الإخوان تهدد بالفوضى.. تصريحات الغنوشي أدلة جديدة تدين التنظيم

رغم أن القوات المسلحة التونسية تنأى بنفسها عن المعارك السياسية، إلا أن الغنوشي حاول إقحام الجيش، أملًا في إيجاد مناصرين له، وإحداث فجوة بين الجيش وقيادته، ووقيعة بينه وبين التونسيين الذين يرفضون عودة حركة النهضة.

الإخوان تهدد بالفوضى.. تصريحات الغنوشي أدلة جديدة تدين التنظيم
راشد الغنوشي

السياق

بعد تضييق الخناق على «الإخوان» في تونس، بدأ التنظيم الإرهابي يمارس ديدنه وهويته المفضلة بإرهاب خصومه، ملوحًا بورقة الاحتجاجات واللعب على وتر الجيش، أملًا في إنقاذه من مصيره المحتوم.

تلك الورقة تعد آخر ما في جعبة تنظيم الإخوان، بعد أن بات ظلام السجون يهدد مصير الحركة وقياداتها، جراء جرائمها في «العشرية السوداء»، التي كانت تحكم فيها تونس.

وما إن أراد البلد الإفريقي، التخلص من براثن «الإخوان» وعناصره الذين تغلغلوا في مفاصل الدولة، حتى ظهرت ورقة نشر الفوضى وممارسة الإرهاب، التي يجيد التنظيم العزف على وترها، أملًا في تحويل دفة الجرائم التي تعاقب قياداته عليها، إلى الشق السياسي وانتزاعها من جذورها الإجرامية.

إلا أن تلك الورقة أدرك التونسيون أنها بمثابة الأنفاس الأخيرة للتنظيم الإرهابي، والذي يحاول بها تعبيد طريق للفرار من المقصلة التي تنتظره وقياداته بعد التحقيقات التي تجريها معهم السلطات المحلية، في جرائم العشرية السوداء وملف تسفير التونسيين للقتال في بؤر الإرهاب.

فماذا حدث؟

زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي والذي يحاكم على ذمة قضية تسفير التونسيين إلى بؤر الإرهاب، حاول قلب دفة التحقيقات التي تجرى معه، زاعمًا أنها محاولة من الرئيس قيس سعيد من أجل تحويل ملف حركة النهضة من ملف سياسي يعالج بالوسائل السياسية كالانتخابات إلى ملف أمني وإرهابي، حتى يسهل إزاحتها من الساحة السياسية وشطبها بذرائع قضائية وأمنية.

إلا أن حجة الغنوشي والتي لطالما وقيادات «النهضة» يروجونها، دحضها الواقع، بعد التقارير وشهود العيان، بالإضافة إلى تصريحات التونسيين أنفسهم الذين سافروا لجبهات القتال في بؤر الإرهاب، والتي أثبتت ضلوع التنظيم الإرهابي، في إيفاد هؤلاء المقاتلين إلى الخارج، عبر تسهيلات حكومية وامتيازات منحت لهم من قبل الحركة، التي كانت تسيطر على مفاصل الدولة –آنذاك-.

وما إن انتهى من تلك الحجة «الزائفة»، حتى حاول الغنوشي اللعب على وتر الجيش، مطالبًا الرئيس التونسي بعدم التعويل على القوات المسلحة لأنها قوة وطنية لحماية الشعب وليست أداة للقمع، على حد قوله.

ورغم أن القوات المسلحة التونسية تنأى بنفسها عن المعارك السياسية، إلا أن الغنوشي حاول إقحام الجيش، أملًا في إيجاد مناصرين له، وإحداث فجوة بين الجيش وقيادته، ووقيعة بينه وبين التونسيين الذين يرفضون عودة حركة النهضة.

وقال الغنوشي، إن «الجيش والأمن يقفان في صف الشعب، لذلك فيَوْمَ يتحرك الشعب فإنَّ تقديرنا هو أن الجيش الوطني لن يطلق الرصاص لحماية قيس سعيد، وبالتالي عليه ألا يعول طويلًا على القوة الصلبة لأنها قوة وطنية جُعلت لحماية الشعب وليست أداة بين يديه للقمع».

ترك رئاسة الحركة

وفي رده على سؤال بشأن الحرية التي ينعم بها قيادات النهضة حتى إنهم يدعون بشكل مستمر للاحتجاجات وعلاقة ذلك بما يدعونه بـ«القمع»، حاول الغنوشي الخروج من الخندق الذي وقع فيه، زاعمًا أن القمع من خلال المحاكم العسكرية المنصوبة في تونس والتي يحاكم فيها برلمانيون وصحفيون ونشطاء»، بالمخالفة للواقع الذي لم تسجل فيه أي محاكمات عسكرية لمدنيين بزعم القمع.

ولتبرير غيابه خلال الفترة القادمة، قال الغنوشي إنه عازم على التخلي عن رئاسة الحركة في المؤتمر القادم ولن يجدد ترشحه، مشيرًا إلى أن حزبه لا يسعى من وراء إسقاط نظام الرئيس قيس سعيد للعودة للسلطة.

إلا أن مراقبين اعتبروا أن الغنوشي يحاول ترتيب أوراقه، أملًا في العثور على تذكرة سفر تنقله من تونس إلى إحدى الدول التي قد ترحب بهذا الضيف الإخواني على أراضيها، ليعيد إنتاج نفسه من هناك على أنه «معارض».

وللتشويش على تلك الخطة، أعلن الغنوشي أن جبهة الخلاص التي تعد حركة النهضة أكبر مكون لها تستعد لخوض احتجاجات في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري تزامنا مع الاحتفال بذكرى عيد الجلاء.

ودعت حركة النهضة التونسية، في بيان مقتضب اطلعت «السياق» على نسخة منه، منخرطيها وأنصارها للمشاركة في مسيرة مُزمع تنظيمها يوم السبت القادم الموافق 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري 2022، مشيرة إلى أنها تنطلقُ من ساحة العملة عبر نهج الحبيب ثامر ساحة الاستقلال ثم شارع الحبيب بورقيبة وصولًا إلى المسرح البلدي.

وفيما لم تؤتِ أكلها، الاحتجاجات الإخوانية التي لم تنفك الحركة عن تنظيمها منذ قرارات 25 يوليو/تموز 2021 ولم تحظَ بظهير شعبي، قال الغنوشي، إنها تهدف لإيصال رسالة للرئيس قيس سعيد بأن سياسته مرفوضة.

وحول أسباب فشل الاحتجاجات السابقة، زعم الغنوشي أنَّ البلد الإفريقي لم يصل بعد إلى مستوى الاحتجاج العارم، نافيًا أن تكون حركة النهضة فقدت قدرتها على تحريك الشارع وأنها تلعب على أوجاع الناس بحكم صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من أجل الدفع بهم للاحتجاج ضد الرئيس.

كما نفى الغنوشي، تفسير صمود الرئيس قيس سعيد ضد الاحتجاجات التي تنظمها حركته، بأنَّ لديه شعبية يرتكز عليها، زاعمًا أن الرئيس يستند فقط للقوة الصلبة أي الأمن والجيش، ولم يعد له أي شعبية.

وتابع: هناك 5 قضايا مثارة ضدي جميعها لها صلة بقضايا تبييض أموال وإرهاب وتسفير مقاتلين، مشيرًا إلى أنه يتوقع أن يكون مصير تلك القضايا الفشل.

ردود الأفعال

وفور إذاعة مقابلة الغنوشي، توالت ردود أفعال التونسيين عليها، مطالبين بمحاكمة زعيم وقيادات حركة النهضة على «العشرية السوداء»، وعلى السمعة السيئة التي أكسبوها لبلادهم، بسبب ملف تسفير التونسيين لبؤر الإرهاب.

وقال حساب يدعى مصطفى عمار: «راشد الغنوشي يقول إنه لن يترشح لرئاسة حركة النهضة في المؤتمر القادم.. لا أصدقه فقد تعهد سابقًا وأخلَّ بعهده، إلا إذا رأيناه خارج الحركة والمشهد.. وحري به رئاسة جمعية شمس أو جمعية النساء الديمقراطيات».

فيما قال حساب يدعى عبدالله، إنه «بعد أن حاصرته الاتهامات، بات زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي يستخدم ورقته المحروقة ملوحًا بالفوضى حتى يتمكن من الهروب».

وقال الكاتب الإعلامي يحيى الشبرقي، في تغريدة عبر حسابه بـ«تويتر»: «انبرت الصحف الغربية تدافع عن عميلها الإخواني راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي، لأن تونس تريد محاكمته بتهمة تسفير أبنائهم لبؤر الحروب في ليبيا وسوريا».