إضراب وملايين الرسائل وقرارات دولية.. احتجاجات إيران تدخل مرحلة جديدة
طلاب العديد من الجامعات الإيرانية، أكدوا في عدة بيانات متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على استمرار الإضرابات، بينهم طلاب جامعة بهشتي

السياق
من 5 ملايين رسالة عبر الهواتف المحمولة تدعو للاحتجاج، مرورًا باستمرار الإضرابات، إلى دعوات غربية بضرورة اتخاذ إجراءات عملية لدعم المحتجين لمواجهة جهاز قمع النظام الإيراني.. كانت تلك التطورات وقودًا للتظاهرات في إيران التي لم تنطفئ جذوتها بعد، رغم مرور ثلاثة أسابيع على اندلاعها.
طلاب العديد من الجامعات الإيرانية، أكدوا في عدة بيانات متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على استمرار الإضرابات، بينهم طلاب جامعة بهشتي الذين قالوا في بيانهم: نبلغ سلطات الجامعة والقوى القمعية للنظام بأننا سنواصل احتجاجنا وإضرابنا وكذلك مقاطعة الصفوف الدراسية، ما دام أصدقاؤنا موجودين في السجن.
وفي بيان ثانٍ، قال طلاب جامعة العلوم والثقافة: «في أعقاب الهجمات المستمرة لقوات الأمن على الجامعات، وقتل واعتقال الأشخاص والطلاب المعترضين، وكذلك اعتقال ميرشاهين فاطمي، طالب الماجستير في جامعة العلوم والثقافة، سنستمر في تعطيل الصفوف الدراسية حتى إطلاق سراح صناع المستقبل»، مطالبين أساتذة الجامعة بالانضمام إليهم وأن «يكونوا معهم على طريق الحرية والشرف».
فيما أعلن طلاب جامعة طهران أنهم سيعيدون حقوقهم بعد تحقق شعار «المرأة، الحياة، الحرية» في إطار التعبئة الاجتماعية، مشيرين إلى أنه اعتبارًا من اليوم السبت، سيكون للفتيات والفتيان قاعة طعام مشتركة.
بيان تضامني
وفي سياق متصل، نفسه، أصدر المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين بيانًا طالب فيه معلمي إيران بـ«فهم الضرورة التاريخية»، في أداء واجبهم الأخلاقي والوطني، وأن يحولوا الصفوف الدراسية، بدءًا من اليوم السبت وحتى نهاية الأسبوع، مكانا للمطالبة بالحرية والعدالة، وتماشيا مع الحركة الاحتجاجية للشعب الإيراني، بمختلف طبقات المجتمع.
وقال المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين الإيرانيين: «إذا أراد النظام الاستمرار في عملية قمع الطلاب والشباب والشعب، فإن هذا المجلس سيضع إعلان الاحتجاجات والتجمعات على جدول الأعمال».
وأدانت رابطة الكتاب الإيرانيين مجزرة زاهدان وقمع احتجاجات المواطنین والطلاب، ووصفت الحركة المطالبة بالحرية للشعب الإيراني بأنها نتيجة انفجار الغضب الشعبي من تدمير حياة الناس خلال العقود الأربعة من حكم النظام الإيراني.
وفي إشارة إلى مواجهة النظام للاحتجاجات الشعبية، قالت رابطة الكتاب الإيرانيين، إن «النظام استخدم القمع كالعادة؛ لقد قتل وخطف وعذب وسجن الكثيرين»، مشيرًا إلى أن المواطنین لم يتراجعوا وجعلوا احتجاجهم مسموعًا للعالم بكل طريقة ممكنة.
في الوقت نفسه، طلب مجلس تنسيق المعلمين، أن يعبر المدرسون في جميع أنحاء إيران عن احتجاجهم بالصفوف الدراسية، ومن المقرر أن تعقد تجمعات اليوم في طهران، بما في ذلك أمام جامعة شريف للتكنولوجيا.
جيل لا يعرف الخوف
وقال موججان إيلانلو، مخرجة أفلام وثائقية إيرانية، لشبكة «إيه بي سي نيوز» الأمريكية: يضحك شبابنا على هؤلاء المسؤولين الإيرانيين»، مشيرة إلى أنه كانت في الشوارع معظم أيام الاحتجاج لمشاهدة جيل شاب «لا يعرف الخوف».
وتقول إيلانلو إن هذا الجيل لا يهتم بقادة إيران؛ لأن «القادة حولوا أنفسهم إلى نكات بالعديد من القرارات والتصريحات السطحية»، مضيفة: «من يخاف من شخص يضحكون عليه لوقت طويل؟»
يأتي ذلك، فيما أعلنت مجموعة القرصنة «بلاك ريوارد» أنها أرسلت نحو 5 ملايين رسالة نصية إلى المواطنين في إيران لدعوتهم إلى المشاركة في التظاهر والخروج للشوارع اليوم السبت.
ووجدت الاحتجاجات المتواصلة رسائل دعم قوية من الفنانين البارزين والشخصيات المشهورة عالميًا؛ ففي مقطع فيديو نشر مساء الجمعة، ظهر الفنانون الإيرانيون: حسن خیاط باشي، وإبراهيم حامدی (آبي)، ومري آبیك، وداریوش إقبالي، ونوید نگهبان، ونازنین بنیادي، موجهين رسائل دعم للمتظاهرين.
ونشر مغني البوب الأيرلندي هوزير، أمس الجمعة مقطع فيديو يظهر سارينا إسماعيل زاده، وهي مراهقة قُتلت في الاحتجاجات، تؤدي إحدى أغانيه، قائلا: «وصلتني قصة سارينا إسماعيل زاده هذا الصباح، فأنا إلى حد ما في حيرة من الكلام».
وأضاف الممثل والمخرج السينمائي الإيراني، علي مصفا، في مقال: «طلاب المدارس والجامعات لا ينخدعون بخطابات المتوهمين، ولا يتراجعون بالإذلال».
وفي محاولة من النظام الإيراني، لتجاهل الاحتجاجات واعتبار أن شيئًا لم يحدث، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت إن الطلاب في إيران سيحولون دون تحقيق «أحلام العدو».
وقال رئيسي في تصريحات بمناسبة بدء العام الدراسي في جامعة الزهراء بطهران العام الجامعي: «ظن العدو أنه يستطيع متابعة وتحقيق رغباته داخل الجامعة، غير مدرك أن طلابنا وأساتذتنا متيقظون ولن يسمحوا للعدو بتحقيق الأحلام الزائفة»، على حد قول البيان الذي اعتبر فيه رئيسي أن الطلاب «سيهزمون العدو في مجال العلم والمعرفة» وغيرهما.
إدانات وقرارات
وأدان مركز حقوق الإنسان في إيران، وهو منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، استخدام النظام الإيراني «السيناريو اللاإنساني المتمثل في الاعترافات القسرية»، لتغطية جرائم قواتها وقمعها للمحتجين، مشيرة إلى أن مثل هذه الاعترافات هي «وثائق تاريخية لجرائم لا تُنسى».
وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس، فرض عقوبات على عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين بسبب قمعهم العنيف للمتظاهرين، فيما لم تحدد وزارة الخارجية يوم الجمعة إجراءات إضافية، لكنها أدانت الوفيات التي نتجت عن الحملة القمعية.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل: «هذا القمع القاسي والمستمر للمتظاهرين يظهر فقط أن النظام يخشى شعبه بشكل واضح»، مضيفًا: «سنواصل التنسيق مع حلفائنا وشركائنا والرد على حملة القمع الإيرانية».
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أنها بصدد التشاور والتنسيق مع الدول الحليفة ونشطاء حقوق الإنسان لدعم المحتجين في إيران، فيما قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان مغردًا، إنه تحدث مع نساء إيرانيات ونشطاء حقوق الإنسان يوم الجمعة حول كيف يمكن للولايات المتحدة أن تواصل دعم المتظاهرين «الشجعان» في إيران.
وخلال مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأمريكية، قال الممثل الأمريكي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي: «إن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير النظام في إيران، بل تريد حكومة تحترم الحقوق الأساسية لشعبها».
وفي إشارة إلى مواقف المسؤولين الإيرانيين في نسبة الاحتجاجات إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، قال مالي: «المسؤولون الإيرانيون یعزون الاحتجاجات لأمريكا، لكننا لا نستطيع إثارة مثل هذه الشجاعة لدى الشعب الإيراني أو نخلق مثل هذا الغضب تجاه النظام».
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتل، إن بلاده ستواصل التنسيق مع حلفائها حول كيفية الرد على «القمع الدموي للمتظاهرين والعنف ضد المرأة في إيران».
فيما قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك، إن «الرجال والنساء الشجعان في إيران يتظاهرون من أجل حقوقهم وأمنهم وحريتهم، ورد النظام عليهم هو الموت والعنف، لكننا بعقوبات هادفة، سنرفع صوتنا في الأمم المتحدة لنصرة النساء».
وحذرت وزارة الخارجية الفرنسية في رسالة جديدة، من خطر الاعتقال التعسفي والمحاكمة الجائرة في إيران، وطالبت الرعايا الفرنسيين بمغادرة إيران في أقرب وقت ممكن.
وقالت ممثلة السويد في البرلمان الأوروبي عبير السهلاني، في تصريحات لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، إنه بينما يدفع الشعب الإيراني حياته ثمنًا للحرية، يقف قادة العالم على الهامش، مضيفة: «لقد ولت أيام البيانات الصحفية منذ زمن بعيد، حان وقت اتخاذ القادة موقفًا وتفعيل إجراءات».
وفي رسالة دعم لا تخطئها العين، قصت وزيرة خارجية بلجيكا حاجة لحبيب ونائبتان في البرلمان شعرهن في البرلمان تضامنا مع مظاهرات إيران، في مواقف قوبلت بالتصفيق من المشرعين الآخرين.
وقالت لحبيب، المولودة في بلجيكا لأبوين جزائريين، للبرلمان إن حكومتها ستطلب من الاتحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات على المسؤولين عن حملة القمع عندما يلتقي وزراء خارجية التكتل في وقت لاحق هذا الشهر.