وول ستريت جورنال تكشف تفاصيل الغارات الأمريكية ضد داعش في سوريا
بينما تدهورت داعش بشكل كبير في العراق وسوريا، فإن التنظيم يحتفظ بالقدرة على القيام بعمليات في المنطقة.

ترجمات – السياق
صعَّدت الولايات المتحدة غاراتها ضد مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، ورغم أن هذه العمليات تؤدي إلى أسر وقتل العديد من التنظيم، فإنها تزيد المخاطر على القوات الأمريكية، بحسب "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
كانت وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون"، أعلنت أنها كثفت غاراتها على تنظيم داعش في سوريا، حيث نفذت ما يقرب من 12 غارة مروحية محفوفة بالمخاطر وعمليات برية، لقتل أو القبض على كبار نشطاء التنظيم.
وخلال ديسمبر الجاري -وفقًا لمسؤولين في القيادة المركزية الأمريكية، المسؤولين عن العمليات العسكرية الأمريكية في معظم أنحاء الشرق الأوسط- نفذ الجيش الأمريكي ما لا يقل عن 10 عمليات وغارات ضد التنظيم، لكن القيادة رفضت الإدلاء بتفاصيل عن غارات إضافية على الأراضي السورية.
بينما قال متحدث باسم القيادة إن ذلك شمل 3 عمليات مع قوات سوريا الديمقراطية (حليف الولايات المتحدة في سوريا) أدت إلى اعتقال 6 من "داعش".
نتائج ومخاطر
وحسب "وول ستريت جورنال"، أدت تلك المداهمات إلى استهداف ما وصفه الجيش الأمريكي بأنه مسؤول إقليمي كبير في "داعش" يُدعى الزبيدي.
وقال مسؤولون عسكريون إن ثماني غارات أخرى، بينها سبع في وقت سابق هذا الشهر وأخرى أوائل أكتوبر الماضي، قتلت أو ألقت القبض على نشطاء من "داعش".
وأقر المسؤولون الأمريكيون بأن القيادة المركزية نفذت غارات إضافية في سوريا، لكن مسؤولي القيادة امتنعوا عن تقديم تفاصيل الغارات الأخرى.
وقال مسؤولون إن الغارات البرية والعمليات الأخرى تبقي "داعش" في حالة تأهب لكنها لا تخلو من المخاطر.
ففي إحدى الغارات الأخيرة -على سبيل المثال- كانت القوات الأمريكية على الأرض ثلاث ساعات تقريبًا، حيث اشتبكت في إطلاق نار كثيف واعتقلت -في النهاية- أفرادًا وجمعت معلومات استخبارية في الموقع.
وقال الكولونيل جو بوتشينو، المتحدث باسم القيادة المركزية، إن كل عملية يخطط لها بعناية، وتأخذ في الاعتبار مخاطر هذه الغارات، بعد تقييمات لحجم المعلومات الاستخبارية.
وقال الجيش إن المداهمات ستخرج -بشكل عام- من ساحة المعركة القادة الإقليميين أو المحليين، الذين يعتقد المسؤولون العسكريون أنهم يلعبون أدوارًا في التخطيط وتنفيذ الهجمات، ومعظمها في المناطق الريفية ضد قوات الأمن في المنطقة.
لكن خبراء ومسؤولين أمريكيين سابقين حذروا من أن الغارات وحدها لا يمكن أن توقف توسع الحركة في سوريا، لا سيما في ظل أزمة اقتصادية حادة وتسوية سياسية متوقفة لحل الحرب المستمرة منذ 12 عامًا.
تنامي التهديد
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن أندرو تابلر، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المسؤول السابق في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، الذي أشرف على السياسة السورية في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، تأكيده أن الولايات المتحدة "تقوم بمزيد من الضربات لأنها مضطرة لذلك"، مشددًا على أن سبب تنامي التهديد المشكلات الاقتصادية وعدم وجود تسوية حتى الآن.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتجاهل الجزء الأول (المشكلات الاقتصادية)، وتعتمد بدلاً من ذلك على الضربات، كنوع من العلاج باستخدام الطائرات من دون طيار.
ونمت الجماعة الإرهابية داخل العراق وسوريا، بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011.
وأشارت إلى أن "داعش" -الذي خسر معظم أراضيه عام 2017- احتفظ بالقدرة على القيام بعمليات إرهابية في سوريا والعراق، بما يصل إلى 1800 مقاتل في سوريا وأكثر من 8 آلاف في العراق، بحسب تقديرات غير سرية ومسؤولين عسكريين.
بينما قال مسؤولون عسكريون، إن تعقيد هجمات "داعش" تضاءل بمرور الوقت، ومنذ عام 2019 يستخدم التنظيم عددًا أقل من العبوات الناسفة.
لكن المشكلات التي يطرحها "داعش" لا تزال متفاقمة، حيث تعد سوريا موطنًا لما يقرب من 30 مركز احتجاز يأوي آلاف المقاتلين المسجونين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم، إن المخيمات القريبة تضم نحو 56 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال المرتبطين بالمقاتلين المسجونين، ولا يزالون عرضة كي يصبحوا متطرفين، ولا تزال الجماعة الإرهابية قادرة على تنفيذ هجمات ضد القوات الأمريكية وحلفائها، فضلاً عن حشد المقاتلين.
وقال الجنرال إريك كوريلا، الذي يرأس القيادة المركزية ومقرها تامبا بولاية فلوريدا، للصحفيين، الخميس: "بينما تدهورت داعش بشكل كبير في العراق وسوريا، فإن التنظيم يحتفظ بالقدرة على القيام بعمليات في المنطقة، ونعلم أن المجموعة لديها الرغبة في الضرب خارج المنطقة".
وبيّن كوريلا، أن العمليات المشتركة "تؤكد التزام القيادة المركزية تجاه المنطقة والهزيمة الدائمة لداعش"، مضيفًا أن "القبض على أعضاء التنظيم سيعطل قدرته على التآمر وتنفيذ عمليات مزعزعة للاستقرار".
بينما قال مسؤولون إنه رغم التهديد الإقليمي المتزايد، فإن الجماعة الإرهابية لا تشكل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة، لكنهم أشاروا إلى أن آخر مرة ظهر فيها "داعش" كتهديد كبير عام 2014، حدث ذلك بسرعة كبيرة، خلال أسابيع.
يذكر أن الولايات المتحدة تحتفظ بنحو 1000 جندي أمريكي داخل سوريا، وقال مسؤولون إن الهجمات الصاروخية والهجمات الأخرى، تذكير بالأخطار التي يشكلها "داعش".
تفاصيل الغارة
وعن تفاصيل الغارات، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين عسكريين قولهم، إن المداهمات الأخرى، التي تكون عادةً في الليل بطائرات هليكوبتر لقوات العمليات الخاصة، شملت ست عمليات في 8 ديسمبر الجاري، أدت إلى اعتقال خمسة من "داعش"، وأشاروا إلى أن غارة أخرى في 11 من الشهر ذاته أسفرت عن قتل اثنين من مسؤولي التنظيم.
بينما قتلت غارة أخرى، في 6 ديسمبر، بالقرب من القامشلي، شمالي شرق سوريا، مسؤولاً في "داعش" يُعد مهربًا للأسلحة والمقاتلين يُعرف باسم ركان وحيد الشمري.
وفي 30 نوفمبر الماضي، أعلنت القيادة المركزية قتل أبو الحسن الهاشمي القرشي، الذي قيل إنه قيادي في "داعش" في ما وصفها المسؤولون بأنها "ضربة كبرى للتنظيم".
وقال الكولونيل بوتشينو إن الغارات تعكس وتيرة متزايدة للعمليات، لكنها ليست نتيجة استراتيجية أكثر عدوانية لملاحقة "داعش".
وأضاف: "هناك أيضًا العديد من العوامل التي تسمح لنا بتنفيذ هذه المداهمات من دون التعرض لخطر كبير بسقوط ضحايا مدنيين أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية، إذ يجب أن تتحد كل هذه العناصر، حتى نتمكن من شن هذه الغارات".
وحسب الصحيفة الأمريكية، طالما عُدت هذه الغارات محفوفة بالمخاطر، ما وضع قوات العمليات الخاصة الأمريكية في مواقف يمكن أن تتعرض فيها لكمين.
وأشارت إلى أن وفاة أحد أفراد الخدمة الأمريكية في سوريا تثير تساؤلات من الكونغرس وداخل الحكومة عن قيمة استهداف أعضاء "داعش" الذين يستبدلون بسرعة بآخرين.
بينما قال الجيش الأمريكي إنه لم يسقط قتلى ولا جرحى من القوات الأمريكية في أي من الغارات، ولا من المدنيين.
ووفقًا لمسؤولين عسكريين أمريكيين، فإن الجنرال كوريلا يحتفظ بسلطة تنفيذ هذه الأنواع من الغارات ضد "داعش" في سوريا.
وفي أعقاب الضربة التي وقعت في كابل، بأفغانستان، الصيف الماضي، التي قتلت بالخطأ 10 مدنيين، سبعة منهم أطفال، استعاد البيت الأبيض سلطة هذه الضربات، التي كان يقودها القادة على الأرض في أفغانستان.
لكن في ذلك الوقت، حصلت القيادة المركزية على "اقتطاع"، سمح للقيادة المركزية بالاحتفاظ بسلطة الضرب، كجزء من عملية العزم الصلب -التدخل العسكري الأمريكي ضد "داعش" في العراق وسوريا- حسبما قال مسؤولون.
ومع ذلك، فإن بعض العمليات، مثل الضربة التي استهدفت في 23 أغسطس الماضي، المخابئ في دير الزور، بسوريا، تطلبت موافقة الرئيس جو بايدن، لأنها كانت تستهدف البنية التحتية التي تستخدمها الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، أو المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني.
تأتي الضربات في الوقت الذي تواجه فيه سوريا حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والمأزق السياسي، حيث تعاني البلاد أسوأ أزمة وقود منذ اندلاع الحرب عام 2011، ما ترك الكثير من البلاد محبطًا وفي حالة جمود.
وفي ذلك، يقول تابلر إن ذلك، إلى جانب التسوية السياسية المتوقفة بين الرئيس بشار الأسد وجماعات المعارضة لإنهاء الحرب، وفر عدم استقرار كافٍ لتنامي "داعش".