مفضل لدى أمريكا وأثار حفيظة باكستان... برادار صانع صفقات طالبان
مع إعلان طالبان حكومتها الجديدة، شغل برادار منصب نائب رئيس الوزراء، ليبرز اسمه على سطح الإعلام الدولي مجددًا

ترجمات – السياق
يُعَدُّ الملا عبد الغني برادار، القائد العسكري المتمرِّس الذي ينتهج معتقدات دينية متشدِّدة، أحد مؤسسي طالبان، فبعد خروجه من سجون باكستان، أدار أربع سنوات من المفاوضات مع واشنطن، انتهت بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، في 31 أغسطس المنصرم.
ومع إعلان طالبان حكومتها الجديدة، شغل برادار منصب نائب رئيس الوزراء، ليبرز اسمه على سطح الإعلام الدولي مجددًا.
ووصفت شبكة بلومبرج الأمريكية، الملا عبد الغني بردار، بأنه سيصبح القائد الحقيقي للحكومة، خصوصًا أنه كان قائدًا للحركة المسلَّحة، التي سبق أن حكمت البلاد أواخر تسعينيات القرن الماضي
ورأت الوكالة -في تقرير- أنه الشخصية الأكثر شهرة للعالم الخارجي في الإدارة الجديدة، إذ لم يظهر القائد الأعلى لطالبان هيبة الله أخوند زاده علنًا، منذ أن أصبح زعيم الجماعة عام 2016، ولا يُعرف سوى القليل عن رئيس الوزراء الجديد الملا محمد حسن.
وأوضحت الشبكة، أن برادار تبدو وظيفته الآن أكثر صعوبة، لأنه يجب عليه أن يقنع المجتمع الدولي، بأن حركة طالبان أصبحت أكثر اعتدالًا هذه المرة، حتى تحصل على المساعدات الدولية، وتكون قادرة على الوصول إلى أصول أفغانستان المجمدة في البنك المركزي الأمريكي، إذ كانت الولايات المتحدة جمَّدت ما يقرب من 9.5 مليار دولار من الأصول المملوكة للبنك المركزي الأفغاني.
وفي السياق ذاته نقلت "بلومبرغ" عن حسين حقاني، سفير باكستان السابق في واشنطن، قوله: إن برادار "سيكون طوال الوقت في مرمى المتشدِّدين من حركته، الذين لا يرون أي سبب لتغيير معتقداتهم الأساسية لإرضاء "غير المؤمنين" حسب وصفه.
صهر الملا عمر وصديق أسامة بن لادن
وأوضح كارتر مالكاسيان، الذي شارك في جولات من المحادثات مع برادار، أثناء عمله مساعدًا خاصًا للاستراتيجية لرئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، أنه يتمتع بالعديد من الصفات القيادية فهو "يمتلك الكاريزما الهادئة وليس متحفظًا، ويرحب بمحاوريه ويصافحهم بحميمية".
وتضيف "بلومبيرغ": رغم شح المعلومات عن طفولته وشبابه، فإن من المعروف أن برادار، الذي وُلد بإقليم أوروزغان وسط أفغانستان، أحد المؤسسين الأربعة لحركة طالبان عام 1994، ووُصف وقتها بأنه ثاني أهم قائد في الحركة، بعد الزعيم الروحي الملا محمد عمر، وقبل ذلك قاتل خلال فترة، شبابه ضد القوات السوفييتية والحكومة الأفغانية التي تركوها وراءهم.
وتؤكد الشبكة، أن برادار كان على صِلة وثيقة بأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، وكان صديقًا مقرَّبًا من رئيس الحركة ومؤسسها الملا محمد عمر، حتى تمت المصاهرة بينهما.
وتشير الشبكة إلى أنه خلال الإمارة الأولى لحركة طالبان، بين عامي 1996 و2001 تولى برادار، البالغ من العمر حاليًا 53 عامًا، منصب نائب وزير الدفاع، وبعد سقوط تلك الحكومة عقب التدخل الأمريكي، كان أحد أبرز المساهمين في إعادة إحياء الحركة بين عامي 2002 و2003.
ونقلت الشبكة عن أنطونيو جوستوزي، مؤلف كتاب "طالبان في الحرب" قوله: "لقد كان برادار الرجل الذي غيَّـر طالبان، من حركة يقودها زعيم استبدادي مثل الملا محمد عمر إلى حركة جماعية ".
من السجن إلى التفاوض الرابح مع واشنطن
وتتجه "بلومبرغ" -في تقريرها- إلى سبب إلقاء المخابرات الباكستانية القبض عليه عام 2010، إذ أن تفاوضه مع الرئيس السابق حامد كرازاي، بعدما بدأت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما زيادة عدد القوات الأميركية، أثار حفيظة وكالات الاستخبارات الباكستانية، التي اعتبرت حينها أن ذلك لن يصب في مصلحتها لتعتقله، حيث كان مقيمًا على أراضيها.
إلى ذلك يرى عمار سينها، السفير الهندي السابق في أفغانستان، أن تاريخ برادار في السعي للتوسط في صفقات السلام والمصالحة، يشير إلى أن لديه "مشاعر قومية" قد تزعج مؤيدي طالبان في باكستان، موضحًا: "أن تلك الميول القومية لدى برادار، كانت تجعله يهتم بإيصال مبدأ "أفغانستان أولًا" للعال،م وهو أمر لا يتوافق مع مصالح بعض الدول الأخرى.
ويضيف التقرير: رغم إطلاق سراحه عام 2012، فإنه ظل قيد الإقامة الجبرية في باكستان، قبل أن يعود بقوة إلى واجهة الحركة عام 2018 بمساعدة المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، الذي كلفه ترامب بقيادة ملف المفاوضات مع طالبان.
وتوضح الشبكة، أنه بناءً على طلب من واشنطن، رفعت باكستان، الإقامة الجبرية عن برادار في أكتوبر 2018، ليعيَّـن رئيسًا للمكتب السياسي لطالبان بقطر في العام نفسه.
ونقلت "بلومبرغ" عن مصدر كان مطلعًا على المفاوضات: “الأمريكيين شعروا لأول مرة بأنهم قادرون على التفاوض مع رجل يتمتع بالوضوح أكثر من بقية قادة الحركة المسلَّحة".
التوازن الصعب
وترى "بلومبرغ" أنه بعد عودته إلى السُّلطة السياسية الآن، فإنه يحتاج إلى التوازن بين المصالح المتنوعة لجيران أفغانستان الأقوياء واللاعبين الإقليميين، إيران والهند والصين وباكستان.
ونقلت الشبكة عن خبراء قولهم: إن برادار أظهر خلال فترة المفاوضات، أنه قادر على التعامل مع السياسات المعقَّدة في الحرب والسلام، إلا أنهم شدَّدوا على أن التحديات هذه المرة مختلفة، ومن ثم لن يكون لديه الوقت الكافي، لمنع أفغانستان من الوقوع في دوامة أعمق، من الصراع والأزمات.