَّر من إغراق السوق بالسلع المقلَّدة، مشيرًا إلى أنه "يجب ألا تنتج الكثير، وإلا ستفقد القيمة".