تفاصيل التكتيك الجديد.. 5 عوامل تساعد في ازدهار داعش

قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، لـ-السياق- إنه لا توجد ملامح لعودة ما تسمى دولة الخلافة، بشكلها السابق، إلا أنه توجد بؤر إرهابية منفلتة، تتصرف وفق تقديرها للموقف لشن هجمات لإرهاب المدنيين.

تفاصيل التكتيك الجديد.. 5 عوامل تساعد في ازدهار داعش

السياق "خاص"

من الاندثار إلى الازدهار فمجددًا إلى سيرته الأولى، مراحل عدة مر بها «داعش»، على مدى 19 عامًا، تشكلت فيها بنية التنظيم الإرهابي، إلا أنها تعرضت لهزات عنيفة أفقدته توازنه، وأعادته مرة أخرى إلى حيث انطلق.

وعلى وقع الخسائر المتتالية والمتلاحقة لـ«داعش»، تحول التنظيم الإرهابي من المركزية إلى اللامركزية، وهي مرحلة لها سمات غير تلك التي تميزت بها مرحلة ازدهاره، إبان ما تسمى «دولة الخلافة» في العراق والشام، التي انهارت على رؤوس التنظيم، بفعل ضربات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والقوات العراقية.

تلك المرحلة، التي تعتمد تكتيك «المناطقية» في تحديد أساليب التجنيد وتوفير الموارد، تتفق مع فكر وأيديولوجية التنظيم الإرهابي، في وحدة الهدف الاستراتيجي، والمستمدة من مجلس شورى وفتاوى يطلقها «داعش» لدعم تحركات وخطط زعماء وقيادات الأفرع.

ورغم ذلك، فإن «داعش» ما زال خطرًا كبيرًا ينتظر الفرصة لينقض على جسد المنطقة، مستمدًا قواه من انقسام خصومه والصراعات الإثنية والمظالم المحلية في بلدان عدة، إضافة إلى انسداد الأفق السياسي وسوء الأوضاع الاقتصادية، في بعض البلدان التي وضعها نصب عينيه، مرتكزًا لإعادة تموضعه.

وبينما لا توجد لدى «داعش» استراتيجية للعمليات العسكرية، تتضمن «احتلال» مناطق معينة لإعلان الخلافة المكانية، إلا أنه بدأ يتموضع في موزمبيق ونيجيريا ومالي وليبيا، إذ تشن «ذئابه المنفردة» عمليات في كركوك وديالى بالعراق، وشمالي سوريا، وعلى الحدود الأفغانية الباكستانية.

 

الذئاب المنفردة

إلى ذلك، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، الدكتور غازي فيصل حسين، في تصريحات لـ«السياق»، إنه بعد هزيمة داعش عام 2017، تفكك التنظيم من الناحية العسكرية، وتحول إلى بؤر، معتمدًا على «الذئاب المنفردة»، إلا أن ذلك التكتيك لا يعني عدم وجود قيادة أو سيطرة وتحكم وخطط وتوجيه مركزي.

مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، قال إنه لا توجد ملامح لعودة ما تسمى «دولة الخلافة»، بشكلها السابق من مؤسسات وأركان حرب ومالية وتسليح وإدارة وقضاء وغيرها، إلا أنه توجد بؤر إرهابية منفلتة، تتصرف وفق تقديرها للموقف لشن هجمات لـ«إرهاب» المدنيين وبث الرعب والخوف في نفوسهم، إضافة إلى اغتيال شخصيات وضعها التنظيم الإرهابي على لائحته.

وأشار إلى أنه رغم أن «داعش» لم يعد كما كان، فإنه ما زال تهديدًا للأمن ونشر الاضطرابات وعدم الاستقرار، ويظل الخطر الأكبر على الأمن الإقليمي.

وتقدر المخابرات الأمريكية عدد مسلحي "داعش" بنحو 10 آلاف من «المتطرفين» الذين يتنقلون بين سوريا والعراق عبر الحدود، ويشنون هجمات في الصحراء بالأنبار وفي أطراف كركوك وجنوب الموصل وفي صلاح الدين بتكريت، بحسب فيصل، الذي وصف هذه الهجمات بـ«المتقطعة».

وبينما قال إنه لا توجد لدى «داعش» استراتيجية للعمليات العسكرية، تتضمن شن هجوم واسع النطاق، واحتلال مناطق معينة لإعلان الخلافة المكانية، إلا أنه ما زال موجودًا، بإحكام قبضته على مناطق في موزمبيق ونيجيريا ومالي وليبيا، وأفغانستان.

ذلك الوجود، فسره الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، بأن «داعش» لا يعمل بالنمط المركزي بقدر اللامركزي، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي لديه أسلوب قيادة يتراوح بينهما وفق الظروف.

 

سر العودة

وأوضح سلطان أن «داعش» يفضل نمط القيادة اللامركزي، كون الأفرع الخارجية لديها أنشطة مستقلة عن النشاط المركزي، بحسب ظروف وطبيعة كل مسرح عمليات، مشيرًا إلى أن التنظيم «موغل في اللامركزية» فالمجموعات داخل القطر الواحد تعمل كل منها بشكل مستقل، وبنظام الخلايا العنقودية، التي ليس بينها ارتباط، سوى في الهدف الاستراتيجي والمنهج التنظيمي.

وعن عودة العمليات «الإرهابية» المنسوبة لـ«داعش»، قال سلطان إن التنظيم الإرهابي لم يختفِ لنقول إنه عاد للظهور، مشيرًا إلى أنه أحيانًا يكون في «كمون عملياتي»، وهي مرحلة لا ينفذ فيها عمليات كثيرة، مكتفيًا بالأنشطة الإلكترونية، إلا أنه عند عودته بشن الهجمات، يلاحظ البعض أنه يضرب بقوة.

وقال إن التهديدات التي يمثلها «داعش» تتراوح بين المنخفضة والمتوسطة، إلا أنه -على المدى البعيد- سيشكل تهديدًا عالي المستوى، مشيرًا إلى أن دورة التنظيم في المرحلة الراهنة، تتمثل في الكمون ثم العودة بعمليات خاطفة، ثم العودة للخفوت مرة أخرى.

واستند سلطان في رؤيته إلى تجربة «داعش» في العراق عندما انهارت ما تسمى «دولة العراق الإسلامية» عام 2009، إلا أن التنظيم الإرهابي استطاع -خلال سنوات- أن يؤسس مناطق نفوذ على الأرض في العراق وسوريا وما سماها «الخلافة المكانية»، التي لديها مسلحون فاقوا عشرات الآلاف.

 

5 عوامل

وأشار إلى أن «داعش» يستمد قوته من انقسام خصومه والصراعات الإثنية والمظالم المحلية في العديد من البلدان، إضافة إلى انسداد الأفق السياسي وسوء الأوضاع الاقتصادية، مؤكدًا أن بقاء التنظيم مرتبط بهذه العوامل، "ولا نستطيع القول إنه سيختفي في المدي المنظور".

هذه الرؤية، وافقه فيها الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا، مؤكدًا أنه من الصعب القول إن تنظيم داعش يستعيد قيادته المركزية، بعد خسائره في الموصل وكذلك في الرقة عام 2017.

وأوضح جاسم محمد، في تصريحات لـ«السياق»، أنه بات واضحا أن تنظيم داعش لم يعد «مركزيًا»، وكذلك بالنسبة للتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة، خصوصًا في زمن العولمة وثورة الاتصالات، ما دعم تكتيك «المناطقية» في تحديد أساليب التجنيد وتوفير الموارد، مع الاتفاق على وحدة الهدف الاستراتيجي، إلا أنه قال إن هذه الفروع تشترك في الخطوط العريضة التنظيمية المركزية، فهناك مجلس شورى وفتاوى يطلقها تنظيم داعش لدعم تحركات وخطط زعماء وقيادات الأفرع.

 

عوامل تحييد «داعش»

وأشار رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا، إلى أن ما يثبت أن تنظيم «داعش» غير مركزي، قدرة التحالف الدولي وكذلك القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية على استهداف قياداته، ما أدى إلى خسارة 4 من رؤوس التنظيم في أشهر معدودة.

وعن «داعش خراسان» في أفغانستان، قال جاسم إنه مختلف عن باقي أفرع التنظيم في العراق وسوريا وحتى في إفريقيا، إذ لديه القدرة على تنفيذ عمليات نوعية واسعة، ويعد تهديدًا مباشرًا لحركة طالبان.

وأشار إلى أن الحد من أنشطة تنظيم داعش ومحاربة التطرف والإرهاب، ومحاولة فرض نوع من الاستقرار السياسي والأمني، ونوع السياسات التي تعتمدها دول المنطقة، تحد من تنامي التنظيم الإرهابي.

و أكد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا، أن هناك جهودًا إقليمية نجحت في الحد من نفوذ "داعش"، الذي لم يعد قادرًا على تنفيذ عمليات واسعة في منطقة الشرق الأوسط.