هل منح بايدن بوتين الضوء الأخضر لغزو أوكرانيا؟
أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية رفض مرارًا وتكرارًا القول ما إذا كان قرار بوتين، بإرسال قوات حفظ سلام إلى المنطقتين الانفصاليتين -المدعومتين من روسيا- يشكل خطًا أحمر في نظر إدارة بايدن.

ترجمات - السياق
هل تتذكر الضجة، التي حدثت الشهر الماضي، عندما أعلن الرئيس بايدن أن رد الولايات المتحدة على الغزو الروسي لأوكرانيا، سيعتمد على ما إذا كان في شكل "توغل بسيط"؟
أشار النقاد، إلى أن بايدن منح فعليًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الضوء الأخضر لغزو شرقي أوكرانيا.
سارع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إلى استنكار تصريحات بايدن، مغردًا : "لا توجد عمليات توغل بسيطة". اضطر بايدن إلى التراجع بسرعة، معلنًا في اليوم التالي، أن "أي وحدات روسية مجمعة تتحرك عبر الحدود الأوكرانية، غزو".
حسنًا، أرسل بوتين الاثنين وحدات روسية عبر الحدود إلى شرقي أوكرانيا، وماذا كان رد الفعل الفوري لإدارة بايدن؟
ماحدث أنه لتبرير تصرفات بوتين، والتقليل من شأنها، باعتبارها مجرد توغل بسيط، في خطابه أمام الأمة بعد ظهر الثلاثاء، أقر بايدن أخيرًا بأن "هذه بداية غزو روسي".
قبل ذلك، ذكرت صحيفة ذي بوست أن تصرفات بوتين أجبرت الإدارة على "الدخول في معضلة صعبة عما إذا كان ذلك يشكل غزوًا أم لا".
أحد كبار المسؤولين في الإدارة "رفض مرارًا وتكرارًا القول ما إذا كان قرار بوتين، بإرسال قوات حفظ سلام إلى المنطقتين الانفصاليتين -المدعومتين من روسيا- يشكل خطًا أحمر في نظر إدارة بايدن.
والأسوأ من ذلك، لقد قدَّموا أعذارًا لبوتين، قائلين إن توغله لم يكن أمرًا كبيرًا، حيث صرح مسؤول كبير في الإدارة للصحفيين، بأن "دخول القوات الروسية دونباس، لن يكون بحد ذاته خطوة جديدة، فروسيا لديها بالفعل قوات في دونباس، على مدى السنوات الثماني الماضية".
وقال هذا المسؤول، إن التغيير الوحيد، أن "روسيا يبدو أنها ستعمل علانية في تلك المنطقة".
ووفقًا للصحيفة، فإن مسؤولًا آخر في الإدارة "عرّف الغزو الروسي، الذي من شأنه الدفع برد أمريكي واضح، بأنه عبور إلى الأراضي الأوكرانية التي "لم تحتلها روسيا منذ عام 2014".
هذا لا يصدق، إذ بعد زلة "التوغل البسيط"، رسم بايدن خطاً أحمر من خلال تصريحه بأنه حال وجود "أي -وأكرر كلمة أي- توغل للوحدات الروسية داخل الحدود، سيشكل ذلك غزوًا".
حسنًا، لقد فعل بوتين ذلك، لقد عبر الحدود، وخط بايدن الأحمر، لكن بدلاً من الرد بشكل حاسم، عقَّدت إدارته الأمور بشكل مثير للشفقة، بحثًا عن أعذار لعدم تسمية ما حدث بأنه غزو.
بعد ذلك، وبعد الاعتراف المتأخر ببدء الغزو، فشل بايدن في الرد بالعقوبات المعوقة التي وعد بها، إذ أعلن بايدن -في خطابه- عقوبات شخصية على النخب الروسية وأفراد أسرهم، إضافة إلى بعض العقوبات المحدودة على بنكين روسيين، لكنه فشل في إعلان أي عقوبات تستهدف أهم صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي... لماذا؟ لأن ألمانيا تحصل على أكثر من نصف وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، بينما يعتمد باقي دول الاتحاد الأوروبي على روسيا بنحو 40 بالمئة.
ولأن بايدن يعرف أن عقوبات النفط والغاز يمكن أن تؤثر في أسعار الطاقة بالولايات المتحدة أيضًا.
في الواقع، في حين فشل بايدن في إعلان عقوبات تتعلق بالطاقة، فقد ألقى مناجاة بشأن تصميمه على تخفيف تأثير العقوبات على أسعار الطاقة في الداخل.
قال بايدن: "بينما نستجيب للتطورات، فإن إدارتي تستخدم كل أداة تحت تصرفنا، لحماية الشركات والمستهلكين الأمريكيين من ارتفاع الأسعار... "سأتخذ إجراءات صارمة للتأكد من أن آلام عقوباتنا تستهدف الاقتصاد الروسي، وليس اقتصادنا".
أي نوع من رسائل العدم يرسل هنا؟ ما يسمعه بوتين هو أن بايدن يخشى فرض عقوبات خانقة على الطاقة، لأنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية رفع أسعار الغاز أكثر من ذلك، قبل أشهر فقط من انتخابات التجديد النصفي.
لكن ذلك لن يؤدي إلا إلى تشجيع الزعيم الروسي، والأسوأ من ذلك، فشل بايدن في الوفاء بوعده، الذي قطعه الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز، لـ "إنهاء" خط أنابيب نورد ستريم2 إذا غزت روسيا أوكرانيا، حيث أعلن بايدن أنه "إذا غزت روسيا"، وهو ما يعني "عبور الدبابات أو القوات حدود أوكرانيا مرة أخرى، لن يكون هناك نورد ستريم2".
وقف شولتز بجانب بايدن، ورفض مرارًا وتكرارًا ترديد إعلانه أو حتى ذكر نورد ستريم2 بالاسم.
حسنًا، لقد فعلت روسيا ما قاله بايدن، أرسلت قواتها عبر الحدود الأوكرانية، فهل انتهى نورد ستريم2؟ لا.... أعلن شولتز الثلاثاء أنه أوقف التصديق على خط الأنابيب، حتى يتمكن من "إعادة تقييم الوضع في ضوء التطورات الأخيرة". يختلف إيقاف وإعادة تقييم نورد ستريم2 كثيرًا عن إنهائه.
في خطاب الثلاثاء، قال بايدن: "لقد عملنا مع ألمانيا لضمان أن نورد ستريم2 لن يمضي قدمًا كما وعدت". لم يقل: "لن يكون هناك نورد ستريم2". كيف وصل كل ذلك إلى بوتين كمؤشر ضعف؟
كثيرًا ما اعتقد بوتين أن بايدن يخادع، عندما يهدد بعواقب وخيمة، تمامًا كما توقع بشكل صحيح، أن إدارة أوباما وبايدن كانت تخادع عام 2014 عندما حذرت من تداعيات، إذا غزت روسيا أوكرانيا وضمت شبه جزيرة القرم.
حتى الآن، ثبت أنه على حق، وإذا لم يعد بايدن فرض العقوبات على نورد ستريم2 على الفور -ما يؤدي إلى مقتل المشروع مرة واحدة وإلى الأبد- وفرض عقوبات معوقة على قطاعي الطاقة والبنوك في روسيا، سوف تتحطم المصداقية الأمريكية إلى ما بعد التعافي.
ترجمة عن: "واشنطن بوست"