2022... العام الذي غيَّـر فيه التضخم كل شيء

مع انهيار المبيعات وارتفاع الأسعار، اضطرت شركات الرهن العقاري لتسريح موظفيها، وليس من الواضح ما إذا كانت أسعار المساكن قد تشهد عملية تراجع أم لا

 2022... العام الذي غيَّـر فيه التضخم كل شيء

ترجمات - السياق

"عام التضخم"، هكذا لخص موقع أكسيوس الأمريكي، الوضع الاقتصادي في العالم، مشيراً إلى أن العام 2022 غيَّـر فيه التضخم وارتفاع الأسعار كل شيء، من الحالة المزاجية إلى الأسواق.

وأوضح أنه لفهم ما حدث، للاقتصاد والشؤون المالية هذا العام، على المرء ألا ينظر إلى أبعد من طريقة استجابة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لرفع أسعار الفائدة، على مؤشر أسعار المستهلك الذي يرتفع بسرعة.

وأشار إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين بلغ ذروته عند 9% على أساس سنوي خلال الصيف -وهو أعلى مستوى منذ عام 1981- إلا أنه تراجع ووصل إلى 7.7%.

 

تداعيات الفائدة

وأرجع "أكسيوس" ارتفاع التضخم ومن ثمّ الأسعار إلى موجة ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، مبينًا أن ارتفاعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الشديدة في أسعار الفائدة -التي تهدف إلى تهدئة الاقتصاد والإنفاق الاستهلاكي- انتشرت في الأسواق، وأدت إلى تغيير الطريقة التي يعمل بها الاستثمار منذ الأزمة المالية، التي انفجرت في سبتمبر 2008.

فقد دفعت المعدلات المتدنية للغاية منذ عام 2008 المستثمرين إلى تحمُّل أخطار أكبر، ما دفع الأسهم إلى مستويات قياسية.

من ناحية أخرى -حسب الموقع الأمريكي- كان رفع الأسعار أشبه بجرس الإنذار قبل أي خطر محدق، ما اضطر كثيرين من المستثمرين إلى فض أعمالهم، والانسحاب من السوق، خوفًا من تبعات الخسائر.

أما الأمريكيون العاديون، الذين لم يشهد معظمهم تضخمًا مرتفعًا بهذا الشكل منذ فترة بعيدة، فقد عايشوا أمرًا لم يألفوه، من زعزعة استقرارهم الاقتصادي بشكل مخيف، في وقت كانوا لايزالون يحاولون التأقلم مع عالم متغير، بعد سلسلة من الإغلاقات جراء أزمة كورونا.

وقال الموقع الأمريكي: "زيادة الأسعار أصابت كل شيء في كل مكان دفعة واحدة".

ولعل العقارات من أبرز العمليات التي تأثرت بذلك، ففي ديسمبر 2021، كان معدل الرهن العقاري لمدة 30 عامًا 3%، بينما الآن أكثر من 6%.

أمام ذلك، ومع انهيار المبيعات وارتفاع الأسعار، اضطرت شركات الرهن العقاري لتسريح موظفيها، وليس من الواضح ما إذا كانت أسعار المساكن قد تشهد عملية تراجع أم لا.

لم تنجُ الأسهم أيضًا من تأثير التضخم، وانخفض مؤشر ستاندارد آند بورز 500 -وهو يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية من بنوك ومؤسسات مالية- نسبة تزيد على 20% لهذا العام، حيث غيرت البيئة ذات المعدل المرتفع حسابات المستثمر.

 

السندات

وحسب "أكسيوس"، رغم أنه عادةً عندما تنخفض الأسهم، يلجأ المستثمرون إلى السندات، فإن ذلك لم يحدث هذا العام، مشيرًا إلى أنه مع ارتفاع أسعار السندات الصادرة حديثًا، اضطر المستثمرون للتخلص من السندات القديمة.

وبيّن أنه اعتمادًا على كيفية قياسها، أدت عمليات البيع هذه إلى "أسوأ عام على الإطلاق"، أو على الأقل "منذ عقود".

أما العملات المشفرة، فرغم وصف فريق لها بأنها تحوط ضد التضخم، فإنه مع ارتفاع التضخم وبدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في التشديد، بيعت العملات المشفرة مثل أي أصول مخاطرة أخرى، ما أدى إلى ظهور تأثير الدومينو لشركات التشفير الفاشلة، في إشارة إلى تتابع انهيار هذه الشركات واحدة تلو الأخرى.

وحسب الموقع الأمريكي "كانت لكل ذلك آثار واقعية في الأمريكيين، الذين تأثروا بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى جانب تقلص ثرواتهم".

وأوضح "أكسيوس" أنه رغم انخفاض معدلات البطالة، فإن التوتر زاد بين المواطنين والمسؤولين، إذ إن الرواتب لم تعد كافية لتدبر الأحوال المعيشية، مشيرًا إلى أنه قد يكون الحصول على وظيفة أمر رائع، ولكن عندما يقضي التضخم على راتبك، يكون الأمر أقل متعة.

ونقل الموقع عن الخبيرة الاقتصادية أولريك مالميندير -وهي اقتصادية ألمانية تعمل أستاذًة للاقتصاد والتمويل في جامعة كاليفورنيا- قولها: "تجربة ارتفاع الأسعار بشكل مباشر تختلف عن المعرفة النظرية بالتضخم"، في إشارة إلى أن العالم كان يسمع عن التضخم وآثاره، إلا أنه يعيشه الآن واقعًا مريرًا.

وحسب مالميندير "يمكن للعيش في ظل ارتفاع معدلات التضخم أن يُغير نظرة الأشخاص إلى العالم من حولهم، وطريقة تفكيرهم في حياتهم المهنية، وشراء المنازل والادخار، على غرار العيش في ظل الانكماش الاقتصادي".

وأضافت مالميندير، التي نشأت في ألمانيا، التي شهدت تغيرات جذرية بسبب التضخم الجامح، بعد الحرب العالمية الأولى: "هذه التجارب الاقتصادية تخيفنا لسنوات وعقود مقبلة".