بعد احتجاجات غير مسبوقة... الصين تخفف قيود كورونا على نطاق واسع

ستقتصر الفحوص الجماعية الإلزامية، التي كثيرًا ما كانت شرطًا مرهقًا في تطبيق سياسة صفر كورونا بالصين، على مناطق عالية المخاطر وبعض المدارس

بعد احتجاجات غير مسبوقة... الصين تخفف قيود كورونا على نطاق واسع

السياق

بعد أسبوع من احتجاجات غير مسبوقة، أعلنت الصين تراجعها عن تطبيق سياساتها الأشد صرامة لمكافحة انتشار كورونا، بما في ذلك إجبار المواطنين على العزل داخل معسكرات الحجر الصحي.

وبإمكان المصابين بكورونا، حال ظهور أعراض خفيفة للإصابة أو عدم ظهور أعراض، الالتزام بتدابير العزل داخل المنزل بدًلا من منشآت الدولة.

كما أصبحوا غير ملزمين بإظهار نتائج الفحوص الطبية، في معظم الأماكن، رغم أن فحوص "بي سي آر" لا تزال ضرورية في المدارس والمستشفيات.

وستقتصر الفحوص الجماعية الإلزامية، التي كثيرًا ما كانت شرطًا مرهقًا في تطبيق سياسة صفر كورونا بالصين، على مناطق "عالية المخاطر" ومدارس.

ولن يُطلب -بعد الآن- من المسافرين بين الأقاليم، إبراز فحص سلبي لكورونا خلال 48 ساعة، ولن يُطلب منهم إجراء فحص لدى الوصول، بحسب القواعد الجديدة.

وأعرب مواطنون عن ارتياحهم لتلك الخطوات، بيد أنهم أبدوا قلقًا أيضًا من التغييرات المفاجئة.

بطاقة التنقلات

في ذات السياق، أعلنت الصين الإثنين، وقف العمل بالتطبيق المستخدم لتتبّع تحرّكات السكان والتأكّد من عدم تواجدهم في المناطق التي تشهد إصابات بكوفيد-19، ما يشكل خطوة جديدة في إطار الخروج من استراتيجية "صفر كوفيد".

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي يبدو فيه أن عدد الحالات آخذ في الازدياد في البلاد، على نطاق لا يزال من الصعب تقييمه لأنّ اختبارات "بي سي آر" لم تعد إلزامية ونادراً ما يقوم الأفراد بإبلاغ السلطات عن اختباراتهم الذاتية إيجابية النتيجة.

وكان أُطلق على هذا التطبيق اسم "بطاقة التنقّلات"، وهو يستند إلى إشارة الهاتف ويسمح لمستخدميه أن يثبتوا لمن يسألهم (فندق، مبنى مكاتب، إلخ) الأماكن التي كانوا فيها خلال الأيام السبعة الماضية.

ويعرض التطبيق قائمة المدن أو حتى المقاطعات التي كان الشخص موجوداً فيها. وإذا لم يتم تصنيف أيّ منها على أنها "عالية الخطورة" (مع وجود عدد كبير من الإصابات)، يعرض التطبيق سهماً أخضر، ما يعني السماح بالمرور.

وأفاد بيان رسمي أنّ "بطاقة التنقلات" التي كانت الحكومة المركزية مسؤولة عنها، ستُلغى ابتداء من منتصف ليل الثلاثاء، بعد أكثر من عامين على إطلاقها.

صفر كوفيد

تأتي هذه التغييرات، في وقت تتخلى فيه الصين أخيرًا عن سياستها الخاصة التي تعرف بـ "صفر كورونا"، الرامية إلى الحد من انتشار المرض، وتتطلع إلى "التعايش مع الفيروس" مثل بقية الدول، في ظل مكافحة أكبر موجة من الإصابات، تتجاوز 30 ألف إصابة يوميًا.

وشكك بعض مستخدمي الإنترنت في الانفتاح سريع الوتيرة، وكتب أحدهم: "سيكون النظام الطبي مزدحمًا، وسيُصاب العديد من كبار السن بالعدوى، وقد بدأ ذلك يحدث الآن".

بيد أن كثيرين رحبوا بتخفيف القيود التي سيطرت على حياتهم نحو ثلاث سنوات.

كانت الصين تجبر المصابين بكورونا، وأي مخالط لمصاب، على الذهاب إلى الحجر الصحي، وهي سياسة لم تحظ بشعبية كبيرة، لأنها فصلت عائلات وأبعدت كثيرين عن منازلهم.

وأظهرت مقاطع فيديو -طوال العام- حراسًا يسحبون الناس من منازلهم، بما في ذلك لقطات متداولة على نطاق واسع -الأسبوع الماضي- من مقاطعة هانغتشو، أظهرت رجلًا يقاوم مسؤولين.

 

حريات سياسية

يأتي الإعلان، في أعقاب مظاهرات بأنحاء البلاد قلما تحدث، احتجاجًا على سياسات الحزب الشيوعي الحاكم الصارمة لاحتواء كورونا.

وتوسعت المظاهرات لتصبح دعوات لمزيد من الحريات السياسية، بل طالب البعض بتنحي الرئيس شي جينبينغ.

جاء الإعلان –الأربعاء- بعد ساعات من نشر الحكومة بيانات، أظهرت التداعيات الاقتصادية السلبية لسياسة صفر كورونا.

وتراجعت الواردات والصادرات في نوفمبر إلى مستويات لم تُسجل منذ مطلع 2020.

وانخفضت الواردات في نوفمبر بنسبة 10.6 بالمئة على أساس سنوي في أكبر تراجع منذ مايو 2020، بحسب الإدارة العامة للجمارك. وتراجعت الصادرات بنسبة 8.7 بالمئة في الفترة نفسها.

 

معدلات التطعيم

وقالت لجنة الصحة الوطنية: "لابد أن تلتزم جميع المحليات بالتركيز على تحسين معدلات تطعيم الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و 79 عامًا، وتسريع معدلات تطعيم من يتجاوزون 80 عامًا، ووضع ترتيبات خاصة".

يأتي تخفيف التدابير بعد أن شهدت البلاد أكبر احتجاجات منذ عقود، إذ نزلت -الأسبوع الماضي- حشود من المواطنين إلى الشوارع في مدن عدة، احتجاجا على تدابير الإغلاق والقيود المفروضة للحد من الجائحة.

وتصاعدت الاحتجاجات في بعض الأماكن أيضًا، إلى حد توجيه انتقادات مباشرة للرئيس الصيني، شي جينبينغ، والحزب الشيوعي الصيني، وهو ما يمثل تحديًا بارزًا في دولة لا تتسامح مع المعارضة السياسية.

بدأت السلطات الصينية، منذ تلك الاحتجاجات، من 24 إلى 26 نوفمبر، تخفيف تدابير الإغلاق في بعض المدن، كما خفف مسؤولون نبرة اللغة الحادة عند الحديث عن مخاطر كورونا.

كان سون تشون لان، نائب رئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) الصيني، قد أشار -الأسبوع الماضي- إلى أن الصين تدخل "مرحلة جديدة" في ظل الجائحة مع تراجع قدرة الفيروس على التسبب في حدوث مرض.

وحذر خبراء من أن أي تخفيف لسياسة "صفر كورونا" في الصين لابد أن يحدث تدريجيًا، لاحتمال أن تشهد البلاد، التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة، قفزة هائلة في الإصابات، التي يمكن أن تطغى على نظام الرعاية الصحية فيها.

ويقول خبراء الصحة إن تسريع تطعيم المسنين ضروري.