حبس وزير صحة ليبيا ووكيله في اتهامات فساد.. هل حانت ساعة الحكومة؟
أوضح المراقبون، أن الأيام المقبلة خاصة بعد تشكيل الحكومة، ستكون حبلى بالكثير من الاتهامات التي ما زالت في الأدراج، لرئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، ووزرائه، مشيرين إلى أن هناك قضايا أمن قومي تورطت فيها الحكومة، ستحسم خلال الفترة المقبلة

السياق
بلاغ على الهواء من البرلمان الليبي للنيابة العامة، للتحقيق في مخالفات مجلس الوزراء وفساده، كان بداية النهاية لحكومة تصريف الأعمال، التي فُتح أمس باب الترشح لمن يخلفها، في قيادة المرحلة الانتقالية للبلد الإفريقي.
رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، طالب في جلسة البرلمان الأسبوع الماضي، النائب العام الصديق الصور، بالتحقيق في ما أنفقته الحكومة منذ مباشرة أعمالها، خاصة في بندي الطوارئ والتنمية، اللذين قال إن بهما مخالفات في الانتقال من بند إلى بند، من دون موافقة مجلس النواب، إضافة إلى إساءة استعمال السلطة، والتقصير في المحافظة على المال العام.
ذلك البلاغ، الذي كان على الهواء مباشرة، آتى أكله سريعًا، بإعلان قوة الردع التابعة لوزارة الداخلية الليبية، اعتقال وزير الصحة علي الزناتي في مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس، بسبب مخالفات وتجاوزات مالية، بعد صدور أمر من النيابة العامة بذلك.
تجاوزات وفساد
أعلنت النيابة العامة صدور قرار بحبس وزير الصحة علي الزناتي، ووكيل الوزارة بحكومة الوحدة الوطنية احتياطيًا على ذمة قضية فساد في الوزارة، بسبب التحقيقات الجارية بشأنهما بناءً على التقرير المقدَّم من ديوان المحاسبة عن المخالفات والتجاوزات المرتكبة في وقائع توريد وتركيب مصانع الأكسجين والمراكز الطبية.
وقالت النيابة العامة في ليبيا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن رئيس النيابة العامة بمكتب النائب العام، باشر إجراءات التحقيق في المخالفات المالية، التي توصل إليها موظفو ديوان المحاسبة بتنفيذ ميزانية التنمية المخصصة لقطاع الصحة.
وبحسب البيان، فإن من الإجراءات، تولى المحقق 2022/1/25 مباشرة إجراء استجواب وزير الصحة ووكيل وزارة الصحة، في اتهامهما بعدم مراعاة لائحة العقود الإدارية في تعاقدات القطاع، وعدم التقيد بمعايير استعمال أدوات التعاقد، وقيامهما بأعمال توريد وحدات توليد الأكسجين بزيادة في السعر وصلت إلى 1000% من سعر البيع في السوق، والتعاقد بطريق التكليف المباشر لتنفيذ بعض الأعمال، بعد تاريخ تسلمها من الإدارة المختصة، والتعاقد بطريق التكليف المباشر مع شركات أسِست 2021/8/10، رغم عدم توافرها على الملاءة المالية والخبرة الكافية لتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها.
دلائل ثبوتية
وقالت النيابة العامة، إنه أمام قيام الدليل الكافي على صحة ارتكابهما للوقائع المسندة إليهما، أمر وكيل النيابة العامة بحبسهما احتياطيًا على ذمة القضية.
واقعة تحقيق وحبس وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال ليست الأولى، بل إن «الفساد» الذي نخر في عظام مجلس الوزراء الليبي، دفع النيابة العامة لصدور قرارات مشابهة، بحق وزير التعليم ووزيرة الثقافة في حكومة الوحدة الوطنية.
ليست الأولى
ففي 29 ديسمبر 2021، أمر النائب العام في ليبيا، بحبس وزيرة الثقافة مبروكة توغي احتياطيًا على ذمة التحقيق في قضايا فساد بالوزارة، تشمل الحصول على منافع بالمخالفة، وصرف المال العام في غير الوجه المخصص له، وتزوير المستندات لعرقلة إجراءات المراجعة والتدقيق.
وبحسب بيان صادر عن مكتب النائب العام، فإن وقائع الفساد شملت تعاقد عدد من موظفي وزارة الثقافة، على تنفيذ أعمال صيانة مبنى دار الكتاب والنشر، وقاعة الاجتماعات بالوزارة، والدوار المروري المنشأ أمام مبنى الوزارة، رغم صيانة الوزارة الأبنية والمنشآت المشار إليها خلال السنة الماضية، مستندين -في تغطية أوجه الصرف الأخيرة- إلى المستندات المعتمدة عند تنفيذ التعاقد السابق.
وفي 21 ديسمبر 2021، أصدر النائب العام المستشار الصديق الصور، أمرًا بحبس وزير التربية والتعليم موسى المقريف، على خلفية شبهة فساد في إجراءات التعاقد على طباعة وتوفير الكتب الدراسية، حيث تسبب تأخر طبع وتسليم الكتب للطلاب في تحمُّل الأسر الليبية أعباءً إضافية.
فضائح الفساد تلك، التي كان البرلمان الليبي لديه علم بها، كانت المحرك الأساس للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة، بحسب مراقبين، أكدوا أن معظم وزراء الحكومة على رادار النائب العام، خاصة بعد بلاغ رئيس مجلس النواب.
قضايا أمن قومي
وأوضح المراقبون، أن الأيام المقبلة خاصة بعد تشكيل الحكومة، ستكون حبلى بالكثير من الاتهامات التي ما زالت في الأدراج، لرئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، ووزرائه، مشيرين إلى أن هناك قضايا أمن قومي تورطت فيها الحكومة، ستحسم خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، قال رئيس الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية توفيق الشهيبي، إن أغلبية الحكومة ستمثل أمام النائب العام قريبًا بمجرد سقوطها، باستثناء مَنْ سيهرب خارج البلاد، متوقعًا أنهم لن يكونوا قلة.
وأضاف رئيس تحالف القوى الوطنية، عبر «تويتر»، أن سبب توقيف وزراء الحكومة، التجاوزات التي وصفها بـ«الجسيمة» لأغلبية الوزراء، حتى وإن لم يختلس أحد منهم فلسًا واحدًا، مشيرًا إلى أن «تجاوزاتهم» أدت إلى إهدار المال العام، وتلك جناية بحد ذاتها.