فايننشال تايمز: السعودية تحتفل بخطوة التغيير في احتفالات عيد الميلاد
الاحتفالات التي تملأ المملكة العربية السعودية، بمناسبة أعياد الميلاد، تعكس التغيير الذي طرأ على المملكة، مع الإصلاحات التي أدخلها ولي العهد.

ترجمات - السياق
رأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن الاحتفالات التي تملأ المملكة العربية السعودية، بمناسبة أعياد الميلاد، تعكس التغيير الذي طرأ على المملكة، مع الإصلاحات التي أدخلها ولي العهد، رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مشيرة إلى أن المملكة المحافظة باتت أكثر انفتاحًا على "العطلة المسيحية" في مشهد لم يكن مألوفًا.
"السعودية تتمنى لكم كريسماس سعيدًا"، بهذه العبارة سلَّطت الصحيفة البريطانية، الضوء على احتفالات السعوديين بمناسبة أعياد الميلاد، مشيرة إلى أنه لم يحدث أن سمح أي حاكم للمملكة المحافظة، بالاحتفال بهذا اليوم المهم في التقويم المسيحي، بشكل علني.
لكن هذا العام، استطاع سكان العاصمة الرياض، الاستمتاع بالعروض الموسمية في مراكز التسوق، وأقبلوا على شراء أشجار عيد الميلاد، في حين نشرت صحيفة سعودية رسمية إصدارًا احتفاليًا خاصًا بهذه المناسبة لأول مرة في تاريخها.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكد في مارس الماضي، أن السعودية تغيرت عما كانت عليه قبل 7 سنوات، لافتًا إلى أن التطور الاجتماعي في المملكة يسير بالاتجاه الصحيح، وفق معايير الشعب ومعتقداته.
وشدد على أن الإصلاحات الخاصة بالمرأة السعودية أتت من أجل البلاد، وليست استرضاءً لأحد.
كما أوضح، في مقابلة مع مجلة أتلانتك الأمريكية، أن الدين الإسلامي يحث الناس على احترام الديانات والثقافات أيًا كانت، وقال إن المملكة تحوي سنة وشيعة بمختلف مذاهبهم، ولا احتكار للرأي الديني.
روح الكريسماس
وحسب "فايننشال تايمز" فقد كان العنوان الرئيس في الصفحة الأولى لصحيفة آراب نيوز السعودية -التي تصدر باللغة الإنجليزية- يقول: "السعوديون يشعرون بروح الكريسماس أكثر من أي وقت مضى" مع توصيات للقراء بأفضل الأماكن لتناول عشاء الديك الرومي.
بينما كتب رئيس تحرير الصحيفة مقال رأي بعنوان "أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي" في إشارة إلى احتفالات الكريسماس غير المسبوقة في بلاده.
وحسب الصحيفة، ليست هذه المرة الأولى التي تباع فيها أدوات عيد الميلاد في المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى تخفيف القيود المفروضة على منتجات الاحتفال بالكريسماس -التي كان تداولها محظورًا في السعودية- خلال السنوات الماضية.
ورأت أن عام 2022 يُعد نقطة تحول لهذه الاحتفالات الدينية في ذلك البلد الذي لا يدين أي من سكانه بغير الإسلام وجميع المسيحيين به من الأجانب، إذ سُمح لأحد مراكز التسوق في العاصمة الرياض ببيع تلك الأدوات مثل أشجار الكريسماس ودُمى الدب القطبي والتشيلو.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن ما سمته "الكريسماس الجديد"، الذي سمحت السلطات السعودية بالاحتفال به للمرة الأولى في تاريخها هذا العام، يأتي في إطار جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي تستهدف سلسلة من الإصلاحات المهمة، التي تتضمن التقليل من اعتماد الاقتصاد على العائدات النفطية وتخفيف القيود الدينية، التي كانت وراء حرمان المرأة السعودية من قيادة السيارة، التي لم يسمح لها بها إلا منذ سنوات قليلة.
تهنئة غير المسلمين
وعن الجدل الذي تحدثه تهنئة غير المسلمين في أعيادهم، بينت "فايننشال تايمز" أن هذا الجدل -الذي كان يسيطر على الساحة بشأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم في أوقات الاحتفال بأعياد الميلاد- بدأ التراجع إلى حدٍ بعيد.
وأشارت إلى أن الدكتور محمد العيسى -الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي- أنهى الجدل هذا العام، بقوله في أحد البرامج التلفزيونية إنه لا يوجد نص شرعي "يحرم التهنئة"، في إشارة إلى تهنئة المسيحيين بالكريسماس.
وأوضحت أن لهذا التحول الرسمي الكبير في موقف الدولة من احتفالات أعياد الميلاد، أصداء إيجابية بين كثيرين من السعوديين، خصوصًا من تلقوا تعليمهم خارج البلاد.
بينما قال محترف (مهني) سعودي إن العديد من أصدقائه استمتعوا بالكريسماس.
وأضاف متحدثًا عن هؤلاء الذين احتفلوا بالمناسبة: "إنهم أزواج شباب، سعوديون من الذين تلقوا تعليمًا غربيًا ومعهم أطفالهم".
وتابع -رافضًا كشف هويته حتى يتمكن من التحدث بصراحة- أن النزعة المحافظة في الأوقات السابقة بدأت تتضاءل، مستدركًا: "كانوا في السنوات السابقة يغلقون محلات الورد في عيد الحب، والآن يسمحون للناس بالاحتفال بعيد الميلاد، إنها خطوة للأمام نحو الليبرالية".
ورأت الصحيفة البريطانية، أن الخطوة التي أطلقتها صحيفة آراب نيوز تهدف إلى إظهار أن المملكة العربية السعودية أصبحت دولة أكثر تسامحًا، مشيرة إلى أن المملكة تحاول جذب المواهب والشركات الغربية، في مواجهة المنافسة المتزايدة من دول الخليج، خصوصًا من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي توفر حرية الدين لمعظم الأديان، إضافة إلى أسلوب حياة أكثر ليبرالية.
وذكرت أنه رغم حصول الأمير محمد بن سلمان على دعم العديد من الشباب السعودي لإصلاحاته، فإن المملكة تعرضت لانتقادات شديدة من الحكومات الغربية والجماعات المدافعة عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة.
ووفق الصحيفة، هناك أيضًا بين معارضي تلك التغييرات من ينشدون إصلاحات اجتماعية داخل المملكة.
وأوضحت أن مساعي الأمير محمد بن سلمان، كانت منذ بدايتها من أكثر القضايا التي أثارت الجدل في المملكة، التي ترى أغلبيتها المحافظة أنها الحارس الأمين على أهم المقدسات الإسلامية، وخير دليل على ذلك، وابل الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي من داخل السعودية وخارجها، التي واجهته الدولة في أكتوبر الماضي، عندما سمحت باحتفالات الهالوين، وهو احتفال غربي يحدث في 31 أكتوبر من كل عام.