لماذا تراجعت حكومة الدبيبة عن تسليم رئيس استخبارات القذافي لأمريكا؟
الولايات المتحدة تريد استجواب الرجل البالغ من العمر 72 عامًا، المحتجز في سجن طرابلس، بشأن الهجوم الذي أسقط طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة فوق لوكربي.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة غارديان البريطانية، تفاصيل جديدة لتسليم الحكومة الليبية المتهمين في قضية حادثة تفجير الطائرة فوق بلدة لوكربي عام 1988.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين ليبيين قولهم، إن حكومة الوحدة الوطنية -برئاسة عبد الحميد الدبيبة- تراجعت عن تسليم عبدالله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات السابق في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي إلى الولايات المتحدة، في اللحظة الأخيرة هذا الأسبوع، خوفًا من الاستياء الشعبي في البلاد.
ويوصف السنوسي بأنه أوثق مساعدي القذافي، ومطلوب من الولايات المتحدة التي تتهمه بالمسؤولية عن التفجيرات التي استهدفت طائرات غربية.
ونقلت "غارديان" عن مسؤولين في طرابلس، قولهم إن التراجع عن تسليم عبدالله السنوسي جاء "خوفًا من الغضب الشعبي"، بعد تسليم أبو عجيلة مسعود، وهو مسؤول استخباراتي سابق، يشتبه في تورطه بقضية لوكربي.
يذكر أن عبدالله السنوسي، رئيس المخابرات السابق وصهر القذافي، متهم بالتفجيرات المميتة التي استهدفت طائرات غربية.
مساعي واشنطن
وأفادت "غارديان" بأن الولايات المتحدة تريد استجواب الرجل البالغ من العمر 72 عامًا، المحتجز في سجن طرابلس، بشأن الهجوم الذي أسقط طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988، إذ يشتبه -منذ مدة طويلة- في أن السنوسي العقل المدبر للعملية، التي أسفرت عن 270 قتيلًا.
كانت الولايات المتحدة، أعلنت أن محمد أبو عجيلة مسعود، المشتبه في مشاركته بتفجير لوكربي، محتجزٌ لديها.
وكان مسلحون اقتادوا أبا عجيلة من منزله بطرابلس في 17 نوفمبر الماضي، واحتجزته إحدى الميليشيات أسبوعين، ثم سُلِّم إلى عملاء الحكومة الأمريكية، في مدينة مصراتة الساحلية.
وأفادت تقارير بأن أبا عجيلة تعرض للخطف على يد جماعة مسلحة في ليبيا، الأمر الذي أثار تكهنات باحتمال تسليمه إلى السلطات الأمريكية لمحاكمته.
يأتي مثول أبي عجيلة أمام محكمة أمريكية، بعد مرور ما يقارب 34 عامًا على انفجار قنبلة في طائرة "بوينغ 747" كانت متجهة من لندن إلى نيويورك، وكانت وسائل إعلام ليبية قد ذكرت -منتصف نوفمبر الماضي- "اختطاف أبو عجيلة من منزله في طرابلس".
ووجهت الولايات المتحدة اتهامات إلى أبو عجيلة قبل عامين على خلفية تفجير لوكربي، الذي كان معظم ضحاياه أمريكيين.
وبعد وصوله إلى الولايات المتحدة نُقل إلى منشأة لوزارة العدل في ألكسندريا في فرجينيا، لإتمام المراحل الأولى من معالجة ملفه.
وبينما قالت عائلة أبي عجيلة إنه اختُطف وسُلِّم بطريقة غير قانونية، أوضحت السفارة الأمريكية في ليبيا، في بيان، أن العملية كانت "قانونية وجرى تنفيذها بالتعاون مع السلطات الليبية".
وحُكم على الليبي عبدالباسط المقرحي بالسجن لإدانته بتفجير الطائرة، بعد محاكمته أمام محكمة اسكتلندية خاصة في هولندا.
والمقرحي الشخص الوحيد الذي أدين في ما يتعلق بالتفجير.
وحكم على المقرحي بالسجن مدى الحياة، لكن محكمة اسكتلندية أطلقت سراحه لأسباب إنسانية، بعد تشخيص إصابته بالسرطان، وتوفي في ليبيا عام 2012.
غضب وضغط
وأشارت "غارديان" إلى أن تسليم أبي عجيلة أثار غضبًا كبيرًا بين الليبيين، ووضع حكومة رئيس الوزراء -المنتهية ولايته- عبدالحميد دبيبة تحت ضغوط شديدة، ما أدى إلى إيقاف خطط نقل السنوسي إلى الاحتجاز بالولايات المتحدة.
ونقلت عن مصدر ليبي مسؤول -على عِلم بالقضية- قوله: إن الخطة المتفق عليها تمثلت في إرسال مسعود إلى الولايات المتحدة أولًا ثم تسليم السنوسي، المتهم بالتورط في تفجير طائرة ركاب فوق النيجر عام 1989 راح ضحيته 170 شخصًا، مضيفًا أن هناك مناقشات استغرقت أشهرًا بشأن هذه المسألة.
إلا أن مسؤولاً ليبيًا مطلعًا على القضية قال: "شعر المسؤولون الليبيون بالقلق"، بينما قال مسؤول ثانٍ إنه كان من المقرر تسليم السنوسي نهاية الأسبوع.
وأفادت الصحيفة بأن السنوسي، محتجز في سجن رواوة بطرابلس ويعتقد أنه في حالة صحية سيئة، وكان قد حُكم عليه بالإعدام في محاكمة جماعية انتهت عام 2015.
ورأت الصحيفة البريطانية، أن تقديمه إلى محكمة أمريكية يُمثل إنجازًا مهمًا ، وإن كان مثيرًا للجدل، لإدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن، في سياق عزمها على متابعة القضايا التي قُتل فيها أمريكيون، وإن مضى عليها عقود من الزمن.
وأفادت "غارديان" -بحسب مصادرها- بأنه كانت هناك مناقشات لأشهر بهذا الموضوع، لكن المسؤولين في ليبيا شعروا بقلق بعد ذلك.
ونقلت الصحيفة عن المصادر قولها، إن الجهود لتأمين نقل مسعود والسنوسي بدأت، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن أعيد إحياؤها خلال الأشهر التسعة الماضية، خلال مناقشات بين المسؤولين الأمريكيين والحكومة الليبية.
مشكلات الدبيبة
وبينت "غارديان" أن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع حكومة الدبيبة في أغسطس الماضي، لتسليم أبي عجيلة والسنوسي.
وأشار مراقبون إلى أن تفويض الدبيبة برئاسة الحكومة انتهى في ديسمبر الماضي، ومن ثم فإن لديه دوافع قوية لكسب تأييد الولايات المتحدة.