ضرب جسر القرم.. هل يدفع بوتين لإطلاق سيناريو «يوم القيامة»؟
حذر الكرملين في وقت سابق من أن أي هجوم على مضيق كيرتش سيكون خطًا أحمر وسيدفع روسيا إلى إطلاق صواريخ «يوم القيامة».

السياق
رغم دخول الحرب الأوكرانية شهرها التاسع إلا أنها لم تضع أوزارها بعد، فيما بدأت تضيق خيارات حلولها يومًا تلو الآخر، مع تعقدها بفعل الهجمات المضادة من كييف، وما باتت تشعر به روسيا من «إذلال» تتعرَّض له على يد الغرب.
آخر تلك الهجمات المضادة، كان تفجير جسر القرم الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، ويضم طريقًا بريًا ومسارًا للقطارات، مما أضر بطريق إمداد مهم للقوات الروسية في أوكرانيا.
إلا أن تدمير جزء من الجسر الذي يبلغ طوله 19 كيلومترا والذي افتتحه فلاديمير بوتين في العام 2018، لربط شبه جزيرة القرم بشبكة النقل الروسية، دفع محللين غربيين للاعتقاد أن الرئيس الروسي يستعد لتصعيد هجومه على أوكرانيا، بعد ما وصفوه بـ«الإذلال الأخير».
وحذر الكرملين في وقت سابق من أن أي هجوم على مضيق كيرتش سيكون خطًا أحمر وسيدفع روسيا إلى إطلاق صواريخ «يوم القيامة».
سيناريو يوم القيامة
وكانت وسائل إعلام قالت في وقت سابق، إن روسيا نقلت إلى أوكروانيا صواريخ آر إس-28 سارمات الملقبة بـ«يوم القيامة»، والقادرة –بحسب روسيا- على اجتياز أي منظومة دفاعية في العالم.
وتصف روسيا صاروخ آر إس-28 سارمات، بأنه النسخة البديلة لصاروخ «آر-36» الذي يطلق عليه حلف شمال الأطلسي لقب الشيطان، إلا أن الصاروخ تصل سرعته إلى 15 ألف ميل بالساعة ويصل طوله إلى 35.3 متر وقطره لـ3 أمتار.
هذه الإمكانية التي وصفت بـ«الخارقة» لصاروخ يوم القيامة، دفعت المحللين الغربيين لإبداء تخوفاتهم من استعماله من قبل روسيا، والذي سيؤدي بدوره إلى قلب الطاولة على أوكرانيا.
وفي يوليو/تموز الماضي، قال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إنه إذا هاجمت أوكرانيا جسر القرم، فإن روسيا ستطلق العنان لسيناريو «يوم القيامة»، فيما يأتي الانفجار في أعقاب تهديد نووي جديد من بوتين الشهر الماضي.
وفيما أسفر الانفجار الذي وقع على الجسر البالغ طوله 12 ميلًا قبل فجر يوم السبت عن مقتل ثلاثة أشخاص وقطع خط إمداد بالغ الأهمية للقوات الروسية التي تقاتل على الجبهة الجنوبية لأوكرانيا، قال الكرملين مساء السبت إنه سيعزز دفاعاته حول الجسر على الرغم من أن المسؤولين الروس قالوا إنهم يتوقعون ردًا عنيفًا.
إعلان حرب
وقال ألكسندر باشكين السناتور الروسي: «كان هذا إعلان حرب بلا قواعد»، مضيفًا أن رد الكرملين سيكون مناسبًا وواعيًا، وربما غير متماثل.
وبحسب صحيفة «التلجراف» البريطانية، فإنه وسط الفوضى أصدرت روسيا إعلانًا بتعيين سيرجي سوروفيكين، الجنرال المعروف بـ«وحشيته» في سوريا، كقائد جديد مسؤول عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وفيما قال محققون روس، إن الانفجار نجم عن انفجار شاحنة لكنهم لم يصلوا إلى حد اتهام القوات الأوكرانية، لم تعلن كييف مسؤوليتها عن الانفجار، لكن مستشارا لفولوديمير زيلينسكي قال إن هذه كانت «مجرد البداية (..) كل ما سُرق يجب أن يُعاد إلى أوكرانيا».
في غضون ذلك، أشارت دائرة الأمن الأوكرانية إلى أن «الجسر يحترق بشكل جميل»، بعد أن كشفت الخدمة البريدية الأوكرانية النقاب عن مجموعة جديدة من الطوابع للاحتفال بتدمير جسر القرم بعد فترة وجيزة من الانفجار.
ماذا بعد؟
قال محللون غربيون إن الرئيس الروسي سيصعد الآن هجومه على أوكرانيا مع تزايد خطر الحرب النووية، فيما قال الجنرال لورد ريتشارد دانات، الرئيس السابق للجيش البريطاني، إنه يتوقع المزيد من القصف العشوائي للأهداف المدنية الأوكرانية، وأن هناك أيضًا تهديدًا بأن بوتين «قد يصبح نوويًا».
وقال توبياس إلوود رئيس لجنة الدفاع المختارة، إن بوتين سيتعامل مع الهجوم المزعوم على الجسر بنفسه، مشيرًا إلى أنه من المرجح أن تتجدد الهجمات على البنية التحتية المدنية، بالإضافة إلى الإجراءات التي تسبب أقصى قدر من الضرر الاقتصادي والانقسام في جميع أنحاء الغرب، مشيرًا إلى أن خطر الأسلحة النووية الآن زاد كثيرًا.
وأعيد فتح الجسر جزئيا أمام حركة المرور مساء السبت لكن لقطات فيديو أظهرت أضرارا جسيمة. وانهار جزء من جسر الطريق في البحر ودمر حريق جزءًا من السكة الحديد الذي يمر بجانبه، فيما أظهر شريط فيديو صهاريج النفط وهي تُنقل بالسكك الحديدية وتنفجر وتتصاعد منها دخان أسود كثيف.
كان جسر القرم عبر مضيق كيرتش مشروعًا محببًا للزعيم الروسي؛ فعندما افتتحه في عام 2018، كان من المفترض أن يشير الجسر إلى الارتباط غير القابل للكسر لشبه جزيرة القرم، التي ضمها من أوكرانيا في عام 2014 إلى روسيا.
وبالإضافة إلى كونه ذا قيمة رمزية رئيسة، يشكل الجسر الطريق الوحيد المباشر وخط السكك الحديدية بين شبه جزيرة القرم وروسيا، وأصبح خط إمداد حيوي للقوات الروسية التي تحاول صد تقدم القوات الأوكرانية حول خيرسون.
وتقول التلجراف، إنه سيتعين الآن نقل الإمدادات إلى القوات الروسية التي تقاتل على الجبهة الجنوبية عبر منطقة دونباس وأجزاء أخرى من أوكرانيا، وهو طريق أكثر خطورة وأطول ويتعرض لضربات المدفعية الأوكرانية.
وفي شبه جزيرة القرم، وردت تقارير عن عمليات شراء بدافع الذعر في المتاجر وقوائم انتظار ضخمة في محطات الوقود حيث يستعد السكان لانخفاض الإمدادات من روسيا بسبب إغلاق الجسر.
وتقول شبكة «سي إن إن»، إن الانفجار الذي ألحق أضرارًا جسيمة بأجزاء من الطريق وجسر السكك الحديدية بين شبه جزيرة القرم المضمومة والبر الرئيس الروسي في وقت مبكر من يوم السبت، يهدف إلى الاستفادة من موهبة الرئيس فلاديمير بوتين الحالية في «اتخاذ قرارات خاطئة».
لكن لماذا الجسر مهم جدا؟
تقول شبكة «سي إن إن»، الأمريكية، إن روسيا بدأت في تشييد الجسر الضخم الذي يبلغ طوله 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا) فوق مضيق كيرتش، حيث أنفقت ما يقدر بنحو 3.7 مليار دولار، بعد أن ضمت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014.
وكان هذا تعبيرًا ماديًا عن هدف الرئيس الروسي لتولي زمام الأمور وربط أوكرانيا بروسيا إلى الأبد؛ ففي اليوم الذي افتتح فيه قاد بوتين بنفسه قافلة فوق الجسر، وكان يقود شاحنة مزينة بالأعلام.
ويمتد الجسر على مضيق كيرتش، الذي يربط البحر الأسود ببحر آزوف، حيث توجد الموانئ الأوكرانية الرئيسة، بما في ذلك ماريوبول.
وبالنسبة لروسيا، يرمز الجسر إلى «إعادة التوحيد المادي لشبه جزيرة القرم مع البر الرئيس الروسي»، فيما يحمل الكثير من احتياجات شبه جزيرة القرم - مثل الوقود والسلع - وقد استخدم بانتظام لتزويد القوات الروسية بالأسلحة والوقود.