أغرق أمريكا بالكوكايين.. اعتقال رئيس هندوراس السابق المطلوب لواشنطن

خوان أورلاندو هيرنانديز  يواجه تسليمه إلى واشطن كمجرم رغم أنه حليف قديم للولايات المتحدة

أغرق أمريكا بالكوكايين.. اعتقال رئيس هندوراس السابق المطلوب لواشنطن
خوان أورلاندو هيرنانديز

ترجمات - السياق

أشاد خوان أورلاندو هيرنانديز بإنجازاته رئيسًا لهندوراس بعبارة: "معًا صنعنا التاريخ"، لكن بعد أقل من شهر على تركه منصبه، أصبح حليف واشنطن، أول زعيم أمريكي لاتيني سابق يُلقى القبض عليه ويواجه تسليمه إلى الولايات المتحدة، بتهمة تهريب المخدرات .

وبينما كان العشرات من رجال الشرطة المسلحين، يقودون هيرنانديز مكبل اليدين، من منزله الفاخر في العاصمة تيغوسيغالبا، احتفل العديد من الهندوراسيين بالقبض عليه، وأطلقوا الألعاب النارية وغنوا "خوانشي، أنت ذاهب إلى نيويورك".

وقال الرئيس السابق في رسالة صوتية على الإنترنت، قبل وقت قصير من اعتقاله: "إنها ليست لحظة سهلة، أرجو ألا يعيشها أحد"، لكنه بدا واثقًا ببراءته.

تهريب المخدرات

يزعم المدعون أنه على مدى الثمانية عشر عامًا الماضية "شارك هيرنانديز في مؤامرة عنيفة لتهريب المخدرات" من خلال شحن  مئات الأطنان من الكوكايين إلى الولايات المتحدة عبر هندوراس، حيث تلقى مقابل ذلك "ملايين الدولارات في شكل رشاوى وعائدات"، وفقًا لنسخة من طلب التسليم، الذي اطلعت عليه "فايننشال تايمز" .

 ولم يكن هيرنانديز أول زعيم في أمريكا اللاتينية، يتعرض لاتهامات ومزاعم  متعلقة بالمخدرات، إذ ألغيت تأشيرة إرنستو سامبر إلى الولايات المتحدة، عندما كان رئيسًا لكولومبيا عام 1996 بعد أن ساعده مهربو الكوكايين في تمويل حملة انتخابه.

 واعترف سامبر بأن أموال المخدرات، ساعدت في تمويل حملته، لكنه قال إنه لم يكن على علم بذلك، وكذلك عُزل مانويل نورييغا، الحاكم الفعلي لبنما، واعتُقل في الغزو الأمريكي عام 1989 بعد أن وجهت إليه اتهامات بتهريب المخدرات.

حليف مهم

لكن الأمر غير المعتاد في ما يتعلق بهيرنانديز، أنه أشيد به من قِبل الولايات المتحدة كحليف مهم، حتى عندما كانت وكالات إنفاذ القانون تحقق معه هو وشقيقه في تهريب المخدرات، ورغم التأثير الواسع النطاق والمعلن عنه لأموال المخدرات في هندوراس، استمرت الولايات المتحدة في دعمه.

 وعام 2017، اتصل جو بايدن، نائب رئيس الولايات المتحدة آنذاك، بهرنانديز و"أشاد بالتقدم الذي أحرزته هندوراس في تحسين الأمن وإدارة الضرائب"، وفقًا لبيان البيت الأبيض.

 وقال خوان كروز، أكبر مسؤول في البيت الأبيض بشأن أمريكا اللاتينية من 2017 إلى 2019، لصحيفة فاينانشيال تايمز، إنه عندما التقى نائب الرئيس آنذاك مايك بنس هرنانديز ورؤساء آخرين من أمريكا الوسطى في غواتيمالا عام 2018 "كنت جزءًا من الفريق الذي يحضر الإحاط، ويمكنني إخبارك بأنه لم يكن لدينا دليل على أن هيرنانديز كان تاجر مخدرات مزعومًا".

وقال مسؤول كبير سابق في الحكومة الأمريكية، إن وزارة الخارجية والبيت الأبيض، لم يبلغا بتحقيقات وزارة العدل أو إدارة مكافحة المخدرات مع هيرنانديز، رغم طلبها مرارًا وتكرارًا، بينما امتنعت وزارة العدل الأمريكية عن التعليق.

 ولسنوات، انتقد هيرنانديز  انتشار المخدرات في الأماكن العامة، حيث أيد عام 2012 تعديلًا دستوريًا للسماح بتسليم المُتاجِرين، لكن في السر، وفقًا لطلب التسليم، كان هيرنانديز يعد بحماية حلفائه المتاجرين مقابل المال والدعم.

وقال ممثلو الادعاء في الولايات المتحدة، إن أول حملة انتخابية رئاسية لهيرنانديز 2013-2014 كانت مدفوعة برشوة قدرها مليون دولار من رئيس كارتل مكسيكي خواكين غوزمان، مقابل وعود بحماية الشحنات عبر هندوراس، وهي نقطة عبور رئيسة في طرق المخدرات إلى الولايات المتحدة. 

ويُزعم أيضًا أن محاولة إعادة انتخاب هيرنانديز الناجحة 2017-2018 دُعمت بـ 1.5 مليون دولار من عائدات تهريب المخدرات، وفقًا لطلب تسليم الولايات المتحدة.

الإفلات من العقاب

 بحلول عام 2019، بدأ حظ رئيس هندوراس ينفد، وخضع شقيقه توني للمحاكمة في الولايات المتحدة، وأدين وحُكم عليه في ما بعد بالسجن مدى الحياة، بتهمة تهريب أكثر من 185 طنـًا من الكوكايين.

ووفقًا لـ "فايننشال تايمز"، فإن إحدى الشهادات في تلك المحاكمة، أشارت إلى صلة وتورط هيرنانديز، بما في ذلك إفادات الشهود بأن الرئيس سخر من إدارة مكافحة المخدرات، وتعهد بإغراق السوق الأمريكية بالكوكايين.

 وصرح باتريك ليهي، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، بأنه "خلال سنوات من الانحلال والفساد والإفلات من العقاب، تلطخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة سُمعتنا بمعاملة هيرنانديز كصديق وشريك".

وقال الخبراء إن هيرنانديز حصل -نهاية المطاف- على دعم الولايات المتحدة، لأنه كان على استعداد للقيام بأكثر مما تريده واشنطن، في ما يتعلق بالتعاون في الحد من تدفق المهاجرين من بلاده إلى الولايات المتحدة.

وقال مايكل شيفتر، رئيس مؤسسة الحوار الأمريكية في واشنطن: "كان هيرنانديز ذكيًا للغاية في هذا الصدد".

وسئم سكان هندوراس مما اعتبروه فسادًا وسوء حكم هرنانديز، حيث صوتوا لانتخاب رئيسة يسارية، زيومارا كاسترو، بأغلبية ساحقة العام الماضي، حيث تولت المنصب الشهر الماضي، بدعم قوي من الولايات المتحدة، لكنها تواجه احتمالات مروعة في معالجة الفساد المستشري في البلاد.

وقال سلفادور نصرالله، نائب الرئيسة: "سيكون الأمر صعبًا حقًا، تجار مخدرات في الهياكل المؤسسية للبلد، في الوزارات، في المحكمة العليا... هندوراس مثال حي لدولة المخدرات".